قرأتُ رواية "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" للصديق الشاعر والكاتب الكبير أحمد فضل شبلول، في يوم واحد. بدأتُ قراءتها في العاشرة وانتهيت منها في الثالثة صباحا، لقد جذبتني الرواية منذ سطورها الأولى، وكنت ألتهمها التهاما، ولم أستطع أن أتركها إلا بعد أن أجهزت عليها، أولا لعذوبة وجمال وبساطة لغتها، فهي أقرب إلى لغة الشعر، حيث التكثيف في الجمل، ورشاقة العبارات، وغياب الترهل والثرثرة، واحتشاد الرواية بالشعر (فصحى وعامية) واختياره أوبريت الليلة الكبيرة لصلاح جاهين، ليكون خلفية لبعض أحداث الرواية، وفي ظنى هو إختيار موفق لانسجامه مع العوالم الشعبية للرواية، وقصائد أخرى لشعراء قدامى ومحدثين.
أحمد فضل شبلول
ورغم أن الرواية هي سيرة لونية - إن جاز أن نسميها - لحياة ولوحات محمود سعيد، الذي اصطحبه الموت في رحلة إلى الحياة، بشكل فانتازي، وعن طريق (الفلاش باك) يحكي سيرة لوحاته التي رسمها وقصة كل لوحة، وما الدافع وراء رسمها، لنعرف تفاصيل مدهشة وزخمًا معرفيًّا كبيرًا في شتى المجالات التي تخدم فكرة الرواية، وخلفيات سياسية، واقتصادية، وتاريخية، وشخصيات تم استدعاؤها لتحكي فصولا مهمة من تاريخ مصر القديم والحديث، فنجد "كيلوباترا، وشجر الدر، والملك فاروق، والملكة فريدة.. وغيرهم".

ويصحبنا محمود سعيد لنتعرف على أدق تفاصيل الفن التشكيلي، والألوان والظلال، وأهم الرسامين في العالم، أمثال: دافنشي، وبيكاسو، وأشهر وأهم اللوحات في العالم، وكيف أن قصيدة أوحت له برسم لوحة "بنات بحري"، وهي من أهم لوحاته، وعلاقة الموسيقى بالفن التشكيلي، بل احتشدت الرواية أيضا بالحديث الماتع عن أهم الزهور وأندرها وعلاقتها بلوحات محمود سعيد.
بدأت الرواية من الفصل (١٦) وانتهت عند الفصل (١) لتخدم فكرة الفلاش باك الذي استندت عليه الرواية، لتنتهى بعودة سعيد مرة أخرى إلى العالم الآخر بصحبة الموت الذي منحه فسحة من الوقت كي يمتعنا، فطوّف بنا في عوالم أكثر جمالاً وروعة من عالمنا الواقعي.
إنها رواية فاتنة، محتشدة بوهج شعري، ولغة جذابة، وجمال في الأسلوب.
تحية التقدير لصديقي المبدع على هذه الرواية التي أمتعتني، فطيرت النوم من عيني لفرط جمالها.
التعليقات