لبعض النقاد أياد بيضاء على الحركة الأدبية، ليس عن طريق المقالات والكتب والإصدارات، وإنما عن طريق الندوات والتعليقات والتوجيهات وتبني الأدباء الجدد. وهذا النوع من النقاد – الذين يتصفون بإنكار الذات - قلة في بلادنا، منهم الناقد السكندري الراحل عبدالله هاشم الذي كان كل فرحه وسعادته في الحياة أن يقدم ويبشّر بأدباء جدد في عالم القصة والرواية عن طريق الندوة التي كان يديرها في قصر ثقافة الحرية ثم في أماكن شتى في الإسكندرية إلى أن استقرت منذ سنوات قليلة في قصر ثقافة الأنفوشي؛ وهي "ندوة الاثنين".
لم يهتم عبدالله هاشم بإصدار كتب في النقد، ولو جمع ما يردده ويعلق عليه شفاهة في "ندوة الاثنين" لصار له عشرات الكتب النقدية على مدى الخمسين عاما الفائتة. فقد عرفت عبدالله هاشم في السبعينيات من خلال نادي القصة بقصر ثقافة الحرية. وكان أحد المتحمسين لإصدارات أدباء القصة والرواية في الإسكندرية، يقرأ أعمالهم قبل صدورها باهتمام كبير، ويقدم ملاحظاته على طبق من صداقة وحب كبير للكاتب. وقد لا تخلو هذه الملاحظات من تعليقات سالبة يستفيد منها الكاتب في كثير من الأحيان.
ومن اهتمامات عبدالله هاشم أيضا إصدار مجلة "نادي القصة" والإشراف على مطبوعات "ندوة الاثنين" التي أصدرتُ من خلالها كتابي "على شواطئ الاثنين في القصة والرواية" وجمعتُ فيه ما قدمته من قراءات نقدية لأعضاء ندوة الاثنين. وكان عبدالله هاشم متحمسًا لهذا الكتاب الذي يؤكد أنه - إلى جوار المبدعين الذين يشاركون في ندوته – هناك أيضا أصوات نقدية غير صوته.
عاصر عبدالله هاشم كبار المبدعين في الإسكندرية الذين رحلوا إلى القاهرة وأقاموا فيها، وكان يذكر دائما أنهم تخرجوا في ندوة الاثنين من أمثال: إبراهيم عبدالمجيد، ومحمود عوض عبدالعال، وسمير عبدالفتاح، وغيرهم.
كان عبدالله هاشم يسعد كثيرا بما تنشره المجلات والجرائد لأدباء الإسكندرية، وكثيرا ما كان يتصل بالأدباء فور رؤيته لقصة منشورة أو مقال أو دراسة أو خبر، ليخبرهم بذلك حيث كان من عاداته اليومية أن يذهب إلى أحد أكشاك بيع الكتب والمجلات والجرائد في باكوس حيث يقطن هناك، ويتصفح ما في الكُشك ثم يخبر من له مادة منشورة أو هناك خبر عنه. وكثيرا ما كنت أعرف أن جريدة ما أو مجلة ما نشرت لي شيئا أو نشرت عني شيئا من خلال اتصال تليفوني من عبدالله هاشم، الذي لولاه ما كنت أعرف. ولا أظن أن أحدا غيره كان يفعل ذلك يرحمه الله رحمة واسعة.
التعليقات