أكتب هذه الكلمة قبل إعلان نتائج المهرجان، ولا أتصور أن الستار سوف يُسدل، هناك فصول عديدة ننتظرها.
هل يحصل (ريش) - الفيلم الذى أثار الزلزال ولانزال نعيش توابعه - على جائزة؟.. لا أدرى كيف حسبتها لجنة التحكيم، فى عالمنا العربى كثيرا ما تصل تعليمات غير مباشرة، مثلما حدث العام الماضى فى مهرجان القاهرة السينمائى مع فيلم (عنها)، الذى كان مرشحا لجائزتى التصوير والديكور، اتهامات فقط على (السوشيال ميديا) نالت المخرج - بالمناسبة لم يثبت صحتها حتى الآن - بأنه قد تحرش ببعض السيدات، ما أدى لاستبعاد الفيلم.
لا أملك قطعًا اليقين بأن ما حدث بـ«القاهرة» وغيره من المهرجانات العربية المماثلة هو بالضرورة ما تكرر فى (الجونة)، ولست موقنًا أن الفيلم رُشح أصلًا لجائزة أم لا، سيحصل عليها أم تم استبعاده.. كل هذه التفاصيل قطعا لا أملكها، إلا أن تداعيات (ريش) لن تتوقف.
لو راجعت تاريخ الرقابة، ستجد نقطة فارقة عام 1875 أطلقوا عليها عقدة (المذنبون)، قصة نجيب محفوظ وإخراج سعيد مرزوق، حصل الشريط على تصريح بالعرض الجماهيرى، فقرر البعض قراءته سياسيا على أساس أنه بدلا من أن يفتخر بالوطن بعد انتصار أكتوبر بعامين فقط يقدم صورة سيئة للوطن، وتمت معاقبة الرقباء، فأصبحت أياديهم مرتعشة، وبات الرقيب يخشى الإباحة حتى لا يتعرض للمساءلة.. لا أستبعد أن تزداد رعشة الرقباء بعد (ريش) ويعاودوا النفخ فى الزبادى.. (المذنبون) يُصنف الآن ضمن قائمة الأفضل.
ما ملامح المهرجان القادم؟.. السؤال عن استمرار بقاء الخبير السينمائى انتشال التميمى، مديرا عاما يصعد للمقدمة. معلوماتى أن التعاقد معه لمدة خمس دورات قابل للزيادة، وهذه هى الخامسة، أى أنه فى انتظار تعاقد جديد أو رسالة شكر.
بدأت الدورة باعتذار وصلح على الملأ للفنانة الكبيرة يسرا، وقبلها بساعات جاء حريق جزء من المسرح، ثم تداعيات فيلم (ريش)، والبيان الذى اضطرت إدارة المهرجان لإصداره، والذى يشعرك أن المهرجان ارتكب جريمة ويحاول تبرئة ساحته، وقبلها اعتذار الفنان الفلسطينى محمد بكرى عن عدم الحضور خوفا من تكرار ما تعرض له قبل نحو 7 سنوات، عندما وصل لمطار القاهرة للمشاركة فى بطولة فيلم (القط) ولم يسمح له بالدخول، فهو بحكم ميلاده بعد نكبة 48 يحمل جوازى سفر إسرائيليا وفلسطينيا، وهى قضية شائكة جدا وأكبر من صلاحيات المهرجان، كان ينبغى ألا يعلن عن تكريمه قبل أن يوقن الجميع استخراج التأشيرة.
«بكرى» أرسل (فيديو) طالبا عرضه فى الختام، يعلن فيه عشقه لأم الدنيا وشعبها، وتقديره لإدارة المهرجان، ويؤكد أنه لم يأت لأسباب خارجة عن إرادته، ولا أظن أن الفيديو عرض أمس فى الختام.
جاءت استقالة المخرج أمير رمسيس، المدير الفنى، وعودته للقاهرة قبل الختام بيومين لتؤكد عمق المأزق، التوقيت حرج وكنت أتمنى الانتظار حتى حفل الختام، أكد لى أمير أن الأمور فاقت قدرته على الاحتمال، واستقالته ليست لها أى علاقة بعرض (ريش) الذى أحبه كثيرا.
استمرار بقاء مهرجان (الجونة) هو الهدف الأسمى لنا جميعا، يكفى أنه حقق مكانة متميزة فى العالم ولعب دورا مؤثرا لعودة السياحة، واجهة مشرفة للوطن، الأخوان ساويرس ( نجيب وسميح) لديهما قطعًا أهداف ثقافية واقتصادية، وهو ما يضمن للمهرجان الحياة.. الساعات القليلة ستشهد أكثر من قرار قبل أن يبرد الصفيح الساخن.
التعليقات