أصحاب الروايات الأسطورية أبطال حقيقيون، تعاملوا مع أمور الدنيا المتقلبة وملابساتها المتناقضة بمنطق تأملى يفسر ويحلل حتى يصل إلى خلاصة العِبرة مما حدث قبل وما يحدث الآن وما سيحدث فيما بعد، ومعنى ذلك أن هذه القصص لم تُكتب لفئة عمرية معينة بل تصلح لتوعية كافة الأعمار، الرهان هنا على مَن يقرأ ما بين السطور من عظات، وقد تعلمت على مر الأزمنة حين أسقط فى قبو الحيرة بلا إطار أن أبحث فى كتاب الأساطير عن الإجابات فأجدها بمنتهى اليسر فى متناول يدى، واليوم أشارككم ثلاث قصص علها تأتيكم بالإجابات الشافية.
■ الحمار ينتصر على الثعلب:
اختلف الحمار والثعلب على لون البرسيم، قال الحمار إن لون البرسيم أصفر، بينما أكد الثعلب أن لون البرسيم أخضر، وبعد أن احتدت المناقشة ذهب الاثنان إلى ملك الغابة ليحكم بينهما، فأصدر الملك حكمًا عاجلًا بسجن الثعلب وبراءة الحمار، فاستنكر الثعلب الحكم التعسفى، وقال للأسد «أليس لون البرسيم أخضر يا ملك الغابة!؟»، فقال الأسد «نعم هو كذلك». فقال الثعلب «إذن لماذا حكمت علىَّ بالسجن وأنا لم أخطئ الرأى؟!»، فقال الأسد «صحيح أنك لم تخطئ الرأى لكنك أخطأت بحق حين جادلت الحمار فكان السجن تأديبًا لك».
■ الإمبراطور يخدع فرسانه:
يحكى أن إمبراطورًا فى اليابان كان يقوم بإلقاء قطعة نقدية قبل كل حرب يخوضها فإن جاءت صورة يقول لفرسانه سننتصر وإن جاءت كتابة يقول لهم سننهزم، لكن اللافت فى الأمر أن هذا الرجل لم يكن حظه يومًا كتابة بل كانت دومًا القطعة المعدنية تأتى على الصورة، وكان الفرسان يقاتلون بحماس حتى ينتصروا. ومرت السنوات وهو يحقق الانتصار تلو الآخر وحين تقدم به العمر وجاءت لحظاته الأخيرة وهو يحتضر، دخل عليه ولى العهد وقال له «يا أبى أريد منك تلك القطعة النقدية لأواصل تحقيق الانتصارات»، فأخرجها والده من جيبه وأعطاه إياها، وكانت المفاجأة حيث وجد الابن أن الوجهين صورة ولا وجود للكتابة، وقال «أنت خدعت فرسانك طوال هذه السنوات»، فرد الإمبراطور قائلًا «يا بنى لم أخدع أحدًا، هذه هى الحياة، عندما تخوض معركة يكون لك خياران، الخيار الأول الانتصار والخيار الثانى الانتصار أيضًا، الهزيمة تتحقق إذا فكرت بها والنصر يتحقق إذا وثقت به».
■ حكمة الحكيم الحكيمة:
كانت هناك أميرة فائقة الجمال، اعتادت الخروج صباح كل يوم إلى بحيرة صغيرة بالقرب من قصرها الخيالى لتتأمل انعكاس صورتها الخلابة على ماء البحيرة الصافية الساكنة، وذات يوم أخذت أخاها الصغير معها فى نزهة وبينما هى تتأمل صورتها وتصفف شعرها على مياه البحيرة، أخذ أخوها حجرًا وألقاه فى البحيرة وفجأة تموّج الماء واضطربت صورة الفتاة المنعكسة عليه، فغضبت بشدة وبدأت تحاول جاهدة أن توقف تموج مياه البحيرة وظلت تتحرك هنا وهناك يمينًا ويسارًا بلا فائدة ثم مر رجل كبير السن وحكيم ورأى حالها وسألها: ما المشكلة؟.
فحكت له القصة وهى تبكى، فقال لها «سأخبرك يا أميرتى الجميلة بالحل الوحيد الذى سيوقف تموجات الماء ولكنه صعب ويحتاج للصبر» فقالت: «مهما كلفنى الثمن سأفعله» فقال لها «عودى إلى قصرك الآن ودعى البحيرة حتى تهدأ وتعالى غدًا فى صباح يوم جديد وسترى أن انعكاس صورتك على مياه البحيرة قد عاد كالمعتاد» وأضاف «يا ابنتى هذه القصة ما هى إلا عبرة وعظة، والخلاصة منها أن هناك بعض الأمور التى نحاول جاهدين حلها بلا جدوى وإصرارنا على حلها فى التو واللحظة قد يجعلها تزداد سوءًا، حتى لو كانت نوايانا سليمة علينا أن نصبر حتى تهدأ الأمور فتستقر الأحوال كسابق عهدها».
التعليقات