سيظل للأعمال الدينية والتاريخية مشاهدها الذي ينتظرها ولكن لأنها أصبحت قليلة؛ وفي بعض السنوات لم يكن هناك إنتاجا دينيا؛ أو تاريخيا علي الإطلاق.
والعمل الدرامي الديني يحظى بالقبول؛ والمشاهدة لأنه يتناول مرحلة معينة من التاريخ.
أو يصور الأحداث التاريخية؛ التي وقعت فيها أو في أكثر من مرحلة من مراحل التاريخ؛ أو يترجم لحياة علم من أعلام الإسلام أو لرجل من الصالحين ؛أو يعرض سيرة وحياة بطل أو قائد إسلامي؛ كانت له بصمته في تاريخ الأمة؛ وكل ذلك مطلوب تواجده بشدة على الشاشات.
وتبرز بطولات تاريخية حقيقية؛ والأمثلة علي ذلك عديدة فمعظم المصريين والعرب ؛عرفوا السلطان قطز من خلال الدراما واقتربوا من عمر بن عبدالعزيز وهارون الرشيد والامام الشافعي وغيرها من الأسماء.
ومأدبة دراما رمضان العامرة لم تكن تخلو من المسلسل الديني؛ الذي ظل ملازما لشهر رمضان المبارك حتى أن لم نجد مسلسلا دينيا يعرض إلا في الشهر الكريم.
وبرغم أنه مسلسل ديني باللغة العربية؛ الفصحى إلا أن له جمهور عريض؛ ينتظره بشغف فأصبح أحد أهم علامات رمضان المبارك في التليفزيون المصري .
ومن أهم هذه المسلسلات كانت من
تأليف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وبه كوكبة من كبار نجوم الشاشة العربية أحمد مظهر، شكري سرحان، يوسف شعبان، زهرة العلا وصلاح منصور.
كان عرضه الأول عام 1978 ومازال يعرض حتى الآن على كثير من الفضائيات العربية، ويسرد المسلسل السيرة النبوية الشريفة.
ثم الجزء الثاني الذي كمل باقي سرد قصص الأنبياء؛ حتى الجزء الخامس الذي اختص بسيرة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ويظل هذا المسلسل يعرض حتى الآن ويلقي إعجاب وتقدير جيل وراء الآخر.
حيث غاب المسلسل الديني فترة قصيرة عن التليفزيون المصري، ثم أعيد بوهج وتألق أكثر بمسلسل عمر بن عبد العزيز عام 1992، كتبه وأعده عبد السلام أمين وقدمه الفنان الكبير نور الشريف الذي ضرب مسلسلات هذا العام، وتفوق عليهم في سابقة لم تحدث من قبل أن تكون نسبة المشاهدة هي الأعلى وسط مسلسلات رمضان الأخرى، وكان يبكي بعد كل مشهد متأثرا بحياة خامس الخلفاء الراشدين رضي الله عنه .
وعندما خاض المخرج السينمائي الكبير حسام الدين مصطفى العمل التليفزيوني ، فبدأ بالمسلسل التاريخي (الفرسان) الذي نجح نجاحا جماهيريا كبيرا مما جعله أن يقدم في العام التالي مسلسل (الأبطال ) بطولة الفنان احمد عبد العزيز ثم مسلسل (أبو حنيفة النعمان) بطولة الفنان الكبير محمود ياسين ثم مسلسل (ابن حزم) ؛
ثم مسلسل (صلاح الدين) .
وكانت أعمال المخرج حسام الدين مصطفى مميزة ناجحة ؛فكان يعرف ما يريده المشهد ويقدمه من خلال فن راقي؛ فهو أول من جعل المسلسل الديني والتاريخي مسلسل جماهيري .
اختفى المسلسل الديني مرة أخرى مع بداية ظهور الفضائيات وتدخل الإعلانات ثم عاد بشكل آخر من خلال المسلسل (إمام الدعاة الشيخ الشعراوي)؛ الذي قدمه الفنان الكبير حسن يوسف ثم قدم بعد ذلك مسلسلات (ابن ماجه) ؛ و(الإمام النسائي ) و(الإمام المراغي ) و(العارف بالله عبدالحليم محمود ).
فلم يعد للمسلسل الديني مكان وسط زخم دراما رمضان ؛والإعلانات الممولة لهذه الدراما ؛التي تساهم في تشكيل وعي المجتمع بشكل سلبي للغاية.
واعتقد ان المنتج هو المسئول الأول؛ لأن الدراما التاريخية مكلفة والمنتج يشجع الكتاب علي الكتابة ؛بانماط معينة أكثر رواجا واسرع في التوزيع والمكسب.
وهناك عددا من العوامل تجعل الكاتب يعزف عن كتابة الأعمال التاريخية والدينية ؛أولها ان الفنانين يتهربون من هذه النوعية من الدراما ؛لأنهم يتم حصر عرضها في شهر رمضان فقط.
ويصبح من الصعب اعادة العرض مرة أخري بعد رمضان؛ وهناك الكثير من المؤلفين يتقدمون بالعديد من السيناريوهات لمسلسلات دينية وتاريخية؛ لكنها تقابل بالرفض لأنها لا تتوافق مع سياسة السوق؛ ولهذا يتجهون إلي الدراما الاجتماعية.
ومن أسباب غياب المسلسل الديني؛ إن القنوات لا ترغب في عرضها؛ وبالتالي يتخوف المنتج من وضع ميزانية بملايين الجنيهات؛ لعمل درامي؛ لن يحقق عرضا أو مكاسب مادية .
كما انهم لو قاموا بشراء مسلسل ؛يعرضونه في توقيت لا يشاهده احد ويفضلون عرض الدراما الاجتماعية ؛في ذروة المشاهدة والمضمون نجاحها.
وأطالب بأن يتحمل انتاج الدولة؛ مثل هذه الاعمال لأنه الأكثر قدرة علي تحمل انتاجها، والسبب الحقيقي لهذا الأمر هو ارتفاع تكاليف الإنتاج؛ وعدم وجود المنتج الذي يتحمس لهذه النوعية من الأعمال الفنية".
لو تأملت للأعمال الفنية السابقة تلاحظ أن أغلب الأعمال التي خرجت للنور كانت من إنتاج الدولة، لأن المسلسلات والأفلام الدينية؛ تحتاج إلى ملابس معينة وديكورات ضخمة وخيول.
أتمنى أن يعود قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري؛ إلى مجده الغائب ويقدم أعمالا دينية وتاريخية مهمة.
الحل الوحيد لعودة الأعمال الدينية؛ هو اندماج أكثر من شركة إنتاج في كيان واحد؛ لتقديم عمل ديني؛ محترم ويحمل كل مواصفات الجودة.
التعليقات