ولدت الفنانة (عزيزة أميرة) مفيدة محمد غانم – اسمها الحقيقي- في 17 ديسمبر 1901 بطنطا لأسرة فقيرة، وعاشت يتيمة منذ قدومها للحياة حيث توفي والدها بعد ولادتها بـ 15 يوم.
وبعدها عادت أسرتها إلى الإسكندرية لتقضي طفولتها بها ثم انتقلت إلى القاهرة وتحديدا بالقرب من حي السيدة زينب والتحقت بالمدرسة هناك، لكنها لم تكمل تعليمها المدرسي.
ورغم تركها المدرسة إلا أنها أدركت أهمية التعليم وأكملته من خلال الدراسة المعرفية بتعلم مبادئ الموسيقي لأنها تمنت أن تصبح موسيقية، وتعلمت أيضا اللغة الفرنسية.
نشأتها الثقافية في كنف أحد السياسيين
رغم حظها العاثر في التعليم النظامي، إلا إنه كان حليفها لما تولى رعايتها أحد الشخصيات السياسية المعروفة وقتها، والذي يقال أنه تزوجها فترة ثم انفصلا بسبب فرق السن الكبيره وبسبب زوجته الأولى وأولاده.
وفي الفترة التي قضتها عزيزة مع هذا الرجل، أثقلت خبراته ذكائها ومهبتها الفطرية، واهتم الرجل بتعليمها وتثقيفها، كما اصطحبها معه في سفرياته إلى أوروبا لتطلع على ثقافتها وفنها هناك،
وخلال تلك السفريات تعرف عزيزة على المخرج العالمي “دافيدوارك جريفيت، والذي أنشأ السينما الهوليوودية، وعرض عليها الظهور معه في أحد أفلامه العالمية، لكن لم يحالفها الحظ في ذلك المشروع.
وساعدتها تلك العلاقة على اتساع مداركها وأفق تفكيرها فأحبت الأدب والفن وترددت على المسارح واستوديوهات السينما.
بدايتها الفنية من المسرح
عند عودتها إلى مصر 1952، تقدمت عزيزة أمير إلى لمسابقة اختيار وجوه جديدة للمسرح من خلال فرقة رمسيس المسرحية وصاحبها يوسف وهبي.
وأرسلت طلبا ليوسف وهبي تطلب منه منحها فرصة للعمل في فرقته ، وأعجب وهبي بجرأتها ونسب إليها أول أدوارها المسرحية “الجاه المزيف”.
وبذلك تكون عزيزة قد بدأت ممارستها للفن من خلال مسرح يوسف وهبي وفرقته المسرحية ” رمسيس، وهو أيضا من اختار اسمها الفني
لم تستمر عزيزة في فرقة وهبي وعملت معه موسم مسرحي واحد، لأن زوجته الإيطالية ظنت بوجود قصة حب بينهما وهددتهما بالقتل ضربا بالرصاص إن لم تبتعد عنه.
وبعد هذه المرحلة تناقلت “أمير” بين الفرق المسرحية مثل فرقتي “شركة ترقية التمثيل العربي” و نجيب الريحاني، ثم عادت إلى فرقتها الأم مع يوسف وهبي.
أول بطولة مسرحية
وقامت “أمير” ببطولة مسرحية “أولاد الذوات”، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي، كانت مرشحة لتمثيل دورها فيه، إلا أن الدور قد ذهب إلى الفنانة أمينة رزق.
ولعبت الدور الرئيسي في مسرحية “أهل الكهف” أثناء افتتاح الفرقة القومية عام 1935، وكانت وقتها الأعلى أجرا بين النجمات.
صاحبة اول شركة سينمائيةفي بداية عام (1926م)، جاء إلى القاهرة الفنان التركي ””وداد عرفي”، والذي اقترن اسمه دائما بتاريخ نشأة السينما المصرية، بالرغم من أن جميع محاولاته في هذا الميدان كانت مجرد مشروعات بدأ بتنفيذها ثم قام بإتمامها غيره،
وكان له الفضل في إقناع عدد من السيدات المصريات بالنزول إلى ميدان الإنتاج مثل عزيزة أمير ـ فاطمة رشدي ـ آسيا داغر ؛وقامت بعدها عزيزة بسماع النصيحة وأنشأت بنفسها شركة سينمائية تحت اسم إيزيس، لتنتج أول فيلم لها اسمه: نداء الله ، لكنه لم يكلل بالنجاح.
وصفها رائد الاقتصاد طلعت حرب بانها “نجحت فيما فشل فيه الرجال”، وذلك عند حضوره حين حضر افتتاح فيلمها ليلى عام 1927، وهو أول فيلم روائي طويل مصري، حضر حفل افتتاحه وقتها الكثير من نجوم المجتمع ومنهم أمير الشعراء أحمد شوقي.
كررت عزيزة نجاحها بإنشاء مجمع أستوديو هليوبوليس وإنتاج ثاني أفلامها بنت النيل. لتصبح بذلك أول مخرجة امرأة في الوطن العربي، كما لها الفضل في إطلاق أول فيلم مصري، ولكنها لم توفق حين طرحت فيلم كفري عن خطيئتك عام 1933 والذي كلفها خسائر فادحة -كونه فيلما صامتا بعد انتشار السينما الناطقة- ما دفعها لإغلاق شركتها.
لقبت بأُم السينما المصرية، وألفت 16 فيلما، وقامت بمونتاج فيلم ليلى بنفسها، وهي الصانعة ومكتشفة المواهب أيضا حيث اكتشفت وقدمت الكثير من النجوم في أعمالها، وأنتجت من خلال شركتها التي أسستها مع زوجها الفنان محمود ذو الفقار ما يقرب من 25 فيلما.
اهتمت عزيزة أمير بتقديم قضايا مختلفة، ففي فيلمها “بنت النيل” انتقدت تنميط النساء بشكل عنصري بأنهن رجعيات، وكان لها السبق في تقديم مسرحية “بيجماليون” للكاتب جورج برناردشو والتي حوّلتها للسينما من خلال فيلم “بائعة التفاح” الذي قامت ببطولته في عام 1939، وهي القصة التي قدمت لاحقا في السينما والمسرح وأشهرها مسرحية “سيدتي الجميلة”، من خلال بائعة التفاح التي يقوم أحد الأثرياء الذي يراهن على تحويلها سيدة مجتمع أرستقراطية وينجح في تجربته.
وفي فيلم “الورشة” عام 1940 انتصرت عزيزة أمير للمرأة التي تقرر أن تدير ورشة زوجها الذي يظن الجميع أنه مات، فكانت أول فنانة أيضا تظهر في ثوب الرجال، وأجادت أيضا تقديم الشخصيات التراجيدية المختلفة.
توسعت أعمال عزيزة أمير السينمائية، فشاركت بفيلم فرنسي في عام 1939 بعنوان “الفتاة التونسية”، والفيلمين التركيين “الكاتب المصري” و”شوارع إسطنبول” عام 1932.
لم تحقق حلمها بالأمومة، ولكنها كانت دائما تقول ليس صحيحا أنني لم أنجب بل أنجبت بنتا واحدة اسمها السينما المصرية.
توفت عزيزة أمير في 28 فبراير عام 1952، بعد مشوار فني امتد لحوالي ربع قرن ؛واخر أعمالها الفنية فيلم "آمنت بالله" والذي لم تكمل تصوير دورها به لكن صناعه اكتفوا بوضع باقة من الورد بدلا منها تعبيرا عن مكانتها.
التعليقات