فرضت (السوشيال ميديا) على النجوم التواجد الدائم، عبر كل الوسائط الاجتماعية، وكانت النصيحة التى تُقدم لنجوم الزمن الذى دأبنا على وصفه بـ(الجميل)، أن يحيطوا أنفسهم بأوراق سوليفان، مع يافطة مكتوب عليها (ممنوع الاقتراب أو اللمس).
أم كلثوم كانت نموذجا صارخا لهذا التوصيف، ومن الممكن أن نذكر أيضا من الجيل التالى كلا من المطربتين فيروز ونجاة، أحاديثهما عبر الإعلام شحيحة جدا، وربما آخر صورة رأيناها لنجاة قبل نحو عامين، عندما كانت العمارة التى تقطن بها مهددة بالسقوط،، كما أن آخر صورة شاهدناها لفيروز، قبل نحو أشهر قليلة فى الكنيسة، مع أبنائها تؤدى الصلاة.
نجم نجوم الزمن الماضى (الدونجوان) رشدى أباظة، كان يحرص على أن يتناول إفطاره على الأرض مع (الكومبارس)، جزء كبير من معاركه مع المنتجين تكتشف أنها ليست من أجل زيادة أجره ولكن لدفع حقوق (الكومبارس) الذين اشتكوا إليه لأن المنتج لم يدفع لهم باقى أجورهم الزهيدة.
بلغ حب رشدى للكومبارس، وأيضا حبهم له، أنه قد أوصى فى فترة ما من عمره بأن يوارى جسده التراب فى (نزلة السمان)، حيث كان يقيم هناك عدد كبير من هؤلاء البسطاء، كان يقول إنهم فقط سوف يزورون قبره بينما الآخرون ربما سيتجاهلون حتى أن يترحموا عليه، واقعيًا دفن رشدى أباظة فى مقبرة خاصة به، ولكن ظلال الحكاية تشير إلى أى مدى كان حريصًا على أن يرتبط وجدانيًا بهؤلاء البسطاء الأوفياء.
ما كان يؤرق أم كلثوم دائما هو أن يعرف الناس حياتها الشخصية، أقصد الجانب العاطفى، ما دون ذلك لم يكن يفرق معها، وعندما كان يوسف شاهين بصدد تقديم فيلم (ثومة) نهاية الستينيات، وافقت على أن يقدم كل تفاصيل حياتها، ما عدا مشاعر أم كلثوم الخاصة، رفضت تماما الاقتراب منها كامرأة، كانت تصر على التأكيد أنها كانت ولا تزال فى حياتها تلك الفلاحة البسيطة، وعندما سألتها إحدى المذيعات بعد زيارتها لدولة عربية هل أكلت بيديها؟، جاءت إجابتها قاطعة: (أنا فلاحة ومن عاداتنا أن نأكل بأصابعنا).
البساطة فى كل التفاصيل، هى عنوان الحياة، وهو ما يصدقه الناس، هل شاهدتم مرة أم كلثوم على متن طائرة خاصة؟، ألم تركب (الست) فى حياتها طائرة خاصة؟، يقينًا حدث ذلك عشرات المرات، وهو ما تكرر- مؤكد- مع عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وفيروز ووديع الصافى وفاتن حمامة ويسرا وليلى علوى وكاظم الساهر وغيرهم، ولكن ما هو الدافع لكى تلتقط لهم هذه الصورة؟.
الزمن تغير، الناس أصبحت تتماهى أكثر مع النجم الذى يستعرض حالة الغنى الفاحش، وهكذا وجدنا نجما يتباهى على الملأ بأنه يلقى أموالا فى حمام السباحة، ونجمة تستعرض ماركة الحقيبة والساعة والحذاء، وثالثة تقول أنا حلوة وعارفة إنى حلوة وحقيقى أتحب.
هل صارت أحلام الثراء السريع وبلا مجهود هى الحلم، والتباهى بما نملكه أو ما أنعم به الله علينا من جمال هو العنوان؟.
هناك من التقط الحلم، وصدره بوحشية وجنون لشباب هذا الجيل (زد) الذين ولدوا فى نهاية التسعينيات، وأصبحوا يشكلون الذائقة الفنية فى كل تفاصيل الحياة، ولهذا فإن إرضاءهم، هو الهدف، إلى هؤلاء أقول، تذكروا فقط أن (الست) لم تنشر يوما صورتها فى طائرة خاصة!!.
التعليقات