هل أضحكت مشاهد مهرجان (المزاريطة) في (الكبير أوى) الذي يعد بمثابة الوجه الساخر لمهرجان (الجونة) وهو ما يعرف بـ(البارودى)؟، سلاح التهكم يفجر الضحك لأنه يتكئ على التقاط موقف عابر لتكتشف أن الجمهور يتذكره ولايزال على الموجة.
(السوشيال ميديا) رسخت صورة نمطية للمهرجانات السينمائية، خاصة (الجونة)، وصار البعض يختصرها في الفستان، مهما عرضت من أفلام، وأقيمت ندوات، فإن كل شىء سينسى ماعدا الفستان، وهذا ليس فقط قانونا مصريا، في العالم ستكتشف مثلا أن ما سيتبقى من مسابقة (الأوسكار) الأخيرة، ومع مرور الزمن هو صفعة ويل سميث لمقدم الحفل.
التقط صُناع المسلسل مهرجان (الجونة) ومهدوا له بعدة مشاهد، حتى أصبح هو المادة الرئيسية في الحلقات الأخيرة، مع ملاحظة أن إضحاك الناس هو الأصعب، ما كان من الممكن أن يثير الضحك في مرحلة ما، يفقد تلك القدرة في مرحلة تالية، وهذا هو سر قصر العمر الافتراضى لأغلب نجوم الكوميديا في العالم، وعندما يستمر فنان كوميدى لأكثر من عقد من الزمان، ستكتشف أن السر يكمن في قدرته على إعادة شحن بطارية الإبداع، من خلال احتفاظ أجهزة الاستقبال لديه بالقدرة على التقاط كل ما هو جديد، ظلال الكلمات وإطارها الدلالى يتغير، والفنان إذا أراد الاستمرار ينبغى أن يظل في حالة يقظة وجدانية، وأتصور أن هذا هو بالضبط ما منح أحمد مكى كل هذا الحضور.
أعاد مسلسل (الكبير أوى) الإحساس باللمة مجددا، صار أغلب المصريين يجتمعون على طبق درامى واحد بعد الإفطار، قبل عصر الفضائيات كان من الممكن أن تتابع المؤشر، وهو يتحرك من قناة إلى أخرى، وكأن الجميع اتفقوا على نفس الموعد لأن مساحة الاختيار محدودة، مع دخول الريموت وتعدد القنوات في العصر الفضائى، صار من الصعب أن ينضبط الجمهور عند عمل واحد وفى نفس التوقيت.
المسلسل يقوده المخرج أحمد الجندى وهو لم يستسلم فقط للموقف الضاحك والحوار اللاذع، لكن هناك تفاصيل أضافها في الحركة والأداء والموسيقى وتكوين الكادر والتصوير والمونتاج، أحمد مكى من القلائل الذين من الممكن لهم التمهيد بإيفيه للآخرين، وهو يذكرنى بالأستاذ فؤاد المهندس، فهو في كل أعماله لا يحتكر الضحك.
كل من وقف مع الكبير كان أيضا كبيرا، كثيرا ما تصبح نهاية (القفشة) لصالح من يأتى اسمه أولا على (التترات)، فهو صاحب المشروع، إلا أنك ستجد أن كل من في المسلسل قد لعب دور البطولة في تفجير الضحك، وأن ذروة الموقف الكوميدى توزعت على الجميع، وهكذا الفنان الواثق من نفسه.
دخل مكى للحلبة هذا العام بعد ابتعاد نحو خمس سنوات عن (الكبير)، والجزء الخامس كان أضعف الأجزاء، واستمرار غياب دنيا سمير غانم لم يكن قطعا لصالحه، إلا أن هناك عقلا حريصا على النجاح، ومدركا أين بالضبط يكمن السر؟ وهكذا استعان بالفريق القديم مثل محمد سلام وبيومى فؤاد وحسين أبوحجاج وهشام إسماعيل وغيرهم، أضاف رحمة أحمد ومصطفى غريب وحاتم صلاح مع عدد كبير من ضيوف الشرف.
الكاتبان مصطفى صقر ومحمد عزالدين قدما بناء دراميا محكما، وكما هو واضح هناك ورشتان أشرفا عليها، وإضافات، خاصة من مكى، في كل التفاصيل، صار (الكبير أوى) أهم مصدر للبهجة والسعادة طوال رمضان، و(المزاريطة) مهرجانا له شنة ورنة!!.
التعليقات