كل ما ذكرته أنغام صحيح عن علاقتها الشائكة والعنيفة وجدانيًّا مع أبيها الموسيقار الكبير محمد على سليمان. جاء ذلك في حوارها على (اليوتيوب) مع الإعلامى الإماراتي أنس بوخش. ليس جديدًا بالنسبة لمن واكب مثلى هذا الزمن أن يستعيد هذه التراشقات، رغم هدوئها النسبى في السنوات الأخيرة. كان سليمان كما ذكرت أنغام بالضبط نموذجًا للأب القاسى الذي لا يترك مناسبة إلا وينهال بالتجريح على أقرب الناس إليه، حتى ملابسها لم تسلم من سخرية الأب، كان (المانشيت) المتداول وقتها على لسانه (هذه مادونا وليست أنغام)، وقبلها ببضع سنوات كرر الهجوم ضد شقيقه الصغير المطرب الراحل عماد عبدالحليم، وكان دائم التشنيع عليه بسبب إدمانه، حتى رحل منتصف التسعينيات على الرصيف بسبب جرعة زائدة.
الخيط المشترك بين عماد وأنغام أن سليمان كان يعتبرهما مشروعين استثماريين له، وليسا شقيقًا وابنة، كان يترقب أنهما مع الأيام سوف يصبحان بالنسبة له الدجاجة التي تبيض ذهبًا، وكل ما بذله من مجهود لتعليمهما وصقلهما سيحصده أموالًا.
إلا أن كلًّا منهما انطلق بعيدًا عن سيطرة سليمان، مثلًا عماد منذ الثمانينيات، كانت لديه أفكاره المختلفة في اختيار ألحانه، وغنى لآخرين بعيدًا عن سليمان، بينما أنغام حتى مطلع التسعينيات كانت خاضعة له، لا تغنى إلا ألحانه، وغالبًا من كلمات صلاح فايز منذ (فى الركن البعيد الهادى)، إلا أنها مبكرًا أدركت أن التنوع مطلوب وهناك جيل جديد لديه في الكلمة واللحن مفردات جديدة يجب أن تلتقى به، وبدأت بأمير عبدالمجيد ورياض الهمشرى، وحاولت إقناع الأب بأن يلحن لها في الألبوم أغنية أو اثنتين ويترك الفرصة لآخرين، إلا انه أراد الاحتكار، وهو ما رفضته، وتوقفت عن الغناء له.
سليمان ملحن موهوب وأكاديمى دارس، إلا أن ألحانه خارج نطاق أنغام لم تحقق النجاح، كثيرًا ما حاول أن يقدم ألحانًا لمن ينافسن ابنته، لكى يثبت أن النجاح يساوى سليمان، إلا أن ألحانه بعيدًا عن ابنته لم تصمد طويلًا في الذاكرة.
سليمان كان يسارع بالاتصال بالصحفيين لكى ينشروا على لسانه اتهامات لابنته، حتى على الجانب الشخصى، دائمًا ما كان يطعنها بأنها لم تساهم في علاج ابنه وشقيقها من زوجة أخرى، وكثيرًا ما كان يحرك شقيقتها الراحلة غنوة لكى تتهمها بالجحود، بينما كان رد أنغام المنطقى أن غنوة ابنة لموسيقار كبير من الممكن أن يدفع بابنته للقمة وهى ليست بحاجة لأحد.
محمد على سليمان حتى سنوات قليلة خلت، كان يوجه الضربات المتلاحقة لابنته، وفى الحوار الأخير لها اكتشفنا أنه وجه الصفعات أيضًا لأمها أمام عينيها.
نادرًا ما تقدم أنغام ألحان أبيها في الحفلات، حتى لو طلبها الجمهور. الاستثناء الوحيد حدث في موسم الرياض، عند تقديم ليلة عن مشوارها، وقدمت له أغنية (فى الركن البعيد الهادى)، ولم توجه له الدعوة للحضور بينما حضر الحفل أغلب الملحنين والشعراء الذين واكبوا مشوارها.
قبل نحو أربع سنوات في دار الأوبرا المصرية، قدمت الدار ليلة لأنغام، حضرتها أمها، وتعمدت ألا تقدم أيًّا من ألحانه، فكتب على صفحته (أقرب الناس إلىّ تتمنى موتى)، وبعد ذلك حذف (البوست) وقال إن هناك من دسه عليه.
هذه المرة بعد حوار أنغام على (اليوتيوب)، لم يدافع حتى عن نفسه، وعندما سألوه لم يعقب سوى أن ابنته هي الأفضل والأهم على الساحة الغنائية.
أنغام لم تغفر حتى الآن تجاوزات الأب، الفضفضة تلعب دورًا رئيسيًّا للوصول إلى شاطئ التسامح، لصالح أنغام قطعًا أن تتطهر تمامًا من مشاعر الكراهية تجاه أقرب الناس إليها، حتى تحيل الألم إلى نغم!.
التعليقات