كان الدارج دائما أن لا وصول لمن لا يمتلك واسطة .... وكلما كبرت الواسطة "أي علو مكانة الشخص المسؤول" زادت فرصتك ولمع اسمك في وقت قصير .... ولكن بقي هذا من الماضي .... أو بصورة أدق ما زال موجودا ولكن بصورة أقل من قبل ...؛ لأن الناقد بالأمس كان فقط صديق المسؤول .... ولكن في ظل وجود السوشيال ميديا أصبح كل من عليها ناقدا فلا مجال لإعلامي، مطرب أو ممثل لا يمتلك موهبة حقيقية وخاصة من يأخذ منهم فرصة أكبر بكثير مما يستحق .... ونتمنى زوال هذه النسبة القليلة قريبا.
وإلى جانب هذا أصبح هناك مجال أكبر لكل من يمتلك موهبة حقيقية وحقا في الوصول وملاقاة النجاح حيث زادت قدرة الجمهور على المساندة والدعم.
سيصل لا محالة ... مهما كانت الصعوبات إذا كان لديه جديد يقدمه .... ولكن النجاح في حد ذاته أسهل بكثير من الاستمرار فيه .... فكما يقال "البقاء على القمة أصعب من الوصول إليها" .... وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك .... نجوم لمعوا في فترة محددة .... وتم نسيانهم تدريجيا .... لأنهم لم يدركوا كيفية الحفاظ على النجاح ....
"إيهاب توفيق"، "مصطفى قمر"، "محمد فؤاد" نجوم نجحوا ووصلوا الى القمة في وقت ما .... ولكل منهم شخصية فريدة مختلفة .... حيث أن سماع لحن بداية أغنية ما .... كافية لمعرفة إذا كان مغنيها هو مصطفى قمر .... كان كل منهم جديدا وقتها .... ولكن مرت سنة وأخرى وظلوا في جديدهم ذاك لم يتغيروا فمل الناس بالتدريج وغابت شمسهم لسنوات.
وعلى صعيد آخر هناك الهضبة "عمرو دياب" بدأ معهم وما زال موجودا حتى الآن على القمة .... يصلها الكثيرون وينزلون ويصعد غيرهم وهو ثابت لما يقارب ٤٠ سنة .... ظل رقم واحد في مصر؛ حيث من الله عليه بذكاء ساعده في حل اللغز مبكرا .... غني بكل شكل ولون .... تبدل في الموسيقى والحالة والكلمات حتى أصبح مثالا لموضة الغناء في الوطن العربي .... فكما يريد أن يسمع الشباب يغني .... يواكب كل عصر وجيل فنجده يغير الملحن والمؤلف وفريقه بالكامل كل فترة ... ليمده بشباب جدد .... ليظل متصدرا للساحة دائما.
وهو ليس أول من اتبع ذلك الأسلوب .... فلو بحثنا حول أية سمة للذكاء المهني .... فلن نجد من يمثلها أكثر من سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم ... كانت بدايتها بالأناشيد الدينية ثم الغناء باللغة العربية الفصحى حيث غنت "أراك عصي الدمع، الأطلال، رباعيات الخيام -بعد أن ترجمها أحمد رامي من الفارسية إلى العربية شعرا- ثم انتقلت للغناء بالعامية مواكبة للعصر.... وغنت بها روائعها "حيرت قلبي معاك، بعيد عنك، سيرة الحب" ولم يقف الأمر عند ذلك ... فعرف عنها التغيير حتى في الشعراء والملحنين ... حيث كانت تحب أن تغني لكل جديد .... لدرجة طلبها المستمر من المطرب و الملحن الكبير "محمد فوزي" لتلحين أغنية لها مع رفضه المستمر بسبب انشغاله .... وكانت تصر عليه في كل مرة على الرغم من وجود كبار الملحنين وقتها إلى جانبها ومنهم "رياض السنباطي" و "محمد القصبجي" .... ومع ذلك وافقت على ترشيح محمد فوزي لشاب مبتدئ لتلحين أغنية لها .... وقد كان ليقدما معا أكثر الأغاني شهرة والتصاقا في العقول .... منفذين بذلك وعد محمد فوزي لأم كلثوم بأن هذا الشاب سيصنع لها ألحانا تبقى أبد الدهر .... وهو العبقري بليغ حمدي .... و ورد أن في أواخر أيامها كانت المناوشات قد بدأت بينها وبين الملحنين ؛ لتقليل زمن أغانيها وخاصة لحن البداية ... أيضا لمواكبة العصر.
وهذا ينطبق على أي مجال .... فبالجديد ستصل؛ لأنه هناك من يريد أن يعرف مذاقه .... وإذا أعجبه سيعيش سنة أو أكثر .... ولكن الجديد يحتاج دائما إلى التحديث لآخر إصدار ليجدد رونق الشخص نفسه في عيون الجميع ليقول:" أنا ما زلت منتجا؛ لذلك أستحق البقاء.
في النهاية الجمهور له ما يعجبه فإذا احترم تاريخك اليوم .... فلن يكون تاريخك كافيا لتحملك غدا .... فلا تضع نفسك رهنا للزمن.
التعليقات