نحن الان فى غزة نعيش المرحلة الأخيرة من خطوات الإبادة الجماعية، تلك العملية التى تتم على عشر مراحل، بداية من التصنيف، الترميز، التمييز، التجريد من الإنسانية، التنظيم، التباعد التحضير، الاضطهاد، الإفناء، وأخيرا الإنكار.
بالطبع لا تسير العملية في خط مستقيم، إذ يمكن أن تحدث مراحلها بشكل متزامن. لقد عان الفلسطينى من مرحلة "التصنيف"، وهى معاملتهم على أساس الإثنية أو العرق أو الدين أو الجنسية. وتزامن ذلك مع مرحلة "الترميز" وأطلقوا الأسماء والرموز على الفئات التي صنّفوا بها الفلسطنيين. التصنيف والترميز لا يؤديان بالضرورة إلى الإبادة الجماعية إلا إذا نتج عنهما التجريد من الإنسانية. وحينما اقترنت الرموز بالكراهية، وكذلك الخطابات المفعمة بالترهيب.
مارس الصهاينة فعل "التمييز" بكل أشكاله على أصحاب الأرض الفلسطنيين، باستخدام القانون الخاص بهم والعادات والسلطة السياسية لحرمان الفلسطنيين من حقوقهم، حدث هذا من قبل إيديولوجية إقصائية تحرم الفلسطنيين من حقوقهم. وتشجع الإيديولوجية الاحتكاروممارسة القوة. وأقترنت الأفعال الصهيونية بالتجريد من الإنسانية، بحيث سوّى الفلسطنيين بالحيوانات، وأستخدموا المنشورات الدعائية والإذاعية التي تحث على الكراهية من أجل الحط من قدر الفلسطنيين..وللأسف أمريكا والمجتمع الدولى الموالى للصهاينة خلط بين التحريض على الإبادة الجماعية وحرية الرأي والتعبير العلني.
دائمًا ما تكون الإبادة الجماعية منظّمة، بالعادة من قبل الدولة، وتستخدم الكثير من الحجج لارتكابها في غالبية الأحيان من أجل التمكن من نفي مسؤولية الدولة عنها. كما توضع الخطط لارتكاب عمليات القتل والإبادة الجماعية. يتم اقران أعمال الإبادة الجماعية كما حدث فى غزة بحجة الدافع عن النفس .
يبدو أننا على مشارف عصر "الحرب الشاملة". فلم تفرق الألة العسكرية الصهيونية بين المدنيين من غير المقاتلين وبين حماس. مسببة جرائم حرب واسعة النطاق.. تدفقت الأسلحة إلى اسرائيل ؛ وجاء بايدن اليها ليسهل أعمال الإبادة الجماعية.
تستخدمة خطوة "التباعد" بحرفية تعمد الصهيونيين إلى إبعاد الفلسطنيين عن أرضهم، وتعمّدوا ترهيبهم ولذلك فإن المدنيين أول من تعرض للاعتقال والقتل. وسن الكيانى الصهيونى المسيطرة قوانين و مراسيم الطوارئ التي تمنح لهم السلطة الكاملة للقضاء على العزل المستهدفين وتآكلت قوانين الحقوق المدنية الأساسية والحريات؛بجعلهم غير قادرين على الدفاع عن النفس، و فرض العقوبات.
تعمدت أسرائيل في غالب الأحيان إلى تستير نواياها خلف عبارات ملطّفة، فوصفت أهدافها من"التطهير العرقي" "بمكافحة الإرهاب." وغرست في أذهان العالم الخوف وومارسة دور الضحية. وغالبًا ما تحجج قادتها بالادعاء القائل "إذا لم نقتلهم قتلونا" ؛ مموهين الإبادة الجماعية بأنها دفاع عن النفس. مع زيادة في الخطابة الملهبة للمشاعر الكراهية والدعاية.
للأسف مؤخرا تم تحديد الضحايا المستهدفين وفصلهم على أساس هويتهم الإثنية أو الدينية، ووضعت لوائح القتل. في حالات الإبادة الجماعية التي أرتكبت بدعم من أمريكا والغرب، فسلب من أهل غزة ملكياتهم، ويحولون فصلهم عن باقي السكان في أحياء فلسطين، محاولين طردهم الى سيناء، وعندما فشلت الخطة يحاولون ضربهم بالمجاعة حيث يتم تجويعهم. فيتم تحريمهم عمدا من الموارد مثل المياه أو الطعام من أجل تدميرهم شيئا فشيئا ليتم تنفيذ التهجير القسري .
أصبحت حقوق الإنسان أكذوبة أجهضت من خلال عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب والتهجير القسري. وهنا تبدأ المجازر الإبادية، وهي تعتبر أعمال إبادة جماعية لأنها تقضي عمدًا على قسم من المجموعة المستهدفة. يراقب الجناة ما إذا كانت هذه المذابح تؤدي إلى أي رد فعل دولي. إن لم يكن، يقومون بإبادة جماعية أخرى.
هنا يبدأ الإفناء ويتحول سريعًا إلى قتل جماعي يعرف قانونيًا باسم "الإبادة الجماعية". بالنسبة للقتلى، تسمّى هذه العملية "إفناء" لأنهم لا يعتبرون ضحاياهم كائنات بشرية تمامًا. تظهر أعمال الإبادة الجماعية كيفية مدى تجريد إنسانية الضحايا. يتم تمزيق أشلاء الجثث؛ وكذلك تدمير الممتلكات الثقافية والدينية للقضاء على وجود مجموعة من التاريخ. ويتم قتل كل الرجال في سن القتال. خاصة إذا ما كانت الأمم المتحدة عاجزة عن التحرك.
ونحن الأن فى مرحلة الإنكار التى تشكل المرحلة الأخيرة التي تدوم طيلة مدة الإبادة الجماعية وتأتي دائمًا في أعقابها، لا بل يعد من أكثر المؤشرات تأكيدًا على حدوث المزيد من مجازر الإبادة. ويعمد مرتكبوا الإبادة الجماعية إلى إخفاء الأدلة وترهيب الشهود. وينكرون أنهم ارتكبوا أي جرائم ويلقون غالبًا اللوم في ما حصل على الضحايا.
التعليقات