من أهم القرارات، التى أصدرها مؤخرا الرئيس عبدالفتاح السيسى، رعاية الدولة للفنانين وحمايتهم من العوز والحاجة، المبدع لا يقدم فنه ليعيش على أرباحه ولكن لنعيش نحن فى عالم أكثر رحابة وجمالا وإشراقا. على مدار التاريخ شاهدنا كيف تبدلت أحوال القسط الأكبر من الفنانين، ورأينا الورثة يتسولون شراء الكفن، وقبلها كانوا يمدون أياديهم لشراء ثمن الدواء، فاطمة رشدى لا تجد بيتا، وزينات صدقى تستعير فستانا، وعبدالفتاح القصرى يمد يده من شباك (البدروم) ليحصل على سيجارة من المارة، بينما هم لا يعرفون أنه الذى أسعدهم بطلته عشرات من السنين، بينما إسماعيل ياسين يعود لتقديم نكت قديمه فى (الكباريهات) ليجد قوت يومه.
المبدع فى كل المجالات هو حائط الصد الذى يحمى الوطن، جدار صلد من المستحيل اختراقه، أنغام سيد درويش وضحكات نجيب الريحانى وتماثيل محمود مختار وصوت أم كلثوم وروايات نجيب محفوظ هى من ترسم ملامح هذا الوطن.
المعاناة قديمة، ولكن مع تفشى الفيروس اللعين (كورونا) تقلصت مصادر الدخل، العازفون بعد القيود الموضوعة على إقامة الحفلات توقف مصدر دخلهم، إنهم أقرب لمن يعمل باليومية، إذا لم يمسك القوس أو الريشة لن يجد أموالا، كما أن هذا الدخل يُخصم جزء منه لصالح صناديق المعاشات والرعاية الصحية للزملاء، كل هذا وغيره تعثر، لا أحد يعمل، ولا أحد يساهم فى الصندوق.
صحيح أن أغلب النجوم الكبار لم ينل منهم هذا التعثر، وحفلاتهم زادت أسعار تذاكرها، إلا أنهم يشكلون الأقلية، وهو ما يفرض عليهم واجبا اجتماعيا لتقديم نسبة أكبر من الدخل للنقابات التى ينتمون لها.
لست ضد ارتفاع ثمن التذاكر، لأنه يخضع لقانون العرض والطلب، وهناك شريحة قادرة على دفع بضعة آلاف، مع مراعاة زيادة نسبة ما تحصل عليه النقابة، إنها المسؤولية الاجتماعية الغائبة، ولدينا النموذج أم كلثوم، التى لم تكتف فقط بتقديم صوتها للوطن ولكنها كانت تدفع من جيبها أجور العازفين حتى تذهب الحصيلة كاملة لدعم القوات المسلحة بعد هزيمة 67، امتدت مسؤولية أم كلثوم للعالم العربى، تغنى مثلا فى (أغادير) بالمملكة المغربية عام 60 مساهمة منها لتذهب الحصيلة لضحايا الزلزال.
أين فنانو مصر الآن من كل ذلك؟
الضمير الاجتماعى مفروض أن يستيقظ فى الأيام القادمة، أطلق الرئيس دعوة للمجتمع المدنى لكى يسترد عافيته، والمناخ القادم يفتح أبواب الحرية أكثر، وهى فرصة أراها مهيأة جدا لكى يطالب اتحاد النقابات الفنية، الذى يرأسه المخرج الكبير عمر عبدالعزيز، بعودة (عيد الفن) مجددا.
توقف العيد طوال زمن مبارك، 30 عاما، أعادة الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور لمرة واحدة 2014، وحرص وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى على الحضور، وشاهدنا وقتها آخر ظهور علنى لفاتن حمامة وماجدة الصباحى تتسلمان الجائزة، واستمعنا أيضا لآخر تسجيل صوتى لشادية، وتم اختيار 13 مارس موعدا للعيد لأنه يصادف ميلاد موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.
كان يوم العيد فى زمن السادات 8 أكتوبر، فى أعقاب انتصار أكتوبر بيومين فقط، وأظنه كان مقصودا، شهد مسرح سيد درويش تكريم أحمد رامى وعبدالوهاب والسنباطى ويوسف وهبى وحسن الإمام وصلاح أبوسيف، وغيرهم، الفرصة مهيأة الآن لكى يعود العيد، المظلة التى رفعها الرئيس ستكتمل وتحلق لأعلى، عندما يعود عيد الفن ونشاهد الرئيس وهو يكرم رموز مصر الإبداعية، إنهم حراس مشاعر وروح الوطن.
التعليقات