صدر للكاتب والناقد المصري أحمد رجب شلتوت مجموعة قصص مختارة بعنوان (فاطمة لا ترقص التانجو) عن وكالة الصحافة العربية- ناشرون
تتسم قصص أحمد رجب شلتوت بقدرتها على المزج بين الحس الرومانسي والنفحة الوجودية، إذ يعالج موضوعات إنسانية عميقة عبر أسلوب سردي يعتمد كثافة التعبير وبناء المشاهد المتتابعة في لغة تميل إلى السينمائية، ويتبدى في نصوصه تركيز على هموم الذات وعلاقتها بالآخر، حيث لا يكتفي بتقديم الشخصيات في سياقها المجتمعي فحسب، بل يسعى لكشف دواخلها النفسية وقلقها الوجودي وانعكاس ذلك على سلوكياتها.
ويظهر شلتوت اهتماما خاصا برصد التفاصيل الصغيرة التي تفضح تناقضات الواقع الاجتماعي، فتصبح المشاهد اليومية نافذة للتأمل الوجودي والبحث عن معنى للحياة. ورغم الحضور الواضح للمعاناة الفردية في قصصه، فإنها لا تنفصل عن قضايا الواقع، بل تجعل من الشخوص مرأة تلقي الضوء على المعاناة الجماعية بشكل إنساني يثير التعاطف ويحفز على التفكير.
وتتميز لغة الكاتب بقدرتها على الجمع بين البساطة والرمزية، إذ يختار كلماته بدقة ليبث عبرها شحنات شعورية تلامس وجدان القارئ. كما يستخدم التقطيع إلى مشاهد قصيرة، ما يضفي على السرد إيقاعا متدفقا ويتيح التوقف عند نقاط مفصلية، فتغدو كل لقطة وحدة سردية مكثفة تحمل دلالاتها الخاصة، وبذلك يكرس شلتوت أسلوبا يقترب من السيناريو السينمائي، حيث يتنقل القارئ بين ومضات ملونة بتجارب الشخصيات فيعيش توترها وأحلامها في أن واحدة، بهذا الانصهار بين الأسئلة الوجودية والالتقاط الفني للتفاصيل، يقدم أحمد شلتوت نصوصا شائقة تقرأ الواقع بعين مفتوحة على الدهشة وتحتضن الإنسان في قلقه وتشوقه الدائم للتجاوز والحرية
ولد أحمد رجب شلتوت في 17 أبريل 1962 بمدينة أبو النمرس بمحافظة الجيزة. حصل على بكالوريوس تجارة من جامعة القاهرة، وبرز كواحد من أبرز الأسماء في مجال الكتابة الأدبية في مصر والعالم العربي. فاز بعدة جوائز أدبية مرموقة، منها جائزة إحسان عبد القدوس عام 2008 عن روايته حالة شجن، وجائزة ساقية الصاوي للقصة القصيرة جدًا عام 2010.
أصدر شلتوت عددًا من المجموعات القصصية المتميزة مثل (العائد إلى فرحانة) في (1996)، و(السعار والشذى) في (1998)، و(دم العصفور) في (2002)، و(ساعة قبل النوم) في (2009)، كما قدم أعمالًا روائية بارزة، من بينها رواية حالة شجن الفائزة بجائزة إحسان عبد القدوس. وكتب أيضًا للأطفال، مثل قصته العش للعصافير. خلال فترة جائحة كورونا، استثمر شلتوت وقته في الكتابة، وأصدر كتاب العزلة ليست هي الوحدة، الذي يعكس رؤيته للعزلة التي فرضها الوباء وكيف أثرت على المجتمع.
عن هذه المجموعة يتذكر أحمد رجب شلتوت لقاءه في ديسمبر 1985 بالأديب الراحل محسن الخياط حيث عرض عليه قصته "الضاحكون" فقرأها وقال كلاما طيبا ووعده بنشرها في صفجة أدباء الأقاليم بجريدة الجمهورية، وبعد أسبوعين بر بوعده، فمنح شلتوت زادا نفسيا دفع لأن يسلك دربا أحبه وإن كان يخشاه، وفي 2020 نشرت مجموعتي "فاتحة لصاحب المقام"، .... وبين التاريخين قضى عمرا ممتعا شهد العديد من القصص والمجموعات، التي اختار منها قصص هذه المجموعة.
التعليقات