فى سبعينات القرن الماضي وبالتحديد فى منتصف العقد عام ١٩٧٥ عاشت لبنان حرب امتدت لأكثر من خمسة عشر عاما، اشترك فيها العديد من الطوائف والحكومات، دول وميلشيات، لو كان بشير وأمين الجميل فى تحالف مسيحي مع جعجع، وسعد حداد ومن خلفهم مناحم بيجين وشارون، كان أيضاً هناك كمال و ليد جنبلاط مع عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأيضاً لن تشاهد إيران الوضع دون الدخول فى حلف سواء مع حزب الله أو دعم منظمة أمل إلا أن الأخيرة كانت حليف واضح لحافظ الأسد والقوات السورية، حرب أهلية بمعني الكلمة راح ضحيتها أكثر من ١٢٠ ألف وشُرد ما لايقل عن ثمانين ألف، انتهى الصراع باتفاق الطائف، الذي كان من نتائجه الأساسية إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان واعتبارها كيان غير مرغوب فيه، أيضاً تم تقوية النفوذ الشيعي فى لبنان بنزع سلاح جميع الميلشيات عدا حزب الله، وزيادة النفوذ السوري هناك.
بعد عشرات السنين ومرور قرابة الأربع عقود يأتي الدور على لبنان وشعبها مرة أخري لتدفع ثمن غياب الإستقرار وعدم وجود حكومة مركزية قوية بدل من تلك التي تصرف الأعمال، حكومة لا يستطيع صوتها أن يعلو فوق صوت أي حركة مسلحة.
لا يجرؤ ميشيل عون أو نجيب ميقاتي أو حتى نبيه بري أن يمرر قرار واحد دون موافقة نصر الله،نظام مهلهل لا يستطيع حل أبسط مشاكل الشارع اللبناني ونتيجة لهذا الضعف أصبحت الازمات تتضاعف وتكبر دون أى حل،منذ أيام تم قتل أحد قادة حزب الكتائب اللبنانى باسكال سليمان.
اختلفت الأنباء عن الجهة التي ارتبكت تلك الجريمة ولو أن أصابع الاتهام ذهبت لاحدي العصابات السورية التى وصفت الحادث بالسرقة، أي أنه ليس طائفي او سياسي ليعود بنا وبلبنان لظلمات الثمانينات.
بمجرد حدوث الحادث وتوجيه أصابع الإتهام لسوريين قد جُن جنون حزب الكتائب بما فيهم رئيسه جعجع الذي يبدو أنه تذكر ما حدث قديمًا واعتبر السوريين جميعهم أعداء، خرج أنصاره فى بيروت يهددون السوريين علنا وفى وضح النهار بمغادرة منازلهم، خرج أتباع الكتائب فى كل مكان فى الجبيل وبرج محمود وغيرها يقطعون الطرقات قاصدين أي سورى يمر ليضربوه ويجبروه هو وأهله على الرحيل، وصل الأمر أن معظم العائلات السورية فى بيروت قد لزمت منازلها فى عيد الفطر خشية انتقام هؤلاء الغوغاء.
فى غياب تام للحكومة والسلطة، تم النداء فى الشوارع واعطاء مهلة للسوريين بمغادرة بيروت، تم تكسير محالهم وسياراتهم، لن نسأل بالتأكيد عن المجتمع الدولي المشغول بشدة فى القلق مما يحدث فى غزة، فقد اثبت هذا المجتمع أن القلق قادر على صنع المعجزات !! لن نسأل عن حكومة مهلهلة أوصلت البلاد لطريق الإفلاس فهى بالطبع كما عجزت إقتصاديا ستعجز سياسياً وأمنيا.
لكن نطالب الأمة العربية والمجتمع العربي، الحكومات العربية، المنظمات العالمية، ألم يأن الأوان لفعل أى موقف إيجابي، ألم يحن الوقت للتحرك فعليا لأداء واجبكم تجاه الشعوب العربية.
هذا الشعب السوري لم يأت لبيروت للتنزه أو اللعب، لم يقطع المسافة والحدود من دمشق للبنان كي يتريض أو يتنفس الهواء العليل، بل جاء مجبراً مضطراً من قصف وحرب ضده استمرت قرابة العشرة أعوام، فليتحرك الضميى الاسلامي والعربى وينقذ أكثر. من مليون ونصف سورى من تهديدات هؤلاء المتطرفين، وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلم ولا يحقره، ولا يكذبه، ولا يخذله) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التعليقات