عندما نذكر (الكاريزما) يتطرق إلى ذهننا على الفور نجوم التمثيل والغناء، رغم أن التوصيف أشمل بكثير من أن نحصره فى إطار واحد، نجوم الفن هم الأكثر لمعانًا وتداولًا عبر الوسائط الاجتماعية، إلا أن (الكاريزما) رأيناها مجسدة فى أحد أساطين القانون المحامى الكبير فريد الديب، الذى حقق من خلال مرافعته الأخيرة عن أحد رجال الأعمال كثافة من المشاهدة تفوقت على كل النجوم، اسم فريد الديب قبل بضع سنوات، كان هو الأكثر ترديدًا فى قضية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، يتمتع الديب بقدرات عالية فى الجذب، تعبيره الجسدى يسبق بدون أن يقصد تعبيره اللفظى، يتحرك فى مساحة من الدفء تجمع بين القلب والعقل، إلمام لغوى وانضباط فى مخارج الألفاظ، ناهيك عن سرعة البديهة وخفة الظل.
يتلقى الديب الكثير من التعليقات السلبية باعتباره الأغلى أجرًا وأنه يتبنى قضايا من يدفع أكثر، ويتجسد أمامنا لا شعوريًّا (أفوكاتو) رأفت الميهى بشخصية (حسن سبانخ) التى أداها عادل إمام. قال لى الأستاذ فريد إنه يدافع عن الحق حتى لو كان سيؤدى فقط لتخفيف الحكم عن المتهم، وضرب مثلًا بفعل القتل، حيث تتباين دوافعه، ومن الممكن القاتل فى ظل ظروف محددة يحصل على البراءة.
على الجانب الآخر كم تابعنا من القضايا التى انتهت إلى توجيه العقوبة القاسية للمتهم رغم أنه لم يُقدم على ارتكاب جريمة، لأن المحامى أخطأ فى الدفاع عن الحق.
أتذكر أثناء محاكمة الموسيقار بليغ حمدى بعد حادث انتحار سميرة مليان من شقته فى منتصف الثمانينيات، أخذ المحامى يذكر القاضى بعدد الألحان التى قدمها بليغ للوطن وكيف أنه فى حرب 73 كان هو حائط الدفاع الأول، وأن عبدالحليم أطلق عليه (أمل مصر فى الموسيقى) أغضبت هذه الخطبة العصماء القاضى، الذى وجه حديثه للمحامى قائلًا: (بالنسبة لى هو ليس أمل مصر ولكنه المتهم بليغ حمدى).
أصدر القاضى حكمه بإدانة بليغ بالسجن لمدة عام وبأسوأ اتهام (تسهيل دعارة)، حتى تدخل الرئيس حسنى مبارك مطلع التسعينيات، بعد لقاء كان حاضرًا فيه الملحنون سيد مكاوى وكمال الطويل ومحمد الموجى، وعاد بليغ لمصر وحصل على البراءة أمام محكمة النقض، بعد أن أنهكه نفسيًّا الاتهام القاسى، ومات بعدها بعامين.
(الكاريزما) يجب أن تدعم بنجاح وشطارة، ولدينا مثال واضح فى دنيا السياسة (كاريزما) عمرو موسى، غنى له شعبان عبدالرحيم فى سابقة هى الأولى (بحب عمرو موسى وباكره إسرائيل).. حكايات عديدة ترددت بأن تلك الأغنية عجّلت بإقصائه بعيدًا عن وزارة الخارجية، لا أتصور أن هذه الحكاية لها نصيب موثق من الصدق، ولا يزال عمرو موسى يتمتع بتلك (الكاريزما) فى الشارع.
كان لاعب الكرة صالح سليم يمتلك فيضًا من (الكاريزما) دفعت السينمائيين لإسناد بطولة العديد من الأفلام إليه، رغم أنه لا يمتلك موهبة التمثيل، وهو ما دفع المخرج سمير سيف بعدها فى الثمانينيات لترشيح محمود خطيب لبطولة فيلم (غريب فى بيتى) أمام سعاد حسنى، اعتذر الخطيب لأنه لا يمتلك موهبة التمثيل، وأدى نور الشريف واحدًا من أهم أدوراه، إلا أن (كاريزما) الخطيب صاحبته من المستطيل الأخضر حتى مقاعد المتفرجين!!
عندما تتعانق الشطارة مع الجاذبية، نصل لذروة النجاح، سواء فى ساحة الاستديو، أو ساحة المستطيل الأخضر، أو ساحة المحكمة!!
التعليقات