في زوايا تاريخ الفن المصري، يظهر اسم بديع خيري كواحد من أعمدة المسرح والسينما، والذي شكل مع نجيب الريحاني ثنائيًا فنيًا لا يُنسى. عاش بديع خيري (1893-1966) حياة مليئة بالإبداع والمغامرات الفنية، حيث كان رائدًا في مجالات متعددة مثل الزجل وكتابة المسرحيات والأفلام، تاركًا بصمة لا تُمحى في ذاكرة الفن المصري.
بديع خيري بصحبة ماري منيب في أواخر أيامه | مصراوى" src="https://media.gemini.media/img//large/2015/5/26/2015_5_26_18_29_41_119.jpg" />
نشأته وتكوينه الفني
وُلد بديع خيري في حي المغربلين الشعبي بالقاهرة، حيث بدأ رحلته مع الكلمة في سن مبكرة. حفظ القرآن وكتب أولى قصائده في سن الثالثة عشرة تحت اسم "ابن النيل"، مُعبّرًا عن قضايا وهموم المجتمع المصري بلغة عامية بسيطة تصل إلى قلب الجماهير. بدأ حياته المهنية كمدرس للجغرافيا واللغة الإنجليزية بعد تخرجه من معهد المعلمين، لكنه لم يكن راضيًا عن هذا المسار، فقد كان شغفه الحقيقي يكمن في عالم الفن.
البدايات الفنية والتحول إلى المسرح
بعد انضمامه لجمعية التمثيل العصري وتعرفه على سيد درويش، انطلق بديع خيري في عالم المسرح، حيث كتب أولى مسرحياته بعنوان "أما حتة ورطة". كانت هذه الخطوة بداية لتعاون طويل الأمد مع نجيب الريحاني، حيث التقيا لأول مرة عام 1918. شكل الاثنان ثنائيًا فنيًا قدم العديد من الأعمال المسرحية الخالدة مثل "علي كيفك" و"غزل البنات".
بديع خيري بنجيب الريحاني لتستمر علاقتهما حتى نهاية العمر - فن - الوطن" src="https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTnFnwAD5CbMsmBcieN5REKNZHm7CswROnYaQ&s" />
السينما ومواصلة النجاح
لم يقتصر إبداع بديع خيري على المسرح فقط، بل امتد إلى السينما، حيث كان من أوائل من كتبوا للسينما المصرية، سواء في الفترة الصامتة أو الناطقة. كتب سيناريوهات وحوارات لأفلام لا تزال تُعرض حتى اليوم، مثل "العزيمة" و"سلامة في خير". كانت هذه الأفلام مرآة تعكس نبض الشارع المصري وهمومه، ونجحت في رسم البسمة على وجوه الجماهير رغم صعوبة الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
أسلوبه وأثره في الزجل
وُصف بديع خيري بأنه "صانع ثورة في عالم الزجل"، حيث كسر القوالب التقليدية وكتب على أكثر من بحر شعري في القصيدة الواحدة. كان زجله نابضًا بالحياة، مليئًا بالتفاصيل اليومية، ومعبّرًا عن الواقع المصري بكل ما فيه من تناقضات وجمال. لم تكن كلماته مجرد تعبير عن الفن، بل كانت تأريخًا لحقبة زمنية حافلة بالأحداث والتحولات.
الحياة الشخصية والتحديات
في حياته الشخصية، تزوج بديع خيري من سيدة من خارج الوسط الفني، وأنجب ثلاثة أبناء، أبرزهم عادل خيري الذي سار على درب والده وأصبح ممثلًا. رغم نجاحه الكبير في الفن، إلا أن بديع خيري عاش حياة شخصية هادئة وبسيطة، بعيدة عن الأضواء.
وفاة بديع خيري
توفي بديع خيري في 3 فبراير 1966، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا خالدًا. ورغم رحيله، لا تزال أعماله تعيش في قلوب محبيه، حيث يظل اسمه مرادفًا للإبداع والتميز في عالم الفن المصري. بديع خيري لم يكن مجرد كاتب أو فنان، بل كان جزءًا من روح مصر الفنية التي لا تزال تتردد أصداؤها حتى اليوم.
التعليقات