تمثل البدايات، دائما، حكايات تستحق السرد، إنها نظرة إلى الطريق التي سلكناها، والمحطات التي توقفنا عندها، والتقاطعات التي فرضت علينا اختيار جهة ما دون سواها، وهي البدايات التي تذكرك بمن كان مثلك الأعلى، وأيقونتك الديوجينية التي أضاءت لك الطريق، وعقبات التحدي التي اجتزتها، بدموع الفرح حينا، والحزن أحيانا.
وفي الفن التشكيلي تأتي المعارض الاستيعادية لتضعك بين غلافين، فتظل تتنقل بين صفحات كتاب الحياة والألوان، لتجد أن الإزميل الذي ضرب الخشب في ستوديو النحات الأول، والريشة التي لامست الكانفاه بمرسم الفنان المبكر، والروح التي سرت في الألوان التي تبدلت عبر المراحل، ورقصة الفنان بين الضوء والظل على إيقاع خطى استهلالية متعجلة، وخطوات واثقة لاحقة، أنها جميعا تستحق السرد، والتأمل، وهو ما نفتقده اليوم: السرد والتأمل، اللذين أراهما مفتاحَيْ الخطوات التالية.
لذلك سعدت بخبر معرض البدايات.. وهو عرض لعدة دورات تبدأ بموسم المعرض بقصر الفنون، كمعرض فني يلقي الضوء على بدايات بعض الفنانين المصريين ذوي التجارب المؤثرة من أجيال مختلفة، ويفتتح يوم الأحد 5 نوفمبر 2023، باحة دار الأوبرا المصرية.
يقول المنظمون (قطاع الفنون التشكيلية) إنهم أجلوا عرض عدد كبير من البدايات للرواد أمثال محمود سعيد، وسيف وأدهم وانلي، ومختار وغيرهم، ليكونوا بالجولات اللاحقة، حيث تمثل هذه الدورة الأولى من “البدايات” مبادرة تجريبية، يقدم فيها الفنانون أنفسهم بداياتهم الحقيقية، أو بداية تطور شخصيتهم الفنية، أو بداية إحدى مراحل تجاربهم الإبداعية.
يوضح الفنان حمدي أبو المعاطي “البدايات.. عودة حقيقية إلى جذور الإبداع.. بأثر حقيقي على المراحل الفنية للفنان.. وجزء بسيط من تلك البدايات.. لكن البدايات مختلفة المفاهيم هي البدايات الحقيقية لتأسيس الفنان على الأسلوب الفني متجهاً نحو المستقبل..ولكنها بالطبع قد تكون متغيرة، فكل مرحلة فنية يمر بها الفنان هي بداية حقيقية في الرحلة الفنية. ألف شكر للقطاع الفني والإدارة المركزية للمراكز الفنية على هذا النوع من التفكير في كيفية خلق تعبيرات وفلسفات جديدة لدعم الحركة الفنية المصرية. “
يتذكر الفنان عبد الوهاب عبد المحسن أنه في آخر سنة دراسية في الجامعة ١٩٧٥/١٩٧٦ جاء لرئاسة القسم الفنان الكبير الدكتور احمد ماهررائف وقرر تغيير مناهج الدراسه وتحول كل الاتجاه الدراسي للحروفية لتكون هي كل مصادر الرؤيه البصرية وكذالك مصادر التعبير وعملت مشروع التخرج حسب المفهوم المفروض علينا وبعد التخرج وقعت في حيرة سنين طويلة فلا أنا مقتنع ان الحروفية هي كل الفن ولا أنا عارف أعمل اللي كنت وصلت له قبل مجيىء أستاذنا الكبير احمد ماهر رائف وقررت أرتد والبدء من جديد كأني لسه داخل الكلية بالمنهج السابق لمنهج الحروفية لكن بحيرة عشر سنوات بين اللوحات المعروضة، فشكرا لكل القائمين علي هذا الحدث المهم”
الفنانة أمل نصر أعلنت عن سعادتها بالمشاركة في هذا العرض، وفي الملصق صورة شخصية لها تعود للعام 1990 حين قدمت فيه أول معرض لها بجاليري الفنون بالزمالك، قصر عائشة فهمي. معظم صور الملصقات تمثل تلك المراحل العمرية الشابة للفنانية، وجاءت كلها بالأسود والأبيض لنقل تلك الفكرة.
الفنان أيمن لطفي يكتب إنه لا يزال يشعر بالفخر والسعادة بالعرض في قاعات الدولة وقصر الفنون لا يتغير في البداية منذ الصغر وحتى الآن. وتشارك الفنانة ريم حسن في معرض البدايات في نسخته الأولى بأحد أعمالها في متحف الفن الحديث بالقاهرة، وكان العرض الأول لهذا العمل خلال معرض جماعي لعدد من فناني الجيل التاسع عشر، وكان بعنوان 10 فنانين إسكندريين. حيث كانت من بين المعارض المستوحاة من تجربة أتيلييه مدرسة الإسكندرية للفنانين الشباب في ذلك الوقت.
يرى الفنان عادل مصطفى أن المشاركة التي تسعده وتشرفه تجمعه مع نخبة من أوائل الأكاديميين أثناء دراسته بالكلية. وكذلك يشارك في المعرض – الذي يشرف عليه الفنانون د. وليد كنوش ود. علي سعيد ومحمد إبراهيم توفيق، و يستمر حتى 23 نوفمبر 2023 – الفنانون عمر الفيومي، وأشرف رضا، مهنى ياؤد، وعلي حسان، ومحمد عرابي، وإبراهيم الدسوقي، وهند عدنان، وإيمان عزت، وإيمان أسامة، ومحمد أبو النجا، وأشرف رسلان، وهاني السيد، وعمار شيحة، ولينا أسامة، ومرفت شاذلي، وأسامة العبد، وغيرهم.
التعليقات