في إنجاز علمي جديد، وصل القمر الاصطناعي "دي إم سات-1"، القمر البيئي النانومتري الأول من نوعه الذي أطلقه مركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون مع بلدية دبي، إلى مداره حول الأرض، بعد عملية إطلاق ناجحة من قاعدة "بايكونور" في كازخستان على متن الصاروخ الفضائي "سويوز 2.1A"، حيث انفصل القمر عن الصاروخ على ارتفاع 550 كيلومتراً عن سطح الأرض بإشراف فريق من المسؤولين والمهندسين من مركز محمد بن راشد للفضاء وبلدية دبي.
وتم التأكد من دخول القمر إلى مداره وبدء مهمته العلمية بعد استلام أول إشارة من القمر في مركز تحكم المهمات الفضائية في مركز محمد بن راشد للفضاء في تمام الساعة الرابعة واثنين وأربعين دقيقة بعد ظهر اليوم "الاثنين" بالتوقيت المحلي لدولة الإمارات، لينتقل القمر إلى مرحلة التشغيل التي ستكون تحت إشراف مركز محمد بن راشد للفضاء بالكامل، حيث سيبدأ القمر مهمته في الرصد وجمع البيانات حول جودة الهواء في إمارة دبي بعد التأكد من أداء جميع الأنظمة على متن القمر.
ويُعد القمر "دي إم سات-1" أول قمر اصطناعي نانومتري بيئي لبلدية دبي بالتعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء، ويحمل مجموعة من أحدث أجهزة الرصد البيئي في العالم. وقد أشرف فريق المركز على تطوير وإطلاق القمر، حيث تم تكليف جامعة تورنتو الكندية بعملية بناء القمر، الذي انتقل بعد ذلك إلى قاعدة "بايكونور" في كازخستان، بينما انضم فريق من المهندسين والخبراء من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى فريق القاعدة لإتمام عمليات الاختبار والتجهيز.
وتم تثبيت القمر على متن صاروخ سويوز 2.1A في السابع من مارس الجاري، قبل إتمام اختبارات الجهوزية يوم 12 مارس. فيما دخل القمر يوم 17 مارس مرحلة مهمة مع نقل الصاروخ الذي يحمل القمر إلى قاعدة بايكونور استعداداً للإطلاق.
وبعد دخوله إلى المدار المستهدف حول الأرض، بدأت مرحلة الاختبارات للأجهزة و الأنظمة الموجودة على متن القمر الاصطناعي "دي إم سات-1" للتأكد من جاهزيتها و أدائها قبل البدء في مباشرة مهامه العلمية، حيث ستنطلق مرحلة جمع وتحليل البيانات البيئية خلال الأيام القادمة، بينما سيقوم فريق من المركز وبلدية دبي، بتحليل البيانات المتعلقة بجودة الهواء وقياس نسبة التلوث والغازات الدفيئة، والتغيرات الموسمية في توزيعها وكثافتها، للاستفادة من تلك البيانات في وضع الخطط لمكافحة التلوث والاحتباس الحراري، والوصول إلى فهم علمي دقيق لكيفية تحسين جودة الهواء في إمارة دبي والدولة بشكل عام.
ويعكس "دي إم سات-1" التزام دولة الإمارات ببنود اتفاقية باريس للمناخ، والتي تنص على توفير معلومات وبيانات حول انبعاثات الغازات الدفيئة، فضلاً عن بناء القدرات الوطنية في مجال دراسة وتحليل ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويأتي إطلاق "دي إم سات-1" في سياق استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، وسيكون له دور محوري في دعم تنفيذ النظام الوطني لإدارة انبعاثات الغازات الدفيئة ضمن الخطة الوطنية للتغير المناخي لدولة الإمارات 2017-2050.
ويُعد إطلاق القمر "دي إم سات 1" فرصة استثنائية لبناء قدرات بحثية وفنية جديدة في مجالات البحث العلمي البيئي على المستوى المحلي، كما سيسهم في فتح آفاق جديدة لتسخير تكنولوجيا الفضاء في خدمة القطاعات البيئية وتحقيق الاستدامة.
وقال سعادة داوود الهاجري، مدير عام بلدية دبي "دي إم سات 1" هو تجسيد لإرادة التفوق التي تميز دولة الإمارات التي استطاعت بحكمة قيادتنا الرشيدة أن تنخرط في المجالات النوعية وتعزز من إسهاماتها في خدمة الحضارة الإنسانية." وأضاف: "هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا الدعم الكبير من قيادتنا الرشيدة، حيث شكلت رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" ، لدخول دولة الإمارات بقوة في مجال علوم الفضاء وتصنيع الأقمار الاصطناعية، الدافع الأكبر لأبناء الوطن للنجاح في هذا المجال الحيوي الدقيق. كما أن متابعة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لكل مراحل بناء وإطلاق القمر كانت مصدر تحفيز كبير لمواصلة الجهود وتحقيق النجاح المنشود".
وأوضح مدير عام بلدية دبي: " دي إم سات-1 " لديه القدرة على إرسال واستقبال الصور الدقيقة لتعزيز منظومة الرصد البيئي إضافة إلى رصد تركيز الجسيمات العالقة في الغبار ورصد مستويات تركيز الغازات المسببة لظاهرة التغير المناخي وهي ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء، وما يزيد من أهمية هذا المشروع أن القائمين على إدارة القمر هم من أبناء الوطن الذين باتوا يمتلكون المعرفة والمهارة النوعية في هذا المسار التكنولوجي المهم".
وأكد سعادة داوود الهاجري أن "دي إم سات 1" سيزيد من خبرة الإمارات التراكمية في مجال الأقمار الاصطناعية، ويعزز الانجازات المتواصلة في مجال الفضاء والأقمار الاصطناعية لتأكيد حقيقة أن دولة الامارات تمتلك طموحاً لا سقف له، وأنها قادرة على أن تكون ضمن الكبار في هذا المجال.
من جانبه، قال سعادة حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء: " نجحنا اليوم في إضافة فخر جديد يعكس نهج الإمارات وإصرارها على أن تكون دوماً في الصدارة في كافة المجالات بما في ذلك بحوث الفضاء وتسخير العلم والتكنولوجيا من أجل خدمة الإنسانية. وهذا النهج الريادي الذي وضعته لنا القيادة الرشيدة عزّز من إرادتنا في أن نحقق كل يوم المزيد من النجاحات خصوصاً في ظل حرص القيادة على احتضان الجهود العلمية وتوفير كل العوامل اللازمة لتحقيق قفزات نوعية متتالية في مجال استكشاف وعلوم الفضاء، فلولا قيادتنا الرشيدة التي علمتنا أن الريادة هي غايتنا في كل ما نقوم به لما كنا نحتفل اليوم بإطلاق أول قمر بيئي نانومتري في المنطقة".
وأضاف: "يشكّل القمر الاصطناعي " دي إم سات-1 " دفعة جديدة على مستوى الدولة لتحقيق استراتيجياتها التنموية القادمة الخاصة بجعل الإمارات الدولة الأفضل عالمياً، وبناء دولة قادرة على استخدام أحدث التقنيات العالمية من أجل بناء مدن مستدامة، إذ سيسهم القمر في توفير معلومات علمية دقيقة تساعد صُنّاع القرار في تبنّي الخطوات اللازمة لتحسين المجالات البيئية".
من جهته، قال سعادة يوسف حمد الشيباني، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء: " هدفنا في مركز محمد بن راشد للفضاء أن نواصل السير بخطى واثقة نحو تحقيق طموح الدولة في إرساء قاعدة بحثية تكنولوجية مؤسساتية متينة تسهم في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الخاصة ببناء اقتصاد قائم على المعرفة وتطوير الكوادر الوطنية وتعزيز قدرات المؤسسات المحلية حتى تكون قادرة على القيام بالأدوار المنوطة بها من أجل تحقيق الأهداف المستقبلية".
وأوضح: " يصب تعاوننا مع بلدية دبي في إطلاق القمر الاصطناعي " دي إم سات 1 " في هذا الإطار، ويسعدنا أن نكون في مركز محمد بن راشد للفضاء جزءاً من أي مشروع فضائي علمي يقدم الدعم لمؤسسات الوطن ويساعدنا على بناء مستقبل أفضل ودولة ريادية بما يتوافق مع رؤية القيادة الرشيدة".
من ناحيته قال عدنان الريس مدير مشروع " دي إم سات 1" ومدير أول إدارة الاستشعار عن بعد في مركز محمد بن راشد للفضاء : " إن إطلاق القمر الاصطناعي " دي إم سات1" سيشكل نقلة جوهرية في مجال الحصول على البيانات البيئية في الدولة والمنطقة بشكل عام، إذ يحتوي القمر على ثلاثة أجهزة علمية متطورة تشمل ثلاث حزم ضوئية زرقاء، و حمراء و تحت حمراء ، و أنظمة استشعار تعمل على رصد غاز الميثان، وثاني أكسيد الكربون و تركيز بخار الماء و التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري كما تعمل على رصد الملوثات و الجزيئات الدقيقة في الهواء. كما تم تطوير أنظمة أرضية متطورة لتحليل البيانات بدقة وتحقيق هدف المشروع بتطوير نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد لانتشار ملوثات الهواء على مستوى الدولة، ودعم الجهات المختصة في عمليات اتخاذ القرارات اللازمة في مجال مكافحة التغيرات البيئية والمناخية".
وأضاف: "خلال تنفيذ المشروع، حرصنا في مركز محمد بن راشد للفضاء على إجراء عمليات بحث دقيقة وإجراء المقارنات المعيارية بأسلوب علمي من أجل تحديد الأفضل من حيث الأجهزة والشركاء وأسلوب العمل ضماناً للحصول على أفضل النتائج، واليوم نحتفي بنتيجة ساعات طويلة من العمل الدؤوب قام بها فريق المهندسين والمهندسات التابعين لكل من المركز و بلدية دبي، الذين عملوا معاً من دون كلل من أجل إنجاح عملية الإطلاق".
من جانبها، قالت المهندسة علياء الهرمودي مدير إدارة البيئة ببلدية دبي: " تخطو دبي اليوم خطوات جديدة نحو المستقبل برؤية طموحة، تقوم على امتلاك زمام التكنولوجيا بل والمشاركة في تطويرها وتطويع تطبيقاتها وأدواتها لخدمة أهدافنا التنموية، وفق أفضل الممارسات العالمية".
وأضافت : "تكنولوجيا الفضاء اليوم، والتي حققت فيها دولتنا تقدماً نوعياً خلال الفترة الماضية، ستكون عوناً لنا لتحسين نوعية الحياة على الأرض، إذ سيوفر القمر الاصطناعي الجديد «دي إم سات 1» المعلومات اللازمة لبلدية دبي، لتقوم بوضع خطط الاستجابة للتغيرات البيئية العالمية، كما ستساعدنا المعلومات التي سيزودنا بها القمر في تحديد الخطوات اللازمة لمكافحة التغيرات المناخية ووضع خطط بيئية طويلة الأمد".
وقالت : " يسعدنا التعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء والمؤسسات الأكاديمية الأخرى المشاركة في هذا المشروع الذي ننظر له كونه خطوة مهمة ستحدث تغييراً ملموساً في مجال أبحاثنا البيئية، كونه سيعزز جهودنا في مجال البحوث والمراقبة البيئية، كما سيشكل أساساً لإطلاقنا في تنفيذ مشاريع تكنولوجية مستقبلية، إذ نتطلع إلى استمرار هذه الشراكة مع المركز لتقديم مزيد من الإنجازات التي تدعم توجهات دبي في تحسين بيئتها".
ويزن القمر النانومتري "دي إم سات-1" 15 كيلوجراماً، ويحمل على متنه أحدث أجهزة الرصد الفضائي للغازات الدفيئة وبخار الماء، ورصد الملوثات والجزيئات الدقيقة في الهواء. كما يحمل أنظمة اتصال للتواصل مع المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، وسيعمل خلال الفترة من 3 – 5 أيام على رصد الموقع نفسه أكثر من مرة، وبزوايا تصوير مختلفة وبدقة عالية. وسيقوم القمر بـ 14 دورة حول الأرض يومياً مع إرسال البيانات إلى المحطة الأرضية ما بين 4 إلى 5 مرات في اليوم الواحد.
التعليقات