تحرص مصر على تعميق أواصر التعاون مع دول حوض النيل وتفهمها لقيام تلك الدول ومنها إثيوبيا ببناء مشروعات على نهر النيل؛ لخدمة خططها التنموية دون الإضرار بالمصالح المائية لدولتي المصب خاصة مصر؛ التي تعتمد بشكل كامل على النيل لتلبية احتياجاتها المائية.
وعلى ضوء عدم وصول المفاوضات بين الدول الثلاث؛ إلى النتائج المرجوة بعد مرور أكثر من أربع سنوات من المفاوضات المباشرة؛ منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ في ٢٠١٥.
فإن الوضع بحاجة إلى ايجاد دور دولي فاعل؛ لتجاوز الموقف الحالي وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث؛ والتوصل لاتفاق عادل ومتوازن يقوم على احترام مبادئ القانون الدولي الحاكم لإدارة واستخدام الأنهار الدولية؛ والتي تتيح للدول الاستفادة من مواردها المائية دون الإضرار بمصالح وحقوق الأطراف الأخرى.
وقد أكدت مصر على استمرار تمسكها بالاتفاق الذي انتهى إليه مسار المفاوضات التي أجريت في واشنطن لكونه اتفاق منصف ومتوازن؛ ويمكن إثيوبيا من تحقيق أهدافها التنموية.
مع الحفاظ على حقوق دولتي المصب وضرورة أن تقوم إثيوبيا ؛بمراجعة موقفها الذي يعرقل إمكانية التوصل لاتفاق.
ومنذ يوليو 2020 شاركت مصر بنشاط في العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي؛ وفقا للتفويض الصادر عن قمة مكتب الاتحاد الأفريقي في 21 يوليو 2020؛ لتسهيل إبرام اتفاقية ملزمة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
خلال هذه المحادثات تفاوضت مصر بحسن نية وسعت للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحفظ حقوق الدول الثلاث؛وحقوقها ويحافظ على مصالحها المشتركة.
وقد انعكس ذلك في حقيقة؛ أن مصر سعت باستمرار إلى حلول تضمن تحقيق إثيوبيا لأهدافها التنموية من توليد الطاقة الكهرومائية من سد النهضة بشكل سريع ومستدام مع التخفيف من الآثار السلبية لهذا السد على مجتمعات المصب في مصر والسودان.
وبسبب تعنت إثيوبيا وتبنيها لمواقف مغالى فيها تكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق؛ وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب؛ وبالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة.
بما يخالف التزامات إثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية ؛وفي مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس 2015 وكذلك اتفاقية ١٩٠٢ التي أبرمتها إثيوبيا بإرادتها الحرة كدولة مستقلة ؛واتفاقية ١٩٩٣ التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية إلا أن إثيوبيا تسعى للتحكم.
أن مزاعم أديس أبابا بشأن عدم وجود أي أضرار على الدول المستفيدة من نهر النيل؛ مع الاقتراب من الملء الرابع لسد النهضة "تصريحات غير صحيحة".
وتعداد الأضرار التي لحقت بدول مجرى النيل منذ التخزين الأول لسد النهضة والذي تسبب بانخفاض في منسوب مياه النيل الأزرق؛ في السودان وخروج مياه الشرب عن الخدمة.
والمياه التي يحتفظ بها سد النهضة الإثيوبي اليوم هي مياه كان من الممكن لمصر أن تحتفظ بها في السد العالي
وكانت الدولتان المصرية والسوادنية؛ قد طلبتا مرارا من إثيوبيا التوقف عن ملء خزان سد النهضة؛ بانتظار اتفاقية ثلاثية بشأن طرق تشغيل السد باعتباره الأكبر في إفريقيا.
واستمرت مصر التي تعتمد على النيل لتأمين 97%؛ من حاجاتها من الماء بالتأكيد على حقها التاريخي في النهر.
تمر السنوات ولايزال ملف سد النهضة الإثيوبي على حاله فيما يتعلق بمفاوضات الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا؛ للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم.
وفي الوقت نفسه أعلنت أديس أبابا عن اكتمال بناء السد بنسبة 90 في المئة واستعدادها للملء الرابع وسط تحذيرات مصرية ودعوات سودانية للتوصل إلى حل عادل للأزمة.
وأن تأثير الإجراءات الإثيوبية الأحادية تدريجية وتراكمية وهو ما جعل تأثيرات الملء الثلاثة السابقة ضعيفة؛ ولم يشعر بها مواطنو كل من مصر والسودان.
وبكل تأكيد سيكون له تأثير على دولتي المصب (مصر والسودان) لكن الآثار التي ستنتج عن الملء القادم؛ ستكون تراكمية قد يتم الشعور بها بعد عملية الملء
أو لا يتم ذلك والآثار السلبية ليست في عملية الملء فقط.
بل الأخطر من الملء هو أفعال إثيوبيا الأحادية؛ لأن مبدأ منع الضرر المفترض؛ والذي يجري الحديث عنه هو مبدأ لا خلاف عليه حتى في اتفاق إعلان المبادئ.
لكن المشكلة الأكبر هي التعويض عن الضرر الذي يسببه الفعل الأحادي؛ وأن الضرر قد ينتج عن عدم التوافق على عملية الملء والتشغيل بين الدول الثلاث لأن إعلان المبادئ ينص على أن ليس هناك ملء أو تشغيل قبل التوصل إلى اتفاق.
كما أن عمليات الملء سوف تتسبب في أضرار نتيجة حجز السد لكميات الطمي؛ التي كانت تأتي مع المياه بدون تدخل وتساهم في مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية.
وإثيوبيا تواصل طريقها وفق سياسة فرض الأمر الواقع في تحدي للقوانين والأعراف الدولية؛ والوساطات والمبادرات التي تطالب بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف ؛فيما يتعلق بعملية الملء والتشغيل لسد النهضة.
وعدم التوصل إلى الحل العادل لتلك الأزمة المعقدة التي تلقي بظلال قاتمة على الأوضاع بين الدول الثلاث ؛وعلى المنطقة والعالم ؛لأن الأمر يتعلق بحياة ووجود ملايين البشر في كل من مصر والسودان.
التعليقات