(بوابة النَّصر)
يا مَخلُوقا مِنْ غَيْر وعُود
لن يَجُوَد الكَونُ بِمِثْلِه
إنَّ المَسَافةَ بَيْنَ قَرْيَتِى وقَاَّرتِك
أقَربُ مِنْ قُربِى إليْك
فَلاَ تَبتعدُ بُعد المَشِرق عَن المَغربِ.
■ ■ ■
يا حَرّبةً إفريقيَّة تَلمع بالسُمرةَ
مَفروسَة فى عِظام ذَاكِرتَى
إن المَسَافَة بَيْن جُرحِى ودَوَائِك
أقْرَب من شِفائى مِنْك
فلا تَقسو قَسوَة الصَقِيع فى أيام الوحدة.
■ ■ ■
يا أَقَدَمَ عاصمةٍ فى الأسرِ
ملقاه فى القَبو بلا إطار
إن المَسافة بَيْن خرائطى ومَتَاهَاتِك
أقربُ من عُثورى عَليكِ
فلا تَرحلُ رَحيل الطِيوُر المُهَاجرة إلى الشمال.
■ ■ ■
يا غَريَّباً تَبْحَثُ عَن وَتدٍ
إن قَدميك المُتعَبتِين لَنْ يُرِيحهُما
إلا صبايا المُسَّخر
لتَجدْيد خَلاياك وتَنْشيط دَورَاتك
والعُبور بأزمَاتِك النِّصف عُمْرَّية
مِنْ عُنُقِ زُجاجة اليَأسِ
إلى بَّوابة النَّصرْ
فلا تَتَمَادى فى رُقَعتِك حتى لا تَخِسرُ
حُدودَك الآمِنة.
■ ■ ■
يا ضَيف الفَرح العَابِرِ
إن وُجُودُك المُوسِمى يُفزعُنى
وطَيْفُك الطِّائِرُ المُتنَقِّلُ
بَيْنَ قِبابِى ومَآذِنِ غًيرى يُبكِينى
فَلاَ تَنْحَصر عَن آزمِنتى
وأنا أتوُق إلى السَكِينَة
■ ■ ■
يا مُغّامِر حَوْلَ الأَكَوان
لا يَهدَأ ولا يَسَتِريح
لك مِّنى وَعَد
أن نَظَلَّ كما نحن
طِيُور مُهاجِرة
فى أسراب لا نهائية
نُرَفرِفُ معا فى خَطَّيْن مُتَوازِيَيْن
لا يَلْتَقِياَن وأبدا لا يَفْتِرقَان.
■ ■ ■
(عَبّادة الشَّمسْ)
أَنا وَانَتْ
وُعُصوُرِ بَيْنَنَا وعهُود شتى مُتَناغمِة
فى البدء تَمخَضَّ التَّاريخُ
وأسفرنا نقوشَا فِرعُونيَّة
آتَيةً فى رَحاب مَوكِب الشمَّسْ
آمونِ أنتَ وكنتُ أنا عَروُس النِّيل
الغَارقة فى النِّهر المُقدَس
وتُتَمِتم بتعويذة الخلود.
■ ■ ■
ثم جاء مِيلادُ العصِور الوُسَطى
ليُدَشَّن أنَدلُسيَّة ليالينا الرَّاقصة
ريتشارد قَلبُ الأَسد أنتِ وكِنَتُ أنا ﭬِرﭼِينَيِا الجميلة
الهَاربة عَبْرِ مَضِيق جَبل طارق
تَلوُذ بكَ مِنْ شِر المُؤامرات الدنيئة
ومِن بَعْدَها
أتتَ سُيُوفُ الفَتْح العَربَى
لتلاقِينا أروَحا مُتَحابية خلف عِراكٍ أصُولى
مَمْلوكُ أعرابى أنت وكنت أنا جَارِية تَتَارية
نازَحةُ من أسوار بَابل العنقُودَّية
إلى بَرارِى المحَروُسة الفَاطمية.
■ ■ ■
حتَّى بَلَغْنا النَّصر الحَديِث
على جَبْهَةِ اليَقين بالعودة
أشلاْء جَرْحَى من طُولِ البُعَاد
أينَ نَحنُ الآن فى الزَّمَن الألفى
زَمَن العد التَّنازُلى
زَمَن الفُراق الاضطرارى
قَد نكُون أوّراقا نقدّية
وربما ألواحا حَجَرية
أو أشباح ذِكرى أسطورية
ماذا تَبَقى لنا من أطيّاف حِلمِنا
غَير شَمسك وقمرى.
التعليقات