عندما بدأ الإرسال التليفزيوني في مصر عام 1960 انتقل الاجتماع لرؤية المسلسل حول الشاشة الصغيرة التي بدأ حجمها في البداية 14 بوصة، وكان في البداية يوضع في المقاهى ويلتف حوله الناس لمشاهدة برامج رمضان.
كما كانت وزارة الإرشاد ـ الثقافة حاليا ـ تضع أجهزة تليفزيون في أكشاك توجد بالحدائق الكبرى ليسهل على العائلات مشاهدة التليفزيون الذي كان في البداية قناة واحدة.
وكان أول مسلسل عرض بالتليفزيون في شهر رمضان عام 1962 باسم "هارب من الأيام" عن قصة قصيرة للكاتب ثروت أباظة التي كتبها عام 1958 وكتب السيناريو والحوار فيصل ندا وكان لا يزال طالبا بكلية التجارة جامعة القاهرة.
وكان يكتب حلقة كل أسبوع ويصورها في الاستديو مرة واحدة وحصل من التليفزيون أجر عن المسلسل 16 جنيها في الحلقة الواحدة وأخرجه نور الدمرداش.
وكان فيصل ندا قد رشح الفنان فريد شوقى لبطولة المسلسل إلا أنه رفض خشية فشل تجربة مسلسل تليفزيونى وتأثيره على نجوميته فاختار نور الدمرداش عبد الله غيث.
كما رفضت مراقبة التمثيليات بالتليفزيون سيناريو المسلسل الذى كتب في ثلاثين حلقة لأنه كان معروفا تمثيليات سهرة فقط اما المسلسلات فلم تكن معروفة، وطلبوا تقديمها كتمثيلية سهرة، لكن تمسك نور الدمرداش وتحمس للتجربة الجديدة واستطاع اقناع المسئولين بالمسلسل.
قام بالتمثيل في المسلسل كوكبة كبيرة من الممثلين منهم عبد الله غيث في أول أدواره، وتقاضى 8 جنيهات في الحلقة الواحدة، حسين رياض وأجره كان 40 جنيها في الحلقة وهو الأعلى أجرا، توفيق الدقن، عبد الرحيم الزرقانى، مديحة سالم، كمال يس، سعيد صالح في أول أدواره أيضا، سمير صبرى، أحمد أباظة، سناء جميل، محمود عزمى، سعيد أبو بكر، احسان القلعاوى، محمود الحدينى وغيرهم ونجح المسلسل نجاحا كبيرا.
وأعيد إنتاج قصة هارب من الأيام للسينما في فيلم بنفس الاسم عرض عام 1965 كتب السيناريو والحوار فايق إسماعيل وبطولة فريد شوقى وسميرة أحمد وإخراج أحمد السبعاوى.
إن الدراما والأعمال الفنية سلاح مهم في مواجهة التحلل الاجتماعي والظواهر السلبية، ورافد مهم من روافد التربية على القيم والأخلاق الحميدة.
تعد المسلسلات من أهم أشكال الدراما التلفزيونية، ويكمن تأثيرها في أنها تخلق جسرا من الترابط العاطفي بين الأبطال والمشاهدين، إذ يتحول أبطال المسلسل إلى رفقاء روحيين.
تعتبر الأعمال الفنية مرأة المجتمع للتعرف علي مشاكله، كما يوجه نظر المسئولين بالمجتمع الي وجود مشكلة، وبالتالي يسارعون بحل هذه المشاكل سواء في بدايات ظهورها.
وذلك لايجاد حلول لهذه المشكلة بشكل سريع وجذري وقبل تحولها الي كارثة، او عند تفاقمها وتجاهل المسئولين لها وذلك للضغط عليهم لوضع حلول لهذه المشاكل.
وقد يتخذ الفنان خطوة اخري ابعد من مجرد تسليط الضوء علي المشكلة، حيث يحاول اقتراح حلول لهذه المشكلة، سواء كانت هذه الحلول كاملة وقابلة للتنفيذ، او كانت حلول هزلية تعتبر افكارا مبدئية وخطوط عريضة للحل.
والفنان عندما يقدم هذا النوع من الاعمال الفنية فإنه قد يختلف مع جمهوره، او يتفق معه، كما يقدم صورة مؤذية او كلمات قاسية، فهو كالمفكر يتحاور مع الاخرين من خلال العمل الفني، سواء قبل الاخرون بفكره او اختلفوا معه.
الهدف للعمل الفني هو تنمية الاحساس بالجمال لدي الجمهور، وترقية مشاعرهم وتذوقهم للجمال، لنصل الي مجتمع تسموا اخلاقه وترتقي احاسيسه، وذلك بتقديم الصورة الراقية، والمقطوعة الموسيقية الرقيقة.
والتركيز على الأعمال الفنية وإبراز البطولات الفردية والجماعية للأشخاص الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم، وذلك لتحقيق الانتماء وحب الوطن في قلوب الجميع.
وتشكيل لجنة لمتابعة الأعمال الدرامية، وتقييمها وفقا لضوابط ومعايير حقوق الإنسان، خطوة هامة وذلك نظرا للدور الهام الذي تقوم به الدراما التليفزيونية في تشكيل وعى الشعب المصري وتصحيح الأفكار المغلوطة من خلال تقديم محتوى هادف.
يتضمن رسالة ورؤية بعيدا عن الإسفاف والتضليل ومحاولة نشر ثقافة العنف والبلطجة والانحطاط الأخلاقي.
فمن خلال الدراما التلفزيونية يمكن معالجة العديد من القضايا على الصعيد الاجتماعي والثقافي والسياسي والديني، كما يمكن إيصال العديد من الرسائل إلى المتلقي بهدف زيادة الوعي لديه.
حيث تقوم المسلسلات التليفزيونية بدورها فى ممارسة عملية النقد الاجتماعي، وطرح القضايا بأساليب مختلفة من المعالجات الإبداعية.
ومن المسلسلات التي حظيت بشعبية كبيرة لدى الجماهير المصرية والعربية مسلسل ليالي الحلمية، الذي يمتد لستة أجزاء بدأ أولها عام 1987 وانتهى عام 2016، والذي تدور أحداثه حول صراع بين العمدة سليمان غانم القادم من الريف من أجل ثأر والده. كتبه أسامة أنور عكاشة وأخرجه إسماعيل عبد الحافظ، وقام ببطولته الفنانين يحي الفخراني وصلاح السعدني وصفية العمري.
ومن اشهى الأعمال في تاريخ الدراما المصرية مسلسل ذئاب الجبل، الذي بدأ عرضه عام 1993، وتدور قصته في صعيد مصر.
كما اشتهرت الدراما المصرية بالمسلسلات البوليسية التي كان أغلبها مقتبساً من قصص حقيقية والتي كان أشهرها على الاطلاق مسلسل رأفت الهجان الذي بث في أواخر الثمانينات، وقد جسد شخصية رافت الهجان أو رفعت الجمال الفنان محمود عبد العزيز، إلى جانب عدد كبير من الممثلين مثل يسرا ويوسف شعبان.
وتقديم مسلسل (دموع في عيون وقحة) مبني على قصة حقيقية لإحدى العمليات المخابراتية المصرية ضد جهاز الموساد الإسرائيلي والذي ظهر خلال المسلسل باسم “جمعة الشوان” بطولة عادل إمام.
كما ضم أرشيف الدراما المصرية كثير من الأعمال التي جسدت بعض الشخصيات التاريخية التي يحفل بها التاريخ المصري على مدار عصور طويلة، بعضها جسد شخصيات دينية وإسلامية مثل مسلسل “محمد رسول الله”.
ومسلسل “إمام الدعاة” تجسيداً لشخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو شخصيات أدبية مثل “طه حسين” أو فنية مثل مسلسل “أم كلثوم” أو “الملك فاروق.”
التعليقات