عند وفاة الموسيقار محمد عبد الوهاب في 4 مايو 1991 كنت في الصف الثاني الثانوي أؤدي امتحان نهاية العام وكان بالقرب من شباك لجنة الامتحان أحد المنازل يرفع صوت المذياع عاليا على إذاعة البرنامج العام والتي كانت تبث كعرض مستمر أغاني عبد الوهاب ولم أكن دريت بالخبر وقتها ولكن عرفت من حديث أحد المراقبين لزميله بعد أن ترامى إليهما صوت الاذاعة بأن عبد الوهاب قد رحل اليوم ..
لم أكن من مستمعي محمد عبد الوهاب وقتها بل بالعكس كان عرض أحد افلامه على القناة الأولى يبعث لدي احساس الضجر والملل بخلاف أفلام محمد فوزي او عبد الحليم حافظ .. وكنت لا أرى في صوته شيئا مميزا مع استثناء أغانيه التي غناها في مرحلة النضج بصوته الجديد الرخيم والذي ظهر في مرحلة الخمسينات وودع معه صوته الرفيع الرقيق والذي اشتهر به لعقود وكأنه اصبح شخصا اخر ولكن مع ذلك ايضا لم اكن من معجبيه فكنت اسمعه ثم استمع اليه بالصدفه احيانا وخاصة في اخر اغانية ( من غير ليه ) والتي كانت تملأ الأثير منذ عام 1989 وحتى رحيله
وكنت أراه كما يبدو في أفلامه حسب قناعتي شخصا مصطنع عديم الكاريزما ثقيل الظل ..
في الأيام التالية تكرر الاستماع لأغاني عبد الوهاب في كافة مراحله وبدأت في استكشاف ما كان خافيا من جمال الصوت والتعبير حتى في اغاني افلامه التي كانت تصيبني بالضجر سابقا .. ولكن بدأت معرفتي الحقيقة بمحمد عبد الوهاب حين اخذ التلفزيون يعرض لقاءات له قديمة وحديثة واكتشفت أنه له شخصية جذابة في السرد والحديث بخلاف ما كان يبدو عليه في أفلامه .. وكان من بين ما يعرضه التلفزيون البرنامج الرائع النهر الخالد والذي كان يحاوره فيه الأديب الراحل سعد الدين وهبه وكان يعرض أسبوعيا في حلقات ومن وقتها اصبحت من متتعبي تراث الموسيقار محمد عبد الوهاب كمطرب وملحن وكمتحدث ايضا.
ومن المفارقات بخصوص عبد الوهاب القديم والحديث اذكر أن زميل دراسة وقتها سألني هل حقا توفى محمد عبد الوهاب صاحب الأفلام القديمة الأبيض والأسود ؟ وهل كان حيا الى اليوم !! أجبته نعم ألم تراه وهو يغني حديثا أغنية من غير ليه !! فاجاب باستغراب وهل الإثنان واحد؟ فقد كان يتصور أن هناك اثنين محمد عبد الوهاب وليس عبد الوهاب واحد على طريقة ( دبل زوكش ) حاليا.
التعليقات