مساء اليوم يختتم مهرجان (أوزباكستان) دورته التى تحمل رقم (21)، وسط حالة من الترقب ليس للنتائج التى تُسفر عنها هذه الدورة، حيث لا توجد مسابقات، بقدر ما يمكن أن نصف ما حدث هذه المرة بأنه نوع من (نوستالجيا)، استعادة الماضى لما يزيد على نصف قرن لأهم الفعاليات، وفى نفس الوقت يبدو وكأنه على الجانب الآخر تدريب لفريق العمل، من أجل استعادة اللياقة مجددا لفريق العمل الذى ينظم المهرجان بعد طول غياب.
ويبقى السؤال عن الدورة القادمة. لا أعتقد أنهم سيواصلون طريق إعادة قراءة تاريخ المهرجان، السنوات التى توقف خلالها فرضت عليه ملامح هذه الدورة، وكأنه يلفت إليه نظر العالم قائلا (نحن هنا).
عرف العالم فى السنوات الأخيرة عشرات من المهرجانات، يكفى أن أذكر لكم أن المهرجان العربى الوحيد الذى انطلق قبل (طشقند) هو (قرطاج) عام 66، سبقه بعامين، الآن لدينا عربيا فقط نحو 100 مهرجان سينمائى.
ما يستوقفنى دائما هو حفاوة الاستقبال التى تؤكد أن تلك طبيعة (الجينات)، وليست حالة احتفالية، شعب مضياف، وفى كل التفاصيل تجد، النظافة عنوانا ثابتا، روائح عطرة منتشرة فى كل المزارات على كثرتها فى الشارع، اللون الأبيض تقريبا يشكل أكثر من 70 فى المائة من السيارات وألوان البنايات، نادرا ما تستمع إلى صوت (كلاكس)، الهدوء يسيطر على كل جنبات الحياة، ورغم ذلك لا تختفى الموسيقى والغناء عن أى لقاء.
هل مجموعة الفرق الموسيقية تؤدى فقط دورها المكلفة به؟، تجد فيها مختلف الأعمار من العازفين والراقصين تشارك فى الاستقبال، هل هم يؤدون وظيفة أم أن تلك حقا هى مشاعرهم. كان لدينا فى الماضى مثلا وظيفة فى (الكورس) الغنائى اسمها (المطيباتى)، تلمح صوته فى عدد من الأغانى القديمة للموسيقار محمد عبد الوهاب وهو يردد (الله يا محمد)، عبد الوهاب قطعا يستحق أن نقول له الله، (المطيباتى) المحترف، ينتقل من تسجيل إلى آخر، هؤلاء يعبرون عن مشاعرهم أم يؤدون واجبا؟. رجل الشارع يلتف حول (الريد كاربت) بالمهرجان، ويهتف بأسماء الضيوف وهم لا يعرفون أغلبهم، إنها حقا المشاعر، وليست أبدا مهنة.
افتتح الوفد المصرى أكثر من سينما، سبق العروض حديث عن الأفلام المصرية الثلاثة ومخرجيها أمير رمسيس (حظر تجول)، وتامر عشرى (فوتوكوبى)، وعمرو بيومى (رمسيس راح فين).
المشاهد لا يفضل كتابة ترجمة على الشاشة، حتى لو كانت بلغة البلد، ولكنه يستمتع أكثر بـ(الدوبلاج) الصوتى، وأتصور أن هذا هو ما تم إنجازه خلال فترة زمنية وجيزة جدا، تم إرسال الأفلام قبل نحو أسبوع، وسجلوا الحوار على وجه السرعة، التقيت بأكثر من ممثل وممثلة شاركوا فى الأداء الصوتى، وقالوا لى إنهم لا يكتفون فقط بالترجمة من اللهجة المصرية إلى (الأوزباكستانية)، ولكنهم يدرسون الشخصية ودوافعها، ويصبح الأمر لبس مجرد ترجمة بالصوت ولكن يجب أن يسبق كل ذلك الإحساس.
أتصور أن المهرجان فى دوراته القادمة سيظل محتفظا بخصوصيته التى هى فى جزء كبير منها تعبر عن خصوصية هذا الشعب العريق، الذى يحمل توقا لكل ما هو عربى، كما أن لمصر لديه مكانة خاصة.. أتمنى أن نسعى لاستثمار هذه المشاعر الدافئة.. حقا أتمنى!!.
التعليقات