رغم كل مخاوفنا، رغم آلامنا ومن فقدنا، رغم كل الآمال التي تنتظرها وكل مطالبك المشروعة التي لم تتحقق بعد ... عليك أن تُشرق.
بالبحث عن أسباب السعادة والتعاسة ستجد أن أسهمهم داخلك تبدو متساوية. ورغم أن الكثير من أحلامك لم تتحقق ولن تفعل بعضها، فثمة يقين يجب أن تؤمن به؛ أنت تماما حيث أراد الله لك.
الكثير منا وقع في بئر الأحزان، ثمة قاع سحيق أسود اللون كان بانتظارنا هنالك. الكل يقع والكل يبتلى والمثابر فقط من يخرج ليلتقط أنفاس النجاة.
مرة واحدة تدرك فيها كيف كان القاع مظلم، كيف كنت وحيدا بداخله، مرة واحدة يختنق الهواء داخل رئتيك، مرة واحدة تجرب عسر التنفس في الظلام، مرة واحدة تشعر فيها بالوحدة والألم والمعاناة والضياع، مرة واحدة تُعْتَصَر روحك وتفقد نفسك، مرة واحدة يتساوى داخلك الشعور بالموت وبالحياة … مرة واحدة تكفي!!
ومرة واحدة تتذكر كيف كانت حياتك داخل القاع الحزين؛ كفيلة أن تجبرك على الهروب من كل ما أوجعك حتى تنساه أو ينساك.
صديقي إن التجارب المؤلمة تترك على أرواحنا ندوب سرعان ما تلتئم، لكن يتبقى بداخلنا أثر ما يجعل مجرد اقترابك أو حتى طوافك الفكري حول العمق الأليم مرة أخرى محظور محظور محظور.
أتعرف معنى "حظر التجول"؟ إنه امتناعك جبريا من الخروج وتقييد حركتك في أوقات الحرب أو القلق.
كل البشر يحتاجون أن يطبقوا حظر تجول كامل على مشاعر مؤلمة أو أشخاص جاحدة أو ذكريات خشنة ضيقت على أرواحهم حتى كاد يصيبها الفاقة والعوز.
زاحم ما يحاصر روحك من نغص وكدر ومثقلات، زاحم كل شيء بتَهَيُّؤ الانشراح.
كل علماء النفس على مر العصور أرسوا حقيقة لا تقبل النقاش، ألا إنك أنت من يستجلب السعادة وأنت أيضا من يستدعي البؤس والشقاء.
عندما كنت بعمر ثمانية عشر عام قرأت كتاب "دع القلق وأبدأ الحياة" لمؤلفه "ديل كارنيجي". أشار الكاتب إلى أن التعاسة تتبدد وقت أن تجبرها أنت على المغادرة. كان دليله على ذلك بأن تجرب أن تنظر في المرآة وأنت حزين وتجبر نفسك على الابتسام لعدة دقائق قليلة ثم تنتظر المفاجأة.
هذا ما فعلته بالطبع وما زلت أفعله حتى يومنا هذا.
التعاسة اجتهاد شخصي!!!
المشكلة أن هذا الاجتهاد ينتشر كعدوى فيروسية بين الناس.
أكثر الناس حزنا أو تشائما قادرين بشدة على بث سموم أفكارهم في الماء والطعام والهواء الذي نتنفسه.
وعيك بتلك الحقيقة هي السبب الأوحد لبقاء السعادة في دارك.
تعودت أن أحمد الله على كل شيء، لكن أكثر ما أحب الحمد من خلاله هى البلايا والنقائص والفقد.
كل شخص ترك فراغ في قلبي جاءني القدير بمن هو أفضل منه. في كل مرة اجتهدت بشدة للوصول لقلب أحدهم وقابلني جحودا وغيرة ونكران، كان ذلك السبب الأول في أفضل التغييرات في حياتي. كل ما فقدت من صحة وقوة استبدله الله ببركة في عمري ومسالك انفتحت من تلقاء نفسها دون سعي مني او اجتهاد.
لا أحد يستمر خال البال … لا أحد أبدا، مسألة وقت حتى يحين موعد الجبر!
صباحك العادي، طعامك المتاح، قهوتك، حياتك الرتيبة، أبناءك، أهلك، أيامك المتشابهة، لياليك التي تجتهد في ملئها، جيرانك، أصدقائك، عملك القائم أو حتى المتعثر، حاجة الآخرين عندك، نومك المتقطع، جهدك المضني، ورخاء قلبك … كل ما سبق نعم جليلة تستحق سنوات من الحمد.
عندما تتذكر حقيقة كم كنت متألم وكم فاض الله على قلبك بالصبر والجبر والمعافاة، ستؤمن بوجوب الشدة مع نفسك عندما تقترب منك الأحزان.
هذا الغيب الحاني الذي ترفل فيه اليوم كان ثمرة لبساتين تحولت أشواكها لزهور زكية تطل الآن من روحك جعلتك اليوم بمثل هذا الجمال.
من أفضل الحقائق الباعثة للاستمرار أن هناك رب سيظل بجوارك. تلك الحقيقة التي نتناساها عن غير قصد كفيلة أن تمسح عنك كل أحزانك.
يكفيك أن الله وهبك شيء لا يستطيع أحد أن يهبه لك على وجه الأرض ألا إنه موجود بداخلك وإلى جوارك طوال الوقت.
لا أحد يهبك تلك العطية، ولن يفعلها أحد أبدا.
من يسمح لك أن تدق بابه في وقت متأخر من الليل لتتحدث معه؟ من تدعوه فيستجيب لك؟ من يحبك أكثر من حبك لأحبابك ونفسك؟ ومن هو القادر على تحويل اتجاهك إلى بوصلة أكثر أمنا لروحك وأكثر رخاءا لنفسك؟
تكفيك تلك الحقائق الكريمة لتجعل منك شخص سعيد كل يوم.
من اليوم يا صديقي قدر حجم عطايك في دنيتك، تفكر في أرزاقك المنسية واجبر نفسك على خلق قويم يتناسب مع حلاوة مغانمك وسخاء المعروف الذي ترفل فيه.
الآن يا صديقي خذ قرارا بأن تبقى سعيد للأبد، جرب "الإشراق المقصود" فهو بوابتك الوحيدة لحياة أكثر مَسَرَّة.
امتطي جواد الفرحة ولا تنظر خلفك فلا يزال ينتظرك غد سخيّ يملئه الكثير من البركة والبِشر والارتياح، ولعل تلك الآية الكريمة «فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا» تعينك على ذلك.
التعليقات