نفرح فنبتسم ونضحك. يرقص البعض طربا بل وربما يقفز آخرون من فرط السعادة.. وعلى العكس فعندما نغضب نبكي، نفقد الرغبة في فعل أي شيء وكل شيء، نعتزل التجمعات ونقطع التواصل مع غيرنا...تتفاوت ردود أفعال البشر في حالة الغضب والحزن...هناك من ينقطع عن تناول الطعام نهائيا بينما تنتاب آخرون حالة من النهم الشديد فيأكلون بلا توقف. هناك من يصرخ حتى يبح صوته وهناك من يحطم كل ما يعترض طريقه تعبيرا عن الرفض والسخط. لكل منا وسيلة خاصة للتنفيس عن المشاعر لكن من منا فكر في الكتابة؟!.
للكتابة سحر خاص في التعبير عن النفس وما يعتمل فيها. عندما نكتب ما يجيش في صدورنا فنحن ننتقل من حالة لأخرى. نعبر عن كل ما أحزننا وما أغضبنا. نحكى للورق كل ما حدث بدون تزييف ولا رقابة. نقول ما نريد كيفما نريد ولا نخشى لومة لائم ولا عتاب معاتب. أحيانا وبعد أن نفرغ من الحكي نجد أن ما أغضبنا لم يكن على هذا القدر من السوء بل وربما هناك وجه آخر للقصة.
تمتص الكتابة الغضب وتخفف من وطأة الحدث. نستعرض الأمر مرة أخرى في هدوء بعد انتهاء الموقف وسكون ثورة الغضب. نعبر بالكلمات عن كل ما لم نستطع البوح به علنا. نكتب في أي وقت وكل مكان فنشعر أن هناك دوما من يستمع إلينا في صبر ويستقبل همومنا وشكوانا دون إلقاء أحكام مسبقة ودون أن يقاطعنا أو يقلل من شأن ما يزعجنا. لا نحتاج لشخص يسمعنا ولا لوقت محدد وليس هناك طقوس نلتزم بها. يكفينا ورقة وقلم أو شاشة حاسوب أو هاتف محمول على أقل تقدير. نكتب فننطلق دون قيود. نحرر مشاعرنا المكبوتة بكلمات تخرج دون شروط.
لا يجب عليك أن تكون كاتبا أو أديبا لتكتب بل يكفى أن تمتلك ما تود قوله. لا تفكر كثيرا فيما ستكتبه. عندما تفرح أو تغضب، تغلبك حماستك أو تتهيب أمر ما وتشعر أن بداخلك طوفان مشاعر متضاربة تود الحديث عنها ولا تملك أذنا صاغية طوال الوقت فما عليك إلا أن تكتب. اكتب وستشعر بالراحة اكتب وسترى الأمور بشكل أوضح. نظم أفكارك وحدد أولوياتك. ستساعدك الكتابة على المضي قدما في حياتك.
تعد الكتابة وسيلة علاجية يستخدمها الأطباء والمعالجون النفسيون في مساعدة المرضى على التغلب على همومهم ومشاكلهم. ينصحونهم بالكتابة وتمزيق الورق بعد ذلك كوسيلة فعالة للتخلص من الأذى النفسي الذي سببته هذه التجربة المؤلمة. على الورق يمكنك مناقشة نفسك في كل ما يؤرقها بدءا من قلة النوم ومرورا بأي مشكلة يومية ثم انتهاء بالصدمات الحياتية التي ينتهي وقتها ولا ينتهي أثرها.
لا تفكر كثيرا قبل البدء في الكتابة. فقط ابدأ بالكتابة عن نفسك ويومك ثم ستجد نفسك تحملك للحديث عما هو أعمق من ذلك. لا تهتم بتمنيق الكلام أو تصحيح الأخطاء. اكتب! لا تنظر حولك ولا تخشى من كلام الناس. لا أحد يراك ولا أحد يسمعك. اكتب ما يحلو لك. اصرخ وعاتب. زمجر واعترض كما تشاء. أنت وحدك وما تكتبه ملك لك.
أما إن كنت من هؤلاء الذين لا يستطيعون التعبير عن مشاعر الفرح على الملأ فاكتب عن سعادتك. زين كلماتك بالفرحة والصخب والقرقعة وارقص مع عباراتك واضحك ملء شدقيك.
في الكتابة حياة وللكلمات جناحان يحملانك في فضاء رحب من الحرية. اكتب فرحا واكتب كمدا ففي الحالتين أنت المستفيد فربما يمكنك تحويل الدمعة لفرحة.
التعليقات