يجمع بين مصر والإمارات روابط أخوية تاريخية وعلاقات تعاون وتنسيق متبادل على جميع الأصعدة، بدأت العلاقة بين الشيخ زايد ومصر بدءا من عهد الرئيس جمال عبدالناصر؛ فقد جمع حلم الزعامة بين الرئيسين، ورفعوا شعارا واحدا هو القومية العربية، وارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعمار، كما أن الشيخ زايد آل نهيان هو مؤسس دولة الإمارات الموحدة التى أعلنت فى 1971.
وكانت مصر أولى الدول التى أيدت بشكل مطلق الاتحاد، ودعمته لأنه ركيزة الاستقرار دوليا وإقليميا.ولم تكن بعثات المدرسين والمهندسين والأطباء؛ التى ذهبت إلى الإمارات هى هجرة إلى بلاد البترول والنفط، فقد بدأت فى منتصف الخمسينيات؛ أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أى قبل ظهور النفط فى البلاد، وإنما انطلاقا من دور عربى وإنسانى.
وأيضا فتحت مصر ذراعيها لاستقبال الراغبين فى التعلم؛ ونقل العلم والخبرات إلى بلدهم بعد انتهاء العدوان، ساهم الشيخ زايد في إعادة إعمار مدن قناة السويس التى دمرها العدوان الإسرائيلي عام 1967، وكان دوما يردد خلال اللقاءات مع القادة العرب ويقول عندما تبدأ المعركة مع إسرائيل، فسوف نغلق على الفور صنابير البترول، ولن نكون بعيدين عن أشقائنا أبدا.
وعقب وفاة الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، سنة 1970، حرص الشيخ زايد على زيارة ضريح جمال عبدالناصر مع الرئيس الراحل أنور السادات ؛وأهدى الشيخ زايد وشاح آل نهيان للرئيس محمد أنور السادات أثناء زيارته للقاهرة، وكان يرى الرئيس السادات في الشيخ زايد الصديق الوفى؛ وأنه حلقة الوصل بين جميع القادة العرب.
وفي عهد الرئيس السادات، توطدت علاقة مصر بالإمارات، نظرا لمواقف الشيخ زايد، عند بدأت حرب أكتوبر 1973، كان الشيخ زايد في زيارة إلى بريطانيا، ولم يتردد عن إعلان دعمه لمصر في حربها، كما اقترض مليار دولار وقدمها لشراء أسلحة من الاتحاد السوفيتي لمصر أثناء حربها لاسترداد الأرض التى سلبها العدو الصهيونى فى أكتوبر.
وعندما شنت الدول العربية حربا على الغرب الداعم لإسرائيل، كان للشيخ زايد موقفا بارزا، حينما قال: إن الذين قدموا دماءهم في معركة الشرف، قد تقدموا الصفوف كلها، وأن النفط ليس بأغلي من الدماء العربية.
وقال إن البترول يشكل ثروة اقتصادية يستخدمها العرب؛ من أجل التنمية والتقدم وإذا تعرض العالم العربي لخطر الحرب؛ فمن البديهي أن هذه الثروة هي وجميع الموارد الأخري سوف تعبأ للدفاع عن العالم العربي.
وعقب عقد اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978، كثرت ردود الفعل المعارضة لتلك الإتفاقية في معظم الدول العربية، لدرجة أن هناك بعض الدول قاطعت مصر بعد قمة بغداد، ولكن موقف الشيخ زايد كان مختلفا، حيثُ ظل على تواصل مع الرئيس، محمد أنور السادات، وقال جملته الشهيرة: لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود بدون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغنى عن الأمة العربية.
أما في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية متبادلة، إذ تربط بينهما 18 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية، كما يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 1.4 مليار دولار، وفقا لمتحف زايد الوطني.
وبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 10 مليارات دولار عام 2010؛ في قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والخدمات المصرفية، بحيث أصبحت الإمارات المستثمر الأول في مصر.
عقب وفاة الشيخ زايد في 2 نوفمبر 2004، توجه الرئيس السابق حسني مبارك وقرينته إلي دولة الإمارات لتقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ زايد، بعد أن بعث مبارك ببرقيتي تعزية إلي كل من الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رئيس دولة الإمارات العربية المؤقت، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حاكم أبوظبي.
وشهدت العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي نجاحا كبيرا منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم، كما شهدت نموا ملحوظا في معدل التبادل التجاري وزيادة العديد من الاستثمارات بين الدولتين.كما شهدت السنوات الأخيرة تنسيقا وثيقا بين البلدين حيال القضايا الرئيسة، مثل القضايا الفلسطينية والعراقية واللبنانية والليبية واليمنية والسورية، فهناك تقارب كبير في الرؤى والمواقف السياسية تجاه القضايا الإقليمية وعلى رأسها: مكافحة الإرهاب ووضع حل للقضية الفلسطينية وجميع القضايا الإقليمية.
ومن أبرز الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين..قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، في 26 يناير 2021، استقبله سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة؛وتم التباحث حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية، فضلًا عن التشاور إزاء مستجدات القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحة الإقليمية، خاصة ليبيا واليمن حيث تم التوافق على أن مسارات الحلول السياسية هي الأساس لحل تلك القضايا.
وأكد الرئيس السيسي في هذا الخصوص، ثوابت الموقف المصري تجاه تسوية الأزمات الإقليمية، والتي ترتكز بالأساس على تقويض التدخلات الخارجية ومحاربة العنف والجماعات المتطرفة والإرهابية والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، وذلك بهدف استعادة الأمن والاستقرار في الدول التي تعاني من تلك الأزمات، والحيلولة دون تهديدها للأمن الإقليمي.
وأن التكاتف ووحدة الصف العربي واتساق المواقف يعتبر من أقوى السبل الفعالة لدرء المخاطر الخارجية عن الوطن العربي ككل.
وعلى الجانب الآخر، قام الشيخ محمد بن زايد بزيارة إلى القاهرة، يوم 23 إبريل من العام الماضي، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث بحث الجانبان آفاق التعاون المشترك بين مصر والإمارات، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الدولتين، مع تأكيد أهمية دعمه وتعزيزه لصالح البلدين والشعبين الشقيقين، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، بالاستغلال الأمثل لجميع الفرص المتاحة لتعزيز التكامل بينهما.
كما تناولت المباحثات عدداً من أبرز الملفات المطروحة على الساحة الإقليمية، وكذلك سد النهضة، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً بين الجانبين إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، وتم الاتفاق على الاستمرار في بذل الجهود المشتركة سعياً للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة بعدد من دول المنطقة، واستعادة مؤسساتها الوطنية وصون مقدراتها، لاسيما من خلال العمل على بلورة رؤية شاملة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك، بما يكفل تعزيز القدرات العربية على مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والتهديدات المتزايدة للأمن الإقليمي.
كما تم الاتفاق في هذا السياق على تعظيم التعاون والتنسيق المصري الإماراتي كدعامة أساسية لحماية الأمن القومي العربي، ومواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون السيادية لدول المنطقة، والتي أفضت إلى تأجيج التوترات والنزاعات والنشاطات الإرهابية والمتطرفة بها.
وفى 16 ديسمبر 2020 استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبى ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات. تناول اللقاء التباحث حول سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري، وتدشين المزيد من المشروعات المشتركة في ضوء ما يتوافر لدى الجانبين من فرص استثمارية واعدة، فضلاً عن الاستغلال الأمثل لجميع المجالات المتاحة لتعزيز التكامل بينهما والتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، حيث رحب الرئيس السيسي بانضمام دولة الإمارات الشقيقة لمنتدى غاز شرق المتوسط كمراقب بجانب الدول الأعضاء المؤسسين.
التعليقات