إن أفضل الأثر الذي يعبر عنك بطريقة لا تدع مجالا للشك هم أبنائك.

أرى أن الأمومة من أفضل النِعم التي يمكن لأحد أن يحظى بها. 

الحَمْل معجزة الله على الأرض، يحول أكثر الكائنات الحية غطرسة ولا مبالاة إلى كائن مرهف المشاعر لا يتحمل نسمة الصيف العابرة على وليده.

 دب نبض الحياة في أحشائي وقد كان عمري إثنان وعشرون عامًا، ومن وقتها فقدت الطريق لقلبي. أصبحت زائرة لنفسي أرى السعادة من خلال ستة أعين تسكن في وجوه أعز الناس.

كيف لشخص أن يذوب كليا في من فُطِر على حبه؟ كيف أتفهم هرولة الأم تجاه أبنائها طوال عمرها على قدميها أو حبوًا على بطنها؟ كيف تتبدل داخلنا كل آلام القلق وتسقط عنا أوجاع سنوات ظللنا نصارع خلالها طواحين هواء لا نراها في الظلمات بمجرد أن يشرق النور في قلوب أبنائنا؟ وكيف يكون ما نبت داخلك أعز عليك من نفسك ودنيتك وكل من أحببت وعرفت؟

إن الوحيدان اللذان يتناسيان قلبهما مرهونان لديك طوال العمر عن طيب خاطر وبلا انتظار المقابل، هما أمك وأبيك.

لست وحدي، ولست متفردة في محبتي لأبنائي كلنا كذلك نفعل.

في الأمثال يقال أن الأمّ التي تهز المهد بيسارها تهز العالم بيمينها. أمك تحبك بكل قلبها وأبيك يحبك بكل قوته.

يسقط أي نجاح نحققه في دنيتنا في الوقت الذي نفشل فيه للوصول لأبنائنا وتوجيه بوصلتهم صوب الفلاح.

أمك هي عود المسك في دنيتك، كلما احترقت فاح شذاها، تظل على هذا الحال طالما رأتك مطمئن.

إن تلك الفطرة الإلهية معجزة لا يعرف أحد كيف يصوغها في كلمات. 

نحن ننزع الشوك عن طريق أبنائنا إلى أن يأتي اليوم الذي يتعلمون فيه كيف يرتدون الحذاء.

لا ننظر لآلام أيدينا ولا لتساقط الدماء عنها فهذا هو العنبر الثمين الذي نصنع من خلاله جمال حيواتهم.

أتعلم يا صديقي أن العنبر مادة صمغية صلبة يتم تصنيعها في الأمعاء في الجهاز الهضمي لنوع من الحيتان يسمى حوت العنبر، وقد اُستخدم العنبر في الحضارات القديمة في الطب البديل، وكجزء من البهارات، كذلك في تحضير أثمن العطور.

العنبر الطازج يمتاز بلونه الأسود وقوامه الرقيق ورائحته غير المحببة، ولكن بعد تعرضه للشمس والهواء وماء البحر تتحول خصائصه ليصبح لونه رمادي أو أصفر وتصبح رائحته جميلة، وهذا ما يفعله بنا أبنائنا. 

عملية التحول اللوني هذه تماثل تلك المعجزة التي ينزلها الله في قلوبنا لنتحمل ونحب ونحْطَات لكل ما يدور في فلك أبنائنا.

عندما تتزوج الفتاة تتحول من سيدة يدور العالم من حولها، إلى أم تُطَوِع العالم ليعمل لصالح أبنائها. 

أنا لا أكاد أراني، ذبت في من مَلَك عليا روحي وأصبح أعز عليّ من نور عيني. لو قدر لي أن أعطي ساعات عمري كلها هبة خالصة لأحد لفعلت ذلك لإطالة عمر أبنائي بلا تردد.

إن تلك الرحمة التي وضعها الله في قلوبنا لنحب بها أبنائنا تخوننا أحيانًا، تحيد بنا أن نختار الطريق السهل الأقصر على الطريق القويم.

انتبه يا صديقي! أبنائنا على الأرض يشيرون لحسن أو سوء خاتمتنا. كل ما علينا التصبر في الجوار ومجالسة الجَلَد بالتقاط أطرافهم الذابلة لبعث الأمل والحياة في قلوبهم، ثم نتركهم لتوفيق الله ورحمته بهم وبقلوبنا.

نحن لن نمتلك أبنائنا أبدًا، بل هم من يفعلون بقلوبنا، فالله الله في أعمارهم وسعادتهم وصحتهم وأحلامهم والله أكبر وأحن عليهم من تلك المضغة الضعيفة التي ترتجي لهم السعادة والحُسن والتوفيق والاطمئنان.

لا شيء يعادل طلة اطمئنانك على أبنائك. إن العمل الوحيد الذي اتمنى به دخول الجنة هو حسن تربيتي لأبنائي.  لست صوامة ولا قوامة لكني على باب الرجاء، ولو خيرت أن ألقى ربي في يوم على شيء لطلبت منه أن يقبضني وأنا أعلمهم إحسان المرور في الحياة.

كثير من الآباء يقفون عند الضوء الأصفر لإشارة المرور. يتناسون طوال الوقت أن أبنائهم يتعلمون عنهم السير والتوقف، الخير والشر، والحق والصواب.

البعض يظن أنه يرنو للصواب، لا تجعل (الطريق المختصر) " short cut " هو وسيلتك للتعرف على أبنائك؛ ستغدو أقرب مما تتصور غريبًا عنهم.

كل قدم نقترب بها من قلوب أبنائنا، هي قدم في طريقنا للجنة.

تربية أبنائنا تحتاج أن تبدأ قبل سنوات طويلة من وصولهم، لا أحد يذهب وابنه ليدرس في نفس الصف ونفس المدرسة؛ كذلك أصبح حال الكثير منا.

يجب أن يكون وقوفنا أمام الله مُشَرِف، فلقد خلقت الأرض بما علينا هبة تحت أقدامنا، ووهِبنا تلك الأرواح الطيبة لنجعلهم النسخة المعدلة منا ذات الأفضلية في كل شيء.

ليس هناك مكان ينام فيه الطفل بأمان أكثر من غرفة أمه، فكوني حريصة يا سيدتي أن يصبح مهدك المُعَد مؤنة الحق حتى نهاية الطريق.