ألفين واثنين وعشرون عاما مروا على قلوب مليارات من البشر، بخيرهم وتجاربهم وأوجاعهم وثبات وتقلب الأيام فيهم.
كلنا وقبل إحصاء السنوات نسأل ماذا منحت لنا الأيام؟ أليس كلنا نبحث عن الحياة الرشيدة؟
ماذا لو كان مصدر ألمك هو بذاته سر سعادتك؟ ماذا لو كان في بعض التخلي الكثير من الحيوات؟ وماذا لو كان تحدي كلمة لو تعني المزيد من السعادات؟
زارتنا جميعا التكنولوجيا التي تعرف بحق اتجاهاتنا وميولنا وذوقنا العام.
مجرد دخولك على الإنترنت يقدم لك مِزاجك الذي تحب، يُقَدَم لك من خلالك ما تفضل أن تطالعه وتسمعه أو تقرأه. فهل نمتلك نحن هذا القدر من الذكاء؟
هل تعرف أنت كيف تضبط مزاجك في الحياة؟ أين ذكائنا الفطري في اختيار نوع الحياة التي تناسبنا ونرتضيها؟
تقف الأشجار باسِقات في وجه العواصف والريح العاتية، يحدث ذلك كل عام بإستمرار وتظل على ذلك بنفس القوة والشجاعة. نعم يرهقها الثبات وتنهار أوراقها، لكنها ما تلبث أن تزهر من جديد.
ألا تستحق قوة جمالها أن نتوقف ونقتبس السعادة من فيضها؟
السعادة عادة! نعم عادة جيدة وعن تجربة، فنحن من نستجلب الرضا بداخلنا، ونحن أيضا من نجتر الهموم ونُصِّر على مصاحبتها.
الجَميل الذي تصنعه في نفسك هو أن تترك روحك تتفنن في مُراضاتك وتُيسر لها الطريق لإسعادك؛ تَخَلّى عن أحزانك وافلتها من قبضتك واتركها تمتزج في نهر دنياك حتى تتعادل وتَتزِن.
قرأت مقولة إنجليزية مبدعة تقول: "Erase your negative thoughts”
امحو من عقلك أفكارك السلبية، ثم عَادلها بداخلك وحولها لطاقة تستمد منها قوتك، فلا تقع بعدها في خطاك هذا مرتين.
كل شيء في دنيانا قابل للتغيير والاستبدال، اتجاهك الذهني والمكان الذي ستترك فيه قلبك، تعلقك بالأشياء واستجلاب الطيبين في ساحتك، كلها موضع لفعل الإرادة في حياتك.
لم يكن إلهنا إلا العادل الجبّار، لكن أعيننا يغطيها الحُجُب؛ فلِتأخذ نصيبك من الأمن وجب عليك هضم نصيبك من الألم ومن ثم تتغذى عليه.
وهل هناك من يفعل؟
نعم هناك من يستطيع أن يجعل عثراته كاشفة وباعثة للمزيد من الحياة.
اعتادت الدنيا أن تكون قاسية أحيانا، واعتاد قلبي أن يصر على هزيمتها، وأحببت أنا أن أراني في أول صفوف السعداء.
قررت يوما ما ليس ببعيد أن أغير اتجاهي الذهني تجاه كل ما صادفت من عثرات وآلام، والتي كانت كفيلة أن تفتك بسلامي النفسي وأمن قلبي. تَحَديت نفس لم تعتاد الوقوف بجانب روحها، وهزمتها ونهضت بها ثم أجلستها في أفضل مكان أحببت أن أراها فيه.
لقد كانت السعادة قرار وستظل اختيار.
أحببت عامي المنصرم فقد كان تتويج لاكتمال حقي الطبيعي في الحياة، وها أنا ذا أنتظر أن تزهر الدنيا وأن يستمر القدر رحيمًا مخلصًا، وأن أظل على عهدي بنفسي أنتظر أن تمر الخيرات على عمري وتبقى هناك.
ماذا لو قررنا اليوم ونحن على أعتاب سنة جديدة أن نتحول لمِزاج جميل؟ أنا أراك جميل وتستحق أن تحيا ويليق بك أن تبقى بخير.
ليست السعادة فيما تراه أنت جميل، بل هي في تحول رؤيتك لكل ما يمر من خلالك أنه هو الجميل.
أجبِر قلبك على التَبَسُم بضع أيام وسأضمن لك نتيجة مُذهلة. حقا لن تصدق كم التحول الإيجابي الذي سيطرأ على عمرك بعد أن توجه بوصلة رؤيتك تجاه "العين الجميلة".
ألم تسمع أحيانا أن فلان يقال عليه "عينه جميلة"؟ إنه شخص آمن أن الحياة اختبار، اجتيازه يعني المرور على الألم وعدم البقاء بداخله ومن ثم انتظار مفاجئات القدر الجميل والذي حتمًا سيأتي.
هذا ما سنضبط عليه أنت وأنا أعيننا من اليوم بقوة وحسم ورغبة حقيقية في اقتناص كل الجمال من دروب حياتنا. سنفعل ذلك من اليوم ولمدة عام من الآن. أعطيك واجب منزلي واتركك لنلتقي بعد ٣٦٥ من الآن لنرى ماذا أضافت التجربة على أيامنا.
التمس العذر لنفسك عن سوء اختياراتك وابحث في مجالك عن كل ما يبقيك سعيد، ثم انتظر وستأتيك المعجزة.
أثق بشدة كيف سيحدث لك تحول جذري في منظور رؤيتك لدنياك، فقد اختبرت تلك التجربة وأضافت لي المزيد من الحياة. قد ترى أن كلامي إنشائي، لكنك لن تصدق النتيجة إلى أن تخوض التجربة بنفسك.
وأخيرا، اعلم أن تلك التجربة على بساطتها ليست سهلة، فستحتاج كل قوتك وكامل إرادتك وعزم حقيقي لتثمر وتتمخض الحياة من خلالك عن إنسان سعيد.
تفاءل فالألم وإن كان يضعفك لأيام، لكنه يقويك ما تبقى لك من عمرك.
إن دنيانا قصيرة ونحن فيها عابرون، أُفضل أن امتلك عين جميلة على دنيتي وامتلكها، على أن تتملكني دنيا واسعة أتوه فيها على مر السنين.
أراكم غدا على خير في أوائل ساعات عامنا المقبل، متمسكين بشدة أن نظل عند حسن ظن عمرنا، آملين أن تتخلل قلوبنا المزيد من الحياة.
التعليقات