تمتد جذور العلاقات المصرية الإيطالية؛ للفترات التي تعرف تاريخياً بشعوب البحر، وهي الشعوب التي يلعب البحر الدور الرئيسي في كل شئون حياتها، وقد بدأت العلاقات بين البلدين ثم تطورت مع دخول مصر نطاق الدولة الرومانية.
وكما يشير الكاتب الشهير "ول ديورانت" في كتابه الأشهر (قصة الحضارة) أن روما لم تكن ترى مصر ولاية تابعة لها؛ بل كانت تعدها من أملاك الإمبراطورية نفسها؛ وبقيت مصر جزءا من الإمبراطورية الرومانية حتى الفتح الإسلامي سنة 20 هجرية.
وعلى الرغم من الحروب المستمرة؛ بين الدولة الرومانية والمسلمين فإن النشاطات التجارية لم تتوقف بين مصر والرومان، حتى أن الدينار الروماني ظل معمولا به حتى بدأ المسلمون صك العملة الخاصة بهم في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان الذي أمر بصناعة العملة الذهبية عام 74 هجرية.
رصد المؤرخون استمرار التفاعل الثقافي بين إيطاليا ومصر بعد الفتح الإسلامي، فخلال عصر النهضة كانت المدن الايطالية هي المعابر التي انتقل من خلالها العلم العربي إلى أوروبا.
ومنها على سبيل المثال انتقال اكتشاف الدورة الدموية عبر مدينة بادوا الإيطالية إلى أوروبا بعد ترجمة كتاب ابن النفيس (القانون في الطب) للغة الإيطالية .
وفي العصر الحديث ظهرت الصلات العميقة بين إيطاليا ومصر في عدة مجالات؛ منها الحضور المميز والكثيف للجالية الإيطالية في مدينتَي الإسكندرية والقاهرة في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ومنها أيضاً الحركة النشطة للاستشراق الإيطالي، وهي حركة امتدت لقرون طويلة مازالت مستمرة حتى اليوم.
وخلال النصف الثاني من القرن العشرين ضعفت الصلات بين البلدين لأسباب سياسية في جوهرها حتى جاء المشروع العالمي لإحياء مكتبة الإسكندرية والذي حصل علي دعم إيطالي كبير .
ولم يقتصر هذا الدعم على المستوى الحكومي فقط؛ بل امتد للمؤسسات الإيطالية والأفراد، وكل ذلك يعد مؤشرات دالة على مستقبل طيب للعلاقات الوثيقة بين البلدين.
على الصعيد الإقليمي، ان الدولتين تنسقان جهودهما الجادة بشأن القضايا الإقليمية المختلفة، التي تفرض تحديات مشتركة مثل الملف الليبي والهجرة غير الشرعية.
وموضوعات مكافحة الإرهاب، حيث تحرص إيطاليا على التنسيق مع مصر لتعزيز الأمن الإقليمي، وهو الأمر الذى يجسد الحرص المتبادل على ترسيخ التشاور المشترك حول الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.
فى ظل التحديات الأمنية وتنامى ظاهرة الإرهاب، كما يتطلع الجانبان للارتقاء بأطر التعاون وآليات التنسيق في هذا الشأن وتدعم الحكومة الإيطالية مصر في حربها ضد الإرهاب.
كما يوجد تقارب كبير في التوجهات بين القاهرة وروما في القضايا المتصلة بأمن البحر المتوسط، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتحديد السياسات التي يتعين اتخاذها من أجل مواجهة تصاعد التيارات الأصولية المتطرفة، سواء في منطقة القرن الأفريقي أو شمال أفريقيا، وانعكاساتها على أمن البحر المتوسط.
يعد الموقف بشأن الوضع في ليبيا على درجة عالية من التوافق حيث إن الدولتين ؛تتأثران بما يجري في ليبيا وتعملان على دعم جهود بناء الدولة الليبية ومنع سقوطها بيد التنظيمات الإرهابية،
وتتفق الدولتان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ؛على ضرورة الرجوع لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وان تكون القدس عاصمة لها.
كما تدرك ايطاليا الجهود المصرية المبذولة ازاء تطورات القضية الفلسطينية، مع الأطراف الإقليمية والدولية لوقف عمليات التصعيد وتشجيع الأطراف على استئناف المفاوضات؛
واعادة أطلاق عملية السلام؛ ومسار الرعاية المصرية لعملية المصالحة الفلسطينية.
تتفق الرؤى بين القاهرة وروما بخصوص الاوضاع في القارة الافريقية، وخاصة منطقة القرن الإفريقي والصومال، بشأن سبل دعم الاستقرار ومكافحة الإرهاب؛ والهجرة غير الشرعية والتهريب في تلك المنطقة التي تهم البلدين.
مصر وايطاليا يمتلكان إمكانات ومساحات هائلة من فرص التعاون المشترك؛ التى من شأنها فتح آفاق مستقبلية للعلاقات على مستويات إستراتيجية سواء ثنائياً او اقليميا أو دوليا؛
والتأكيد على رغبة الحكومة الإيطالية في ترسيخ ودفع هذه العلاقات خلال المرحلة المقبلة.
بالإضافة إلى استمرار التنسيق إزاء القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ظل الدور المحوري؛ الذي تضطلع به مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط عكس اللقاء الاهتمام المتبادل؛ بتطوير مجالات التعاون المشترك خلال الفترة المقبلة.
تناول العلاقات الثنائية بين مصر وإيطاليا ؛في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، كما تم مناقشة عدد من القضايا الإقليمية التي تهم الجانبين؛ وفي مقدمتها الأوضاع في ليبيا وتطورات القضية الفلسطينية وقضية سد النهضة.
حرص الحكومة الإيطالية على ترسيخ ودفع هذه العلاقات، بالإضافة إلى استمرار التنسيق إزاء القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً في ظل الدور المحوري الذي تضطلع به مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط.
التعليقات