لا يجوز اختصار مهرجان (الجونة) فى فساتين النجمات ونتغافل عن الأفلام الحائزة جوائز عالمية، والندوات والورش والمعارض التى يُقبل عليها الجمهور، فإنه ليس من العدالة بسبب كلمة أفلتت من «السقا» أن نتغافل عن أحقيته فى التكريم.. إنه قطعا أحد أهم نجوم السينما المصرية فى الألفية الثالثة، تتويجه بجازة نجمة (الجونة) حق جدير به.. اعتذر السقا، ولكن البعض لا يزال يعاتبه. الإلمام بتاريخنا الفنى هو الدرس الذى تعلمه السقا وأخواته من النجوم بعد هذا الموقف.
فى عام 97 انطلق فيلم (إسماعيلية رايح جاى) الذى أكد محمد هنيدى كبطل قادم، اسمه حل رابعا فى (التترات)، لم يشارك السقا فى الفيلم، ولكن هنيدى اصطحبه معه فى فيلمى (صعيدى فى الجامعة الأمريكية) و(همام فى أمستردام).. عرف الناس السقا تحت المظلة الجماهيرية لهنيدى، ثم تصدر السقا الأفيش عام 2000 (شورت وفانلة وكاب).. أسباب متعددة أدت لهذا التغيير الاقتصادى الذى أسفر عن تغير اجتماعى، وبات الرهان على جيل جديد من النجوم، أغلبهم كانوا من رموز (السينما النظيفة)، وهو التعبير الجارح جدا الذى صار عنوانا للمرحلة، بعد أن أصبح المجتمع أكثر تحفظا.. أحمد السقا كتكوين ثقافى لا أتصور أنه مؤمن بشىء اسمه (النظافة) فى الفن، ولكن القبح والجمال هما معيار التقييم، إلا أننا يجب أن نذكر أيضا أن النجوم فى النهاية هم أسرى قناعات الجمهور، دافع التذكرة، ولهذا قد يخشى الفنان تصوير مشهد مما نُطلق عليه هذه الأيام تعبير (جرىء)، ليس بالضرورة عن قناعة ولكن مسايرةً لأغلبية تفرض قانونها. وأنا هنا لا أتحدث عن السقا تحديدا ولكن تتسع الرؤية لأغلب النجوم.
البقاء كل هذه السنوات كنجم شباك ليس أبدا ضربة حظ، إنه نتاج جهد واختيار وقدرة على المرونة، وهذا هو ما يتمتع به السقا، حتى لو اختلفت مع عدد من أفلامه ومسلسلاته، فإنه يظل نجمًا قادرًا على البقاء فى الدائرة الأكثر بريقًا وجماهيرية، يبتعد بقدر المستطاع عن استباحة حياته على (السوشيال ميديا)، التى صار البعض يصدرها ضمن أحد أهم الأسلحة.. السقا لا يضع نفسه فى (الفاترينة) ولا يسمح بالزج باسمه فى حكاية أو خناقة أو علاقة، ليظل فقط الفنان هو العنوان.
عندما تجتمع الموهبة مع الحضور وتُضاف إليها اللياقة البدنية، فإننا- ولا شك- نتحدث عن السقا.. لم يتوقف لحظة واحدة عن استخدام عقله لحماية موهبته، قد يخطئ فى الاختيار، عمليات الحساب لا تسفر فى كل مرة عن المعادلة الصحيحة، إلا أن المحصلة النهائية أننا بصدد فنان اختاره الناس، وفى نفس الوقت عرف كيف يحافظ على مكانته وصورته الذهنية.
السقا فتى مشاغب؟ نعم، إلا أنه ليس متهورًا.. مدلل من أبويه؟ نعم، إلا أنه عند الشدائد يتحمل المسؤولية، الشىء الوحيد الذى أخفق فيه أنه لم يحترف الغناء مع التمثيل، لديه أذن حساسة ورثها عن جده المطرب (عبده السروجى) صاحب أغنية (غريب الدار)، وجدنا تلك الموهبة فى (صعيدى) و(همام)، إلا أنه لم يملك الشجاعة الكافية ليواصل الغناء على المسرح.
نجم قابل للمس، تلك هى نصيحة والده الفنان الكبير صلاح السقا، التى قالها له وهو على فراش الموت: (لا تبتعد مثل النجوم فى السما)، وهى قطعا مفتاح جماهيريته الطاغية!.
التعليقات