أتابع بين الحين والآخر الكثير من الحكايات، التى أستشعر أنها مختلقة، تخصص بعضهم فى إضافة (التحابيش) عليها، وفى العادة غياب شهود الإثبات أو النفى يفتح الشهية للخيال، إلا أن الماكيير الشهير محمد عشوب قدم شطحة خيال أبعد من كل ذلك، شاهدته فى أحد البرامج القديمة التى أُعيد بثها فى عيد ميلاد الرائعة ميرفت أمين يؤكد أن عبدالحليم حافظ كان يهيم بها حبًّا، بعد أن شاركته مع نادية لطفى بطولة فيلمه الأخير.
(أبى فوق الشجرة)، وأنه من فرط هيامه بها رشحها لتشاركه بطولة فيلمه التالى (لا) المأخوذ عن رواية مصطفى أمين، وهو الفيلم الذى رُشح الجزائرى أحمد رشدى لإخراجه، ولم يمهل القدر عبدالحليم لتصويره.
لم يكتفِ عشوب بهذا القدر، أضاف أن ميرفت طلبت أن يغنى لها (أهواك)، وأنه فى إحدى حفلاته الأخيرة قال إنه يُهدى أحد أصدقائه (أهواك)، وذلك على طريقة (الكلام إلِك يا جارة).
عندما سألوا ميرفت قالت: (يعنى عشان عبدالحليم مات أكذب، لا ماحصلش)، أنا رحت لعبدالحليم فى مكتبه لأول مرة ومعى المخرج حسين كمال ومدير التصوير وحيد فريد، كنت مبهورة، يكفينى أنى أجلس مع حليم، كانت ميرفت قبلها قد شاركت فى بطولة فيلمين لأحمد مظهر، الذى قدمها للحياة الفنية، ولكن طبعًا الوقوف أمام عبدالحليم فى (أبى فوق الشجرة) نقلة أخرى.
كانت الفرصة مهيأة أن تتشعبط ميرفت فى قصة حب يتناقلها الناس، ولديها شاهد إثبات يؤكد التفاصيل، عبدالحليم يكبر ميرفت بأكثر من ربع القرن، إلا أنه كان فتى أحلام البنات، ومن البديهى أن يقع أيضًا فى حب ميرفت بكل مالها من حضور وجمال وجاذبية، وأن تحبه ميرفت مثل كل بنات جيلها، إلا أنها تظل حكاية مختلقة، حتى لو امتلكت بعض مقومات التصديق.
كثير من الحكايات المماثلة يتم تناقلها عبر (الميديا). استمعت يومًا إلى (جمعة الشوان)، واسمه أحمد الهوان، البطل الحقيقى لمسلسل (دموع فى عيون وقحة)، وهو يروى أنه فى السبعينيات تزوج من سعاد حسنى، رغم أنها فى تلك السنوات تحديدًا كانت زوجة للمخرج على بدرخان، وسبق أن تابعت عازف الأكورديون الشهير، فاروق سلامة، يؤكد أن كل (الصولاهات)، العزف المنفرد، التى قُدمت فى أغنيات أم كلثوم وعبدالحليم، سواء كانت من تلحين عبدالوهاب أو بليغ حمدى، هو الذى وضع أنغامها.
لا شك أن العازف الموهوب- مثل فاروق سلامة (أوكورديون) أو أحمد الحفناوى (كمان) أو عمر خورشيد.
(جيتار)، ومجدى الحسينى وهانى مهنا (أورج)- يضيف للنغمة سحرًا خاصًّا، وهذا هو الفارق بين عازف وآخر، ولكنها لا تعنى إضافة لحنية. أغنية أم كلثوم (بعيد عنك) رددتها فى تونس بأسلوب مختلف، فهل هذا يعنى أن أم كلثوم قدمت لحنًا آخر غير الذى أبدعه «بليغ»؟.
الكثير من الحكايات التى يذكرها مَن مَدَّ الله فى أعمارهم عن الزمن الماضى فى جزء كبير منها تخاصم الواقع وتتناقض مع المنطق، إلا أننا نرددها.
أتذكر أن كاتبًا كبيرًا أراد أن يثأر من جمال عبدالناصر، فكتب يقول: إن أم كلثوم بعد هزيمة 67 اتصلت بصديقها، الشاعر الكبير كامل الشناوى، تسأله عما جرى، أجابها: «بتحكمنا عصابة يا ثومة!».
كامل الشناوى، الذى كتب فى قصيدة (أنا الشعب) هذا البيت (وعندى الجمال/ وعندى جمال)، مستحيل أن يطعن فى ناصر، كان واحدًا ممن بشروا بثورة 23 يوليو، واختلف على هامش الحرية، كما أن أم كلثوم بعد الهزيمة تحديدًا أثبتت أنها الأشد حبًّا وتضحية للوطن، من خلال الحفلات التى أَحْيَتْها لصالح الجيش، بل إنها غنّت لعبدالناصر بعد رحيلة قصيدة (رسالة للزعيم)، الأهم من كل ما ذكرت أن كامل الشناوى رحل فى 30 نوفمبر 1965، أى قبل المكالمة المزعومة بنحو عام ونصف العام!!.
التعليقات