أتابع العديد مما ينشر على السوشيال ميديا، وهى توجه بضراوة ضربات مسمومة إلى فاتن حمامة، وكثيرًا ما تدعم بلقطات أرشيفية لكل من سناء جميل ومريم فخر الدين وكل منهما تنهال على فاتن بكلمات لها مذاق اللكمات.
أكثر من فنان وفنانة مؤخرًا حكى كيف مثلا أن فاتن اشترطت قبل توقيع العقد إجراء (تيست) كاميرا حتى تتأكد من صلاحيته للدور، وممثلة قالت إنها اعترضت على ملابسها، وهكذا.
بداية فاتن حمامة لم تكن ملاكًا، ولا يوجد فى هذه الدنيا ملائكة، إلا أنها ليست أبدا شيطانا، كما يحلو لهم تصدير صورة ذهنية عنها، فاتن لم تولد وفى فمها ملعقة من ذهب، واجهت ابنة مدينة المنصورة الكثير من العقبات، وقفزت فوقها تباعا، وحافظت على حب الناس، طوال عقود من الزمان، وأضاف المصريون إلى فاتن صفة الاحترام، بل كثير من الأسر المصرية- الطبقة المتوسطة تحديدًا- كانت تحرص أن تضع صورة فاتن فى غرفة الصالون، كنوع من الاعتزاز بهذه الفنانة باعتبارها جزءًا من أفراد الأسرة، تلقت فاتن ضربات متعددة طوال مشوارها، وبعضها كان قاسيا وموجعًا، فى الستينيات مثلا قبل هزيمة ٦٧، أيقنت استحالة البقاء فى مصر، وهاجرت إلى لبنان ولم تعد إلا بعد مجىء السادات، كانت ميولها السياسية متوافقة مع السادات، رغم أن عبدالناصر كلف رئيس الوزراء زكريا محيى الدين بالعمل على عودة فاتن قائلا له (فاتن ثروة قومية).
عندما نطل على فاتن بعيون فنان معاصرـ فهو يراها بزاوية يختلط فيها الخاص بالعام، ولهذا من الممكن أن يشعر بكراهية، مثلا هى التى اختارت نيللى كريم وأحمد الفيشاوى فى مسلسل (وجه القمر)، كانت هناك ترشيحات أخرى، بينهم شقيق نجمة ولكنها رفضته واختارت أحمد الفيشاوى، وقالت عنه ولا يزال رأيها صائبا (أحمد ممثل شاطر لكنه غير ملتزم)، بينما كانت نيللى كريم لها تجربة واحدة غير ناجحة فى التليفزيون، أحبطت بعدها نيللى، ولم تنقذها سوى مكالمة فاتن وهى ترشحها للقيام بدور ابنتها.
من الناحية المهنية والمنطقية المخرج هو المسؤول عن ترشيح الممثلين، ولكن فى بلدنا كبار النجوم هم الذين تسند لهم تلك المهمة، مثلا عادل إمام له رأى نهائى فى كل الترشيحات، بما فيها عامل الشاى والقهوة فى الاستوديو يجب أن يحظى بموافقته.
عدد من جيل فاتن وجدوا فى لقب (سيدة الشاشة العربية) تعاليا عليهم، من أطلق هذا اللقب هو الكاتب الصحفى اللبنانى الكبير محمد بديع سربية، وهو نفسه الذى أطلق على سعاد حسنى (سندريلا)، فاتن لم تطلب ذلك بل لم تكتب أبدا هذا اللقب على الشاشة، بينما تاريخيًا كان المخرج صلاح أبوسيف هو أول من اطلق على فاتن عام ١٩٥٥ فى عز التنافس بين فاتن وماجدة وشادية وهند ومريم، أطلق عليها باعتباره أيضا منتج الفيلم وتتر (لك يوم يا ظالم ) يشهد على ذلك (ممثلة مصر الأولى).
ولم تطلب فاتن أبدا تكرار اللقب فى أى فيلم، الفنانة الكبيرة سناء جميل اعتقدت أن فاتن رفضت فيلم بداية نهاية فى دور (نفيسة) بسبب قبح البطلة، وأسند صلاح أبوسيف الدور إليها، فاتن لم تكن تريد وقتها تقديم شخصية عاهرة ولم يكن القبح الشكلى أبدا أحد أسباب رفضها للدور.
بعد أن شاهدت الفيلم فى عرض خاص أعلنت بعدها لصلاح ندمها وقالت له (الدور حلو كان عندك حق يا صلاح)، سناء جميل لم تصل لها المعلومة كاملة واعتقدت أن فاتن تقلل من إنجازها ولهذا كانت تهاجمها فى كل أحاديثها.
يجب أن نذكر تاريخيا وبالأرقام أنه فى الخمسينيات كان أجر فاتن حمامة ٥ آلاف جنيه، بينما أعلى أجر بين النجمات المنافسات لا يتجاوز ٤ آلاف جنيه.
فاتن لم تكن توجه طاقتها أبدا لضرب الآخرين ولكنها كانت فقط مشغولة بفاتن، بينما السوشيال ميديا حاليًا مشغولة بالمشاركة فى (موسم ضرب فاتن حمامة)!!.
التعليقات