المخرج المصرى إبراهيم نشأت يشارك في مهرجان (الجونة) بفيلم (هوليود جيت)، داخل مسابقة الفيلم التسجيلى، أمسك المخرج أيضا بالكاميرا، حتى يمنح نفسه مساحة أكبر في التعبير.
نحن بصدد المهمة الصعبة التي تقف على حدود المستحيل، التي بدأت بعد أن انسحبت- قبل نحو ست سنوات- القوات الأمريكية من أفغانستان، وتركت لطالبان الحكم، بوعد منها- لم تنفذ منه شيئًا- بألا تمارس أي نوع من القهر على المجتمع، وتحديدًا المرأة، واكتشفنا أنها ازدادت شراسة.
هذه الحركة التي استمدت اسمها (طالبان) من الطلاب الذين لا يزالون في مرحلة عمرية مبكرة، ومن السهل غسل أدمغتهم، بإقناعهم أن الإسلام هو الحل، أقصد التطبيق الحرفى بكل طقوسه في الملبس والمأكل والمشرب، وأن النقل وليس إعمال العقل هو طوق النجاة للهروب من هذا العالم، الذي نسى الله، وأن عليهم التمسك حتى بقشور الإسلام، وهكذا يغلب على أفكارهم التشدد في كل شىء، ويرفعون في وجه من يعترض كتاب الله، الذين لم ولن يستطيعون إدراكه.
تراجعوا عن كل عهودهم ووعودهم التي قطعوها على أنفسهم- بعد أن آل لهم الحكم- بفتح الباب أو على الأقل مواربته.
قطعا أمريكا في النهاية لا يعنيها حقوق الإنسان، لا في أفغانستان ولا غزة ولا اليمن ولا إيران ولا العراق، ولا أي مكان، ولكن مصلحتها، ولهذا انسحبت قبل أن تتمكن الدولة الأفغانية المدنية من الإمساك بالدولة، فامتلكت طالبان الحكم.
كيف تم تصوير الفيلم في ظل كل تلك القيود؟، هناك قائدان في أفغانستان صاحبا الشريط السينمائى، إلا أنهما لا يشكلان القوة العسكرية الحقيقية، كما أن كل شىء تم تحت الرقابة الأفغانية.
من المشاهد المهمة ما تركته القوات الأمريكية من أسلحة وذخائر وأيضا أدوية ومأكولات وأجهزة رياضية، كانت بحوزة الجنود الأمريكيين للحفاظ على لياقتهم، شاهدنا الأفغان وهم يتعاملون معها باعتبارها (لعب أطفال).
الفيلم لم يقل قطعا كل شىء وما يجرى في أفغانستان من مطاردات للفن وتكفير للفنانين واغتيال للأنوثة، ولا أقول فقط الأنثى، ولكن كل شىء غير مذكر يصبح بالنسبة لهم محرمًا شرعًا.
(نشأت) دخل في تجربة أشبه بالمقايضة، ستقيد حريتك في الاختيار، ولكن في نفس الوقت تستطيع أن تمرر رسالتك للجمهور.
من المستحيل، في ظل الرقابة الحديدية، أن تتسلل كاميرا إلى أفغانستان، بعيدا عن عيون الدولة، نعم بين الحين والآخر نشاهد أفلاما روائية، بأيدى الأفغان، هؤلاء يمارسون حياتهم بعيدا عن قبضة النظام خارج الدولة، وهكذا تقدم بكل تفاصيلها وتفضح النظام الحديدى، الذي يحطم معنى الدولة ويطلقون على أنفسهم ولاية إسلامية في طريقها لكى تتمدد جغرافيا وتسيطر على العالم مع ولايات أخرى قادمة، هناك أيضا أفلام تسجيلية مهربة من داخل أفغانستان، ولكن المخرج هنا يصور تحت كل العيون الرقابية.
هم من أهل (السنة) الموغلين في التطرف مثل (داعش)، التي كثيرًا ما تتلقى ضربات متلاحقة، ورغم ذلك لا تزال تتنفس هنا أو هناك، وتحديدًا على الحدود السورية، إلا أن السؤال هل لا توجد مقاومة داخلية داخل أفغانستان؟
وهذا السلاح هو الوحيد الذي من الممكن أن تدركه في فيلم (هوليود جيت)، المواطن الأفغانى الذي تتابع مأساته لا يشكو ولا يتكلم رغم إدراكك أنه يتألم.
الرسالة التي أرادها الفيلم في ظل كل تلك المعطيات المفروضة والقيود الحديدية وصلت، بأن المقاومة لا تزال تتنفس، ولكن لا أحد يسمع صوت أنفاسها!!.
التعليقات