أصبح المنتدى العالمي الأول لأدب الأطفال، الذي يعقد في الفترة من 25 أكتوبر إلى 3 نوفمبر في أنطاليا، تركيا، حدثًا يعيد تشكيل النهج المتبع في التعامل مع كتب الأطفال - أشكالها ومعناها ومضمونها الداخلي.
افتتح المنتدى، الذي نظمته منظمة كُتّاب العالم (WOW) وقادته رئيستها مارجريتا آل، بخطابها، مؤكدة على الحاجة إلى النظر إلى الأدب باعتباره رمزًا خاصًا يجمع بين الكلمات والصور والثقافة والمعنى، ويغذي ويشكل عقول الشباب من خلال المدوّن والمرئي. جمع المنتدى بين الكتاب والفنانين والناشرين والمترجمين والمعلمين والخبراء في الأدب والفن من 17 دولة، بما في ذلك تركيا وروسيا وأبخازيا وأذربيجان وغانا ومصر والهند ونيجيريا وكازاخستان وقيرغيزستان وكولومبيا والإمارات العربية المتحدة وطاجيكستان وأوزبكستان وجنوب إفريقيا. ولم يخصص المشاركون هذه الأيام لمناقشة قضايا التعليم والتنوير فحسب، بل ركزوا أيضاً على التعمق في جوهر أدب الأطفال باعتباره ظاهرة تشكل العالم الداخلي للأجيال القادمة.
وكان من بين المشاركين في المنتدى والضيوف الكرام ممثلو المنظمات الثقافية والتعليمية الدولية. فألقت سفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة، والدكتورة في الفلسفة، والشاعرة ألكسندرا أوتشيروفا، ورئيسة جمعية شعوب أوراسيا، والنائبة الأولى للجمعية العامة لشعوب أوراسيا وأفريقيا، سفيتلانا سميرنوفا، كلمات الافتتاح. وتأكدت أهمية المنتدى باعتباره حدثاً دولياً من خلال الكلمات الشخصية التي ألقاها فلاديمير بيريوكوف، القنصل المستشار في القنصلية العامة للاتحاد الروسي في أنطاليا، وأشرف أبو اليزيد، رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين، والأمين العام لمؤتمر الصحفيين الأفارقة، وليوبوف دوكلسكايا، رئيسة مدرسة موسكو الدولية الخاصة، ومارينا سوروكينا، رئيسة الجمعية الروسية في أنطاليا، وألكسندر أوستروفيرخ، مدير وكالة الكتب الأوراسية. لقد أعطى دعمهم للمنتدى مكانة مميزة باعتباره ملتقى ثقافيًا، يحدد استراتيجيات التفاعل بين ممثلي البلدان والثقافات المختلفة ويسلط الضوء على الالتزام المتبادل بالإثراء الثقافي.
فضاء للكتاب والفنانين والناشرين والمعلمين
في أنطاليا، أصبح المنتدى فضاء رحبا يجتمع به الكتاب والفنانون والناشرون والمعلمون والفلاسفة لمعالجة جوهر كتب الأطفال. لم يكن مكانًا لتصنيف التنسيقات أو مقارنة التقاليد القديمة والجديدة، بل كان منتدى حيث تتحد الكلمات والمرئيات في جهد موحد - لتشكيل الشخصية والثقافة ونظرة العالم لدى القراء الشباب، وتطوير عالمهم الداخلي من خلال التراث والتفسيرات المعاصرة. تم تفكيك الحدود بين التنسيقات التقليدية والرقمية، ولم يتم رسم أي تمييز. بدلاً من طرح السؤال "ما هو الأفضل" أو "ما هو الأكثر أهمية"، فكر المشاركون في كيفية الحفاظ على قوة محتوى الكتاب في واقع متغير باستمرار. في هذه المساحة، وجد كل شكل مكانه، بينما استمرت الكلمات داخل النص في تشكيل نظرة الأطفال للعالم، سواء كانت مقروءة على الورق، أو مرئية على الشاشة، أو مسموعة صوتيا.
يظل كاتب الأطفال، الذي يخلق المحتوى، الشخصية المحورية للمنتدى، وكلمته هي أداة النقل الثقافي والأخلاقي، حيث تصبح الكلمات أفعالاً ويصبح النص موصلاً للمعنى. وكما لاحظ المشاركون في المنتدى، فإن كاتب الأطفال يفعل أكثر من مجرد نقل المعلومات أو وصف المغامرات؛ فهو يدمج الرموز الثقافية الأساسية، والأساس لنظرة عالمية. يوحد الكتاب والفنانون والرسامون - الذين يخلقون جميعًا العالم المرئي للكتاب - جهودهم في مهمة الرعاية. كانت هذه السيمفونية من الكلمات والصور محورية للمنتدى، الذي لم يطرح السؤال حول كيفية الحفاظ على القديم أو دمج الجديد، ولكن كيفية دمجهما في نسيج واحد ذي معنى.
تناول المنتدى المفاهيم والمناهج وتمثيل وترويج كتب الأطفال على الساحة العالمية. وتم اعتماد عدة قرارات، مما وضع الأساس للتنمية المستقبلية ودعم كتاب الأطفال ورساميهم. كان أولها إنشاء ميثاق كاتب الأطفال - وهي وثيقة من شأنها أن تضع معايير عالية لأدب الأطفال، وتحدد دور ومسؤوليات كتاب الأطفال، وتضع مبادئ أخلاقية. يخدم الميثاق أكثر من مجرد مجموعة من المبادئ التوجيهية؛ فهو قانون يكرس المعايير الأخلاقية، وسيكون الأساس الذي يمكن للمؤلفين من خلاله الاستمرار في تطوير أدب الأطفال. كما يؤسس الميثاق للمكانة العالية لكاتب الأطفال كشخصية مهمة في رعاية العقول الشابة، والمسؤولة عن وضع المعايير الأخلاقية والثقافية التي تنقلها الكتب. كان قرار إنشاء الميثاق بمثابة خطوة أساسية في تحديد دور الكاتب في عالم اليوم، حيث تظل الكلمات الناقل الأساسي للمعنى والقوة التكوينية، حتى في مواجهة التحولات التكنولوجية.
تأسيس مجلس استشاري دولي من الخبراء
بالإضافة إلى الميثاق، قرر المنتدى تأسيس مجلس استشاري دولي من الخبراء تحت إشراف منظمة كُتّاب العالم (WOW). سيشرف هذا المجلس على اختيار وتحليل أعمال كتاب الأطفال المعاصرين، والتي ستشكل الأساس للموسوعة العالمية لأدب الأطفال. ستشمل هذه الموسوعة أعمالًا تلبي المعايير الأخلاقية والثقافية السامية، وتوفر مصدرًا للمعلمين وأولياء الأمور والناشرين في جميع أنحاء العالم وتوفر الوصول إلى الأعمال التي تم فحصها بهدف رعاية وتنمية شخصيات الأطفال. سيعمل المجلس الاستشاري من خلال ستة أقسام قائمة على اللغة، مما يسمح بالسياق الثقافي واللغوي الفريد لكل عمل. سيتم إدارة تنسيق عمل كل قسم من قبل المكتب المركزي للمنظمة، وسيتم نشر نتائج جهود المجلس، بما في ذلك التحديثات والتوصيات الجديدة، علنًا على الموقع الرسمي لمنظمة كُتّاب العالم (WOW).
أقيم المنتدى كجزء من معرض أنطاليا الدولي للكتاب، مما يعطي الحدث أهمية خاصة. لقد أثبتت أنطاليا نفسها بسرعة كمنصة رئيسية للحوار الثقافي الدولي، حيث تجتذب الكتاب والفنانين والناشرين من جميع أنحاء العالم وتعزز مكانة تركيا كمركز ثقافي حيث تتلاشى الحدود بين البلدان والتقاليد، وتصبح الأدب لغة عالمية لتبادل القيم. وقد عرض المعرض العديد من الكتب والمشاريع الجديدة التي وسعت الأفكار حول كيفية تطور أدب الأطفال. وأصبح المنتدى مكانًا لاستكشاف أشكال وتنسيقات جديدة لكتب الأطفال وتطوير الأساليب التي تمكن أدب الأطفال ليس فقط من الوجود في عالم جديد ولكن أيضًا للتوجيه والإلهام والرعاية.
مع اقتراب المنتدى من نهايته، في 31 أكتوبر، سيتم تقديم عرض حيث تتم دعوة المشاركين في المنتدى والكتاب الأتراك. سيعرض هذا الحدث عمل منظمة كُتّاب العالم ومشاريعها الرائدة التي تهدف إلى دعم وتطوير أدب الأطفال. سيتضمن العرض ثلاثة كتب مهمة، كل منها يجسد مهمة المنظمة العالمية للكتاب والأفكار التي شكلت المنتدى.
عروض الكتب
ستقدم ألكسندرا أوتشيروفا، سفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة، كتابها "الكونية الروسية" - وهو عمل يستكشف فكرة الارتباط الوثيق بين البشرية والكون، ويجسد فلسفة الكونية، حيث تشكل الروحانية والتراث الثقافي أساس التنمية. إنه أكثر من مجرد عمل فلسفي؛ إنه رؤية للبشرية ومكانتها في العالم، حيث تعمل الكلمات كجسر لفهم واحترام الوجود.
ستقدم مارجريتا آل، رئيسة منظمة كُتّاب العالم (WOW)، مجموعة من الشعر الطليعي بعنوان "ManifestAl". هذا الكتاب عبارة عن حوار فريد بين المؤلف والقارئ، حيث يصبح الشعر انعكاسًا للموضوعات المعاصرة، وأسئلة حول مكانة البشرية في العالم، وعلاقتها بالثقافة والتراث. يقدم الشكل الطليعي للكتاب للقراء طرقًا جديدة لفهم الشعر كفن يمكنه استحضار التأمل العميق والوعي بالسياق الثقافي والتاريخي للفرد.
سيقدم أشرف أبو اليزيد، كاتب أدب الأطفال المصري، إصداراته للأطفال التي أصبحت رموزًا للأدب الرفيع المستوى، الذي ينقل التوجيه الأخلاقي. إذ تخاطب كتبه النشء داعمة التسامح والتنوع الثقافي وتنقل هذه القيم من خلال صور واضحة وسهلة الفهم. تقدم أعماله للقراء الصغار أفكار احترام الثقافات الأخرى، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من التطور الأخلاقي. قام أشرف بترجمة حكايتين شعبيتين من تأليف الشاعر التتري عبد الله طوقاي، ونشرتا في الكويت؛ (شورالي)، و(الماعز والخروف). كما سيقدم (حكاية فنان عاش 5000 عام)، حيث صاغ المؤلف تاريخ الفن المصري عبر العصور المختلفة للأطفال، فضلا عن عمله الأشهر (قطتي تؤلف كتابًا).
سيؤكد عرض هذه الكتب في معرض الكتاب الدولي في أنطاليا على أهمية التبادل الثقافي وإتاحة الفرصة للمشاركين في المنتدى لرؤية مناهج مختلفة لأدب الأطفال تعكس أفكار المنتدى ورسالة منظمة الكتاب العالمية. تعرض هذه الكتب وجهات نظر وتوجهات متنوعة ولكنها تتحد في هدفها المتمثل في نقل القيم التي تشكل وجهات نظر الأطفال وشخصياتهم.
لقد أصبح المنتدى العالمي الأول لأدب الأطفال في أنطاليا حدثًا يفتح إمكانيات جديدة لكتب الأطفال، ويضع أجندة دولية للحوار بين الكتاب والفنانين والناشرين والشخصيات الثقافية من جميع أنحاء العالم. سيتم نشر قرارات المنتدى، وستصبح الاجتماعات السنوية المخطط لها في أنطاليا تقليدًا يدعم تطوير أدب الأطفال ويعزز الروابط الثقافية.
التعليقات