في ممرات الزمن، حيث تتلاشى اللحظات كحبات رمل بين الأصابع، نلتقي بوجوه من الماضي تحمل على ملامحها خرائط الأيام.
وكأني بزميلة الدرب، التي غزا التجاعيد جبينها، وانحنى ظهرها تحت وطأة السنين، تقف أمامي كمرآة تعكس صورة لم أعهدها في نفسي.
أتأملها بعين الدهشة والتساؤل، هل هذه الصورة هي الحقيقة التي تخفيها الأيام عنا؟ هل تسلل الزمن إلى ملامحي كما تسلل إلى ملامحها؟ أرى نفسي كل يوم في المرآة ولا ألحظ تلك الخطوط التي ترسم قصة حياتي، فهل أصبحت أعمى عن رؤية ما رسمته الأيام على وجهي؟
هل هيَ المرآة التي تكذب؟ أم أنّنا نصبح عميانًا عنْ تغيّرات أنفسنا؟
أتساءل في صمت، هل عندما رأتني زميلتي، هل انتابها الذهول كما انتابني؟ هل رأت فيّ صورة ماضيها أم مرآة حاضرها؟
في هذا اللقاء المفاجئ، نقف نحن الاثنتان، كشاهدتين على الأيام التي مرت بنا، كل منا تحمل قصتها في طيات وجهها، قصة لا تُروى بالكلمات بل بالنظرات والصمت. وفي هذا الصمت، تتحدث الروح عن عمق التجربة وغنى الحياة، عن الأحلام التي تحققت والآمال التي تلاشت.
وأدرك أن الزمن ليس سوى راوي قصتنا، ينقش على جبيننا علامات كل فصل مررنا به، وكل درس تعلمناه.
فلا داعي للخوفِ منْ شيخوخة الجسد، طالما بقيت روحُنا شابةً ونابضةً بالحياة.
ففي كل تجعيده حكاية، وفي كل انحناءة حديث، وفي كل نظرة مرآة لروح لا تشيخ.
التعليقات