تشهد بريطانيا ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة عدم الرضا عن العلاقات الزوجية، حيث أظهر مسح الأسر الأخير الذي أصدره مكتب الإحصاءات الوطنية أن نسبة الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم "غير سعداء إلى حد ما" أو "غير راضين" عن علاقاتهم الزوجية قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2014. ورغم هذا الارتفاع، سجل معدل الطلاق أدنى مستوى له منذ أكثر من نصف قرن، وهو اتجاه يتزامن مع أزمة تكاليف المعيشة التي تعصف بالبلاد.
تواجه الأسر البريطانية أسوأ موجة تضخم منذ عقود، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير، بما في ذلك فواتير الطاقة، أسعار البقالة، والإيجارات. كما أن ارتفاع أسعار الرهن العقاري، الذي فرضه بنك إنجلترا لكبح التضخم، ساهم في زيادة تكلفة امتلاك واستئجار المنازل، مما أدى بدوره إلى ارتفاع تكلفة الطلاق، حيث أصبح الانفصال المالي أمرًا صعبًا لكثير من الأزواج.
تراجع مستويات السعادة
أشارت بيانات مسح الأسر إلى أن القلق المرتفع وانخفاض رضا الحياة بين البريطانيين تجاوز مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19 في الربع الأول من عام 2024. وبلغت نسبة الأشخاص غير الراضين عن علاقتهم الزوجية 6% في عام 2022، وهي أعلى نسبة منذ عام 2014، مما يعكس التأثير السلبي للأوضاع الاقتصادية على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد.
انخفاض معدلات الطلاق
وعلى الرغم من التغيير التاريخي في قوانين الطلاق عام 2020، الذي شمل إدخال نظام الطلاق "بدون خطأ" لتسهيل عملية الانفصال، فإن حالات الطلاق في إنجلترا وويلز وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1971. سجلت حالات الطلاق انخفاضًا بنسبة 30% على أساس سنوي لتصل إلى 80,057 حالة في عام 2022.
الأسباب الاقتصادية وراء التمسك بالزواج
بينما تشير الإصلاحات القانونية إلى تسهيل عملية الطلاق، فإن الاتجاهات الاقتصادية طغت على هذا التأثير. على الرغم من أن دخول الأسر بدأت في التحسن مع تراجع التضخم إلى هدف 2%، إلا أن أسعار الرهن العقاري لا تزال مرتفعة للغاية، مما يجعل من الصعب على العديد من الأزواج تحمل تكاليف الانفصال. أظهر استطلاع أجرته شركة Stowe Family Law أن أكثر من 30% من 500 شخص شملهم الاستطلاع أشاروا إلى أنهم مستمرون في زواجهم بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العيش بشكل مستقل.
تعكس هذه الاتجاهات التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأسر البريطانية، حيث أجبرت الأوضاع المعيشية الصعبة العديد من الأزواج على البقاء في علاقات غير مرضية بسبب العوامل الاقتصادية، مما يضع ضغوطًا إضافية على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد في المملكة المتحدة.
التعليقات