هل سألت نفسك يوما لماذا تبدو خطوتك مستقيمة ولا يزال ظلك أعرج؟
واحدة من أفضل مكتسبات النضج والتقدم في العمر أن تشعر أنك حريص على ألا تكون في منافسة مع أحد.
أصبحت اليوم أُفَضِل أن أكون إنسان عادي!
تغيرت الكثير من الأحلام والطموحات، أصبحت أتمنى أن أكون ذات شأن في السعادة على أن أكون ذات شأن في الحياة.
الإنسان العادي يصحو وينام، يعمل ويأكل، يُعَلِم ويتعلم، يخرج من بيته ويعود إليه، يصاحب الناس ويقف بينهم وقفة رجال.
أفضل ما في الإنسان العادي أنه شخص أيقن أنه يتنافس مع نفسه في جودة العيش، لا ينظر في حيوات الآخرين، لا يهتم سوى بدائرته القريبة جدا، وجودة حياته تنحصر في البعد عن المشاحنات والمقارنات ومكتسبات الآخرين.
صديقي ماذا تفيدك أموال كثيرة وصحة معتلة؟ هل تستبدل أي نعمة رغبت فيها منذ عشرات السنين بأحد من أبناءك؟ هل أفادك حقا نظرتك لما في جعبة غيرك، أعني هل أضافت لرصيدك سوى سواد الوجه وتنغيص الحياة؟
لا أريد أن أكون أفضل شخص في عملي يكفيني أني ثابرت ووضعت كل ما أستطيع من جهد لأصل إلى بغيتي. لست مسؤولة عن النتائج فهي فتح من الله لمن يشاء.
لا أريد أن أكون أفضل كاتبة ولا يشغلني أن تخَلّد كلماتي، كل ما يحركني أن أكون صادقة في ما أكتب وأترك خلفي ما يعبر عن الجهد الذي بُذل من أجلي.
لا أريد أن تكون لوحاتي التي أرسمها أفضل اللوحات، أريد فقط أن أعبر بهدوء عن مشاعري فيما أكتب وما أرسم. أريد أن يأخذني قلمي وريشتي إلى مكان أفضل.
إن الفن والكتابة إذا لم تجعلنا نلوح في دنيانا بشكل أفضل فلا حاجة لنا إلى ممارستها.
أما مكانتي فأنا من أصنعها لنفسي، أنا من أختار دائرتي بعناية، أنا من أُبقي على من أحبني بصدق، أنا من اختار من أبذل جهدي من أجلهم فيكون الجهد المستحق في المكان المناسب، أنا من أُصاحب من يقدرني وأهرب ممن يَغْير من مكانتي التي صنعتها بجهدي.
إن الصباحات العادية واليوم العادي وعملك العادي هي أعظم ما يمكنك الحصول عليه في حياتك.
كل شيء يبدأ لابد له أن ينتهي، ما يستحق حضورك فعلا هو أن تتعلم كيف تعيش.
أحب أن أقوم من نومي وقد نمت فعلا لأني لا يُأرقني ضمير، أحب أن أدخل بيتي ويلتف من حولي سكانه مرحبين، أحب أن يكون مروري على قلوب الغرباء دعوة من القلب، أحب أن أشعر أني مرزوقة وأن الله وهبني أكثر مما استحق لأستمر في شكره إلى أن ألقاه، أحب أن أرى ما بين يدي أنا وليس ما بين يدي غيري، أحب أن أنظر في عالمي نظرة رضا لأدرك أنني تماما في المكان والمكانة التي استحقها بتوفيق الله.
ليس بالضرورة أن أكون واحدة من عشرة أشخاص عباقرة استطاعوا أن يغيروا العالم، لكني سأكون ممتنة بشدة إذا استطعت أن أكون ذات أثر جميل باقٍ على دائرة محبتي.
صديقي إن الدنيا حصّالة، فادخر لقلبك مزيد من الأيام العادية الممتلئة.
إن العافية كل العافية أن تكون بصحة مقبولة تمتلك بيت ممتلىء بالمحبة سكانه طيبون.
لا تثبت لي أنك حيّ، مارس الحياة!
إن بيت بسيط يغزوه الدفء وحياة رتيبة خالية من المفاجآت وعمر تعمّره الذكريات الحلوة هو العملة الوحيدة التي أرغب في وضعها في حصّالة حياتي.
لا يعنيني أن يعقب نجاحي تصفيق مدوي، لا يشغلني سوى أن أظل قادرة على تجاوز المحن وخلفي من أحببته وأحبني.
قلة قليلة جدا تحبك بصدق، صديق تدرك جيدا أنه يمكنك مناداته بالليل قبل النهار، عمل بسيط مستمر يرضى به الله عنك، وذرية طيبة، هي اللقمة الهنية التي تغنيك عن موائد المُتخَمين.
أجيبك الآن عن سؤالي في أول المقال.
سيظل ظلك أعرج مهما كانت خطواتك مستقيمة لأنك لم تقدّر النعم البسيطة من حولك. بلغت من العمر ما بلغت وأنت لا تدرك أن الأشياء البسيطة العادية هي أعظم مسببات السعادة.
تغافلت بشدة عن حقيقة واحدة ثابتة في دنيانا، نحن لا نسعد بما نمتلك قدر سعادتنا أن نشارك مشاعرنا مع من يقدرنا ويرانا بالعين التي نحب أن نرى بها أنفسنا.
التعليقات