اسمحوا لي أن يكون هذا المقال شخصي.. تجربة شخصية ربما بين الحين والأخر قد ألجأ اليها..
في عالمنا العربي لا يخلو منزل من فرد بالعائلة قد وصل به الحال في البحث عن رزق جديد له خارج موطنه..
كانت في بدايتها فكرة مستغربة وموحشة.. بل وعانى منها الكثير من خلال تجارب مؤلمة..
ويأتي الألم من اتجاهين..
الألم الأكبر وهو ألم فراق الأم لفلذة كبدها.. ربما يكون الأب أقوى على هذا الفراق لأن بناءه الجيني في الأصل كان أن يذهب للغابة ليصطاد.. ولذا فهو مستعد للغربة وللأخطار.. عقليته مهيئة لذلك..
أما جين الأم فهو مهيأ فقط للاحتضان للاحتواء وليس البعاد..
ولذا يكون ألم الفراق على الأم مريرا وشديدا..
الألم الثاني هو ألم من سافر وترك ما يسمى بال “Comfort zone” من الأهل والأصدقاء ودفء وراحة الأهل والمسكن ..
ليواجه فجأة من بعد هذه الراحة و الاستقرار و بمفرده وحشان هما وحش الاستقلال والغربة.. والأكثر من ذلك وحش المجهول!
هذا بالإضافة الى أطنان أخرى من الألآم.. مثل ألام فراق الحبيبة والأصدقاء والأقارب .... الخ
يتكرر هذا النوع من الألآم بمعدل تنفس البشر يوميا ففي كل دقيقة يوجد من يترك وطنه بحثا عن مورد رزق جديد..
يحدث هذا النوع من سفر البحث عن الرزق بشكل عام مع الشباب في مقتبل عمرهم أو على أقصى تقدير منتصف عمرهم..
ولكن التجربة التي سأتحدث عنها اليوم هي تجربة قد تكون مختلفة ونادرة بعض الشيء..
وهي تجربتي الشخصية الحالية..
فبعد أن كافحت وانهيت تأسيس حياتك واستقريت.. والتي صارعت على مدار أكثر من 30 عاما لأنشائها ..و تترك كل هذا فجأة. لتبدأ من جديد!!
تترك زوجتك.. أبناءك.. منزلك.. مكتبك.. سريرك. أخوتك.. زملاء عملك.. أصدقاءك.. جيرانك.. بلدك ووطنك وتسافر لتبدأ حياة جديدة.. في عالم جديد.. وانت في نهاية الخمسينات من عمرك!
وكأن كل ما فات.. لم يكن!!
أظن أن بعضا من يوميات حياتي الجديدة ربما قد يكون تجربة قد يستفيد بها البعض.. بكل حسناتها وأخطائها..
لكنى رغم كل ذلك.. متفائل.. وسعيد..
أشعر أنى سأكون مفيدا.. حياتي ستثقل أكثر بالمزيد من الخبرات..
مزيد من الأمل. والسعادة.. و....!
خاصة وأنا في بلد هي الوحيدة في العالم التي عينت وزارة للسعادة..
أصدقائي.. عائلتي.. يامن كل من تركت أحييكم من إمارة أبو ظبي.. الجارة الشقيقة..
البلد التي أوصى حاكمها" الشيخ زايد" رحمة الله عليه لشعبة وأهله بمصر..
ويعد "الشيخ زايد " المثل والقدوة فهو من زرع حب مصر في قلوب الشعب الإماراتي وهو مع عمل مع القيادات المصرية المتعاقبة في دعم وتعزيز كافة مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين..
وما أجمل ما قال بأن "نهضة مصر نهضة للعرب كلهم وأوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر وهذه وصيتي أكررها لهم أمامكم بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة".
كما أوصى أيضا بمصر من بعده حين قال "ان كانوا فقراء أغنوهم.. وان كانوا أغنياء زيدوهم " الامارات التي وقفت ولازالت تقف جنبا الى جنب مصر في شدائدها كيوم ثورتها على أهل الشر “جماعة الاخوان القتلة" ومن بعدها والى لحظة كتابة تلك السطور.. فأعلن بكل قوة حاكمها " ابن الشيخ زايد" رحمة الله عليه الشيخ "محمد بن زايد" قائلا: "سنتقاسم مع الشعب المصري رغيف الخبز" لن أنسى تلك الكلمات طيلة ما حييت...
وها أنا هنا الان على أرض الامارات الغالية..
عسى أن أستطيع أن أرد بعضا من هذا الجميل..
التعليقات