فى ذكرى نصر أكتوبر من كل عام، تتبارى الأقلام للإشادة بالقادة الأبطال الذين قاموا بواجبهم وضحوا بأرواحهم فى سبيل رفعة الوطن وإعلاء شأنه، إلى جانب أسرهم التى تحملت عناء ما تركته الحرب من آثار جسيمة، من استشهاد خيرة أبنائها، وإصابة البعض الآخر بعاهات مستديمة.. وإلى الآن يتم الكشف عن المزيد والجديد من البطولات الفردية والجماعية التى التحمت كالهيكل الخرسانى لصد هجمات العدو من كل صوب وجهة لاسترداد كرامة أراضينا المسلوبة.
وكما فعل أبطالنا على الجبهة، كان هناك أبطال آخرون على جبهات مماثلة يدافعون بكل طاقاتهم ويحفزون الجموع لمواصلة التصدى والفوز بالانتصار.. كان أطباء مصر من الجيش الأبيض كتفًا بكتف بجوار الجنود المقاتلين يتحركون أسفل النيران بالعلاج والدواء.. وكان سلاح المهندسين يتسابقون لإنتاج المعدات والأسلحة بدلًا من استيرادها وصيانة الدبابات والطائرات والمركبات، إلى جانب إنشاء حوائط للصواريخ وكبارى على القناة وممرات وشبكات طرق لتحقيق أقصى كفاءة عسكرية فى خداع العدو وتشتيته.
كما ساهم القطاع العام من عمال وموظفين فى تأمين الجبهة الداخلية تزامنًا مع معركة الانتصار.. كذلك تعاون النجوم والنجمات وخلعن فساتين الفن وارتدين ملابس التمريض وتطوعن فى الهلال الأحمر عدة شهور لمساندة أبطالنا، وكذلك المطربون والملحنون والكُتاب والشعراء شاركوا بكل إمكانياتهم لنقل تفاصيل المعركة الباسلة بالصوت والصورة لشحذ الهمم ومؤازرة الجموع ثم الاحتفاء بالنصر الكبير.
هذا ما فعله آباؤنا العظام، ماذا نفعل نحن ليظل نصر أكتوبر (مِكمل) على فئات الشعب كلها.. الإصرار على حتمية العبور من التكاسل والتخاذل والاستهتار إلى قمة النشاط والعزم والتفانى فى تحقيق المزيد من الانتصارات لمصرنا، على سبيل المثال:
• أنا كمدرس لابد من من إدراكى أهمية العبور من هزيمة الأساليب التقليدية فى التعليم إلى نصر الإلمام بالطرق الحديثة فى التدريس.
• أنا كطبيب لابد من إصرارى على أهمية العبور من هزيمة الإهمال الصحى إلى التحلى بنصر الرعاية المتميزة.
• أنا كمهندس لابد من مبادرتى فى التصدى لهزيمة الغش فى الأساسات لتحقيق نصر العبور فى البناء الآمن.
• أنا كرجل أعمال لابد من قيامى بمواجهة هزيمة الفساد للعبور إلى نصر الشفافية والتعاون الاستثمارى.
• أنا كموظف لابد أن أعبر هزيمة التراخى والتواكل إلى نصر الاجتهاد والإنجاز.
• أنا كعامل لابد أن أعبر من هزيمة التقصير والفهلوة إلى نصر الجدية والالتزام.. وهكذا، كحرفى وكصنايعى وكفنى، كلٌّ فى مجاله وموقعه، لابد أن يجتاز خط بارليف من المعوقات والتحديات كما فعل جنودنا البواسل بكل الطرق والسبل، لأن مهنة كل منا هى سلاحه الذى يدافع به عن وطنه واستقراره ورزقه، فالعبور الكبير حدث بالفعل من نصف قرن.
والدفاع عنه كان وفق خطة استراتيجية مُحكمة ومدروسة ومكتملة البنيان والهدف النبيل، وهى حتى وقتنا هذا تُدرَّس فى الأكاديميات الكبرى فى جميع أنحاء العالم عن عظمة تفوّق عبور خط بارليف الذى كان لا يُعبر ولا يُقهر ولا يُهزم، وتم عبوره وقهره وهزيمة صانعه وكل مَن خلفه شر هزيمة، وعلينا الآن نحن أبناء الحاضر أن نعبر نفس ذات العبور المشرّف ولا نعيش فى جلباب أمجاد الماضى، بل نجتاز كل الصعوبات لتحقيق نصر الحاضر وآفاق المستقبل.
لو كل واحد بحث فى ملفه الشخصى والمهنى عن الخلل والتقصير الذى يتصف به تجاه المسؤولية المكلف بها، ونجح فى تعديله وتطويره، وتفوق وتميز فى عبوره سيتجدد النصر كل عام، ليس فى أكتوبر فقط وإنما فى كل الشهور والعهود القادمة بإذن الله.
التعليقات