التقبل هو واحد من أهم الصفات التي يجب أن نمتلكها لنستطيع العيش بسلام بين البشر. فالحياة ليست سهلة دائمًا ونزيدها نحن صعوبة .
وليس من العقل أبدًا أن نتوقع أن هناك من خلق كاملًا أو يتناسب معنا بشكل مطلق أو أن هناك من أوجد على الأرض مثاليًا. فكلنا خطاؤون، كلنا نمتلك من جميل الصفات وسيئها... المعادلة الصحيحة هنا أنه كلما ذادت قدرتنا على التقبل للآخر كلما زادت العلاقات قوة. مع وضع في الاعتبار القاعدة الثابتة في التقبل الكامل للأشخاص دون محاولة تغييرهم أو السعي لأقامه علاقة جزئيه بناء على ما يلائمنا من صفات لديهم. فالبشر لا يمكن تغييرهم بمجرد طلبنا منهم القيام بذلك مهما زاد الغلاوة والتقدير.
فلنسأل؟! هل تتعامل مع كامل الشخص أم أنك تتعامل مع جزء منه فقط؟! هل تتعامل مع الجزء الطيب متناسيا الجزء السيئ منه؟! أم تحكم علي الجزء السيئ منه ولا ترى الجزء الطيب , متناسيا ما يملك من تفاصيل شخصية قد تقبلها أحيانا؟!
هل تقسمه كالكيك إلى أجزاء صغيرة تأخذ منهم قطعه وتترك الباقي مهما بلغت أهمية هذا الشخص في حياتك , حبيبك كان، صديقك، أو لعله أخوك . فتتعامل معهم كنسب مئوية , 50 % من هذا، وذلك فقط 30 % والآخر 40 %... وهكذا.
إن المتأمل في واقع حياة الناس يجد أن لكل منهم شخصية مختلفة وبصمة لا تقارنه بغيره من البشر تعتمد على ما مر به من تجارب وما بنيت عليه شخصيته... فرؤيته كاملة حق... وتقبل اختلافه حق ... واستيعاب التناقض بينه وبين نفسه أحيانًا، وبيننا وبينه كثيرًا حق... السماح بالحيرة والتيه لنا ولهم حق. فلسنا دائما الأقوياء ذوي الهامات العالية،، ولسنا أيضا الضعفاء الذين نمتلك من الصفات السلبية مالا يعد ويحصي... لسنا شياطين وأنتم ملائكة ولا العكس. كلنا تحت عداد البشر...
إن الرؤية الأحادية من أحد الجوانب تؤذي دائما. تشوه العديد مما لدينا من حلو الصفات والمعاني،، بل قد تقتل أحيانا...
و الرؤية المتسعة الفسيحة التي تحتوي كامل الأشخاص بما ينتابهم من لحظات ضعف وحيره تسمح لصاحبها بالاستمتاع بحياة كاملة مع الكل ، يسمح لنفسه أن يعيش لنفسه ولغيرة أيضا . يسمح لنفسه بالتجربة والخطأ والتغير، ويسمح لغيره أيضا بأن يجرب ويخطئ ويتعلم.
صاحب التعامل مع الجزء ضيق الأفق يحكم ولا يرى سوى قناعاته. وصاحب التعامل مع الكل يتحمل ويرى ويسمع ويتقبل.
فالأول لا يعطي لنفسه إيه فرص له أو لغيره، والثاني كل يوم بل كل ساعة بل كل لحظة هي فرصة جديدة لإشراقه للحياة لا تعوض . وكل شخص بالنسبة له هو علم ومعرفة ومغارة مليئة بكنوز لامتناهية .
ولا أعني أبدا تقبل كل الصفات وكل الطبائع التي قد لا تتناسب إطلاقا مع قيمك وأخلاقك، أو قد تتعارض مع بعض المبادئ والقوانين التي وضعتها أنت لنفسك وحياتك. فمن حقك أنت أيضا أن تختار الأشخاص اللائي تغوص معهم في علاقاتك. وتملك من القناعات ما يمكنك من التعامل معهم. أو الجأ للبديل الفوري بتسطيح هذه العلاقة لأقصى حد أو الامتناع عن التعامل وليس بتكوينيها أو بالتعامل الجزئي.
الآن آن الأوان لتعرف من أنت؟ اسأل نفسك مرة أخرى؟!
هل تقبل الاختلاف والتناقض داخلك وداخل غيرك؟
ما هو مقدار ما تحكم به على نفسك وعلي الآخرين وما مقدار ما يسبب من ضيق أفق للتعامل؟
ما موقفك من أخطائك وأخطاء الآخرين؟
هل عندك استعداد كل ساعة وكل يوم للبداية مرة أخرى؟
اكتشفت الآن من أنت... وقت قرارك قد أتى أيهما ترغب أن تكون. ولكن تذكر قدر الراحة والاستمتاع بالتقبل الكامل وعدم البحث المضني عن الكمال... فلا كامل ولا كمال على الأرض يا صديقي...
التعليقات