كان إنسان سوي وخيّر ، وله حضور إيجابي ومؤثر ، لكن فجأة أصبح واضح عليه ازدواجية الفكر ، ازدواجية المشاعر وازدواجية الردود ؛ إن حاولت أن تفتح معه باب للنقاش حول ما يكتبه أو حول ما يتحدث به تجد في أجوبته ازدواجية الحرية ، ازدواجية القناعة وازدواجية اللا مبالاة أو الصد.وقتها ينتابُك قليل من الندم على ما تطرقت إليه معه ، وتقول في نفسك ما شأني أنا بمزدوج الشخصية إذا كان هو لا يعرف ماذا يريد ؟ وتردف .. هل سيجدي نفعا لو تناقشت أو تحاورت معه ، وهو ربما المتربي على ذلك، وهو ربما القانع على ما يراه ، وهو ربما الذي لا تغيره أي قناعة أخرى. فهو على أقل تقدير للمواقف والأمثلة والدروس والعبر ؛ فكر وتفكر فيها وقلبها على جوانب الواقع لوجد أنها هي الصواب وهي الحقيقة وهو المنطق الذي يتفق عليه اغلب الجميع ، فإن كانت تلك البطيخة حمراء وكلنا يعرف ذلك ويستسيغ لذلك ، فلماذا أنت تجعلها زرقاء ، وإن كانت السماء زرقاء صافية رائعة تسر الناظرين وتريح العين فلماذا أنت تجعلها صفراء ، وإذا كانت المحيطات والبحور والأنهار شفافةً متغلغلة الضؤ وزرقتها تعكس لون السماء فلماذا تجعلها حمراء !؟ إن كان هدفك هو خالف تُعرف ، فأنت خالفت لتُعرف ولم تُعرف ؛ وإن كنت ترى الأشياء بغير ما نراه نحن ونحسبه ونعتقده فعليك إذا أن ترضى بالنقاش سبيلا لتوضيح المعنى ومعرفة الأسباب ثم نرضى ونقتنع .. نقتنع إننا كنا على خطأ وأنت على صواب ، فربما يكون لديك الإبداع الذي لا نراه ولم نصل إليه ولم نستوعبه ، وبالتالي تحرمنا من فهمه وتعميمه ونشره ، وتحرمنا أيضا من أن ننعم جميعا بالجديد المفيد ، أم أنك يا تُرى أصبحت تعيش في عالم آخر ؟ عالم لا منطق فيه ولا تحديد .. عالم رؤيتهُ وأهدافه ورسالاته ومعتقداته وضعتها أنت من عالمك الفريد المكيد العقيد ، الذي تغلفه بالرمزية الموغلة في الترميز والسفسطائية الفلسفية المموه ؛ التي تهدف منها عبثاً الغوغائية والغرائبية والعجائبية سرداً للأيديولوجية والسلوكية والأخلاقية التابعية العقائدية نقلا عن الانطباعية أو التأثرية التي هي في حقيقة الأمر لا انطباعية صدقاً ولا تأثرية نموذجاً بل هي غرائضية غرائزية لا تصالحية مع العقل ولا مع النفس ولا يتقبلها المنطق ولا الغير .. الغير الذي يعي ويفهم خبايا الأمور .. الغير الذي يتعامل بالمنطق .. الغير الذي لا تمر عليه جهالة أو خباثة الأمور . لكن خذها مني نصائح نافعة وسديدة ستنفعك وتدلك على الطريق الصواب مرة أخرى - بإذن الله - هذا إن تقبلت النصائح وقرأت وتبصرت ، وهي :
• تعلم أكثر وتثقف أكثر وأعد النظر في أفكارك ومعتقداتك حتى تتسع عندك مدارك الأمور .
• افتح باب النقاش ، ولا تغلقه ما دمت على ثقه ودرايه بأن ما تنشره أو تبثه لا عيب فيه ولا شوائب ، وهو بابٌ سوف تستوعب عبره استشراف الأمور .
• اعلم أنه توجد مواضيع لا تصلح للنشر ، لذا عليك أن تدرسها وتقيسها من كل الجوانب ، والأمر ليس تخويف بل هو مخافة تثريب من متربصون يؤولون ويشكوون ويغيرون على أهواءهم إن وجدوا ثغرة ، ولن يستكينوا حتى تسقط ويتشوه مقامك وتتشوه مكانتك.
• حكم عقلك .. لا يغرنك بعض التشجيع والتأييد والتبجيل، حتى وإن كان من بعض الأصدقاء ، ففي بادىء الأمر وأوسطه وآخره أنت المسؤول.
• استقم وأدم الاستقامة حتى تؤجر وتؤجر ، فأنت إنسان سوي وخيّر ، أي أن فطرتك التي فطرت عليها سليمة ومعافاة فلا تخالفها ولا تنجرف خلف محدثات الأمور .. أنت في غنى عن ذلك ، وأنت غني بمعرفة الناس ولديك كاريزما وقوة حضور فاستفد ولا تخسر .
ختاماً: للأسف .. إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، إدمان الشهرة وإدمان الحضور فقط للحضور، غدت هي وسائل التباعد الاجتماعي ...
التعليقات