زيارة الرئيس السيسي إلى ألمانيا تتزامن مع الاحتفال بمرور سبعين عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا.
إن حوار بيترسبرج للمناخ يعتبر من المؤتمرات الهامة، كما أنه يعتبر شبه تجهيز لقمة المناخ القادمة ؛في شرم الشيخ في شهر نوفمبر.
أن الزيارة تأتي أيضا لتقارب وجهات النظر بين الحكومة الألمانية والحكومة المصرية وعلى المستوي الرئاسي، خاصة أن العلاقات المصرية الألمانية علاقات وطيدة وهامة لعدة أسباب أولهم أن الدولتين لهم ثقل كبير في المحافل الإقليمية والدولة، لذلك كان من المهم أن يكون هناك تقارب لوجهات النظر باستمرار وتبادل الآراء في بعض الملفات الهامة.
ومن أهم الملفات التي كانت على طاولة الحوار بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والمستشار الألماني، هو ملف المناخ لأنه أصبح ملف ضروري وهام للحكومات خاصة بعد الحوادث البيئية التي حدثت في السنوات القليلة؛ حيث تأتي دعوة مصر للرئاسة المشتركة لهذا المحفل الهام تقديراً للدور الحيوي الذي تقوم به مصر .
ويعد هذا التطور الذى تشهده العلاقات بين البلدين نتيجة مباشرة لتكثيف التشاور واللقاءات بين الرئيس السيسي والمستشارة الألمانية، خلال السنوات الأخيرة، وقام السيسي بأربع زيارات لألمانيا أعوام 2015 و2017 و2018 و2019
تطورت العلاقات المصرية الألمانية، بعد زيارة الرئيس السيسي الأولى إلى ألمانيا عام 2015، وبعدها اتسع نطاق التعاون الثنائي بشكل لا يقتصر على تعزيز الشراكات الاقتصادية والتنموية والعلمية والثقافية فحسب، بل امتد ليشمل قطاعات جديدة، مثل صناعة السيارات والطاقة وإدارة وتدوير المخلفات والتحول الرقمي والإنتاج الحيواني، وذلك إلى جانب تكثيف التنسيق والمشاورات الدورية السياسية إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وعلى صعيد التعاون السياحي، تحتل السياحة الألمانية إلى مصر المركز الأول من إجمالي السياحة الأجنبية الوافدة للبلاد وقفز عدد السائحين الألمان الذين زاروا مصر إلى 2.5 مليون سائح خلال 2019، لتحتل بذلك المركز الأول في قائمة الدول التي ترسل سائحيها إلى مصر، مقارنة بحوالي 1.8 مليون سائح خلال 2018، وهو ما يمثل زيادة بنحو 38.8% على أساس سنوي.
وفيما يتعلق بالتعاون الثقافي والآثار، زار وزير الآثار ألمانيا في الفترة من 12 إلى 14 مايو 2019، تم خلالها مناقشة الإجراءات التنفيذية لتأثيث متحف "إخناتون" بالمنيا بعد موافقة البوندستاج على تقديم تمويل مبدئي بقيمة مليوني يورو، خلال موازنة عام 2019 مع توفير تمويل إجمالي بقيمة 10 ملايين يورو لإتمام عملية التأثيث خلال السنوات المقبلة.
في مجال التعليم العالي والجامعة الألمانية التطبيقية الجديدة، وقع وزير التعليم العالي والبحث العلمي، على هامش زيارة الرئيس السيسي لبرلين في أكتوبر 2018، اتفاقية إنشاء الجامعة الألمانية الدولية في العاصمة الإدارية الجديدة كأول جامعة للعلوم التطبيقية في مصر، بالاشتراك مع تحالف الجامعات التطبيقية الألمانية والجامعة الألمانية بالقاهرة
وبفضل جهود الرئيس عبدالفتاح السيسي، شهد التعاون العسكري بين مصر وألمانيا، خلال السنوات السبع الماضية تطورا كبيرا للغاية، ودخل مرحلة مختلفة عن السابق.
والتعاون العسكري بين مصر وألمانيا ليس جديدا، لكنه تعزز بوضوح خلال الأعوام القليلة الماضية، عندما تعاقدت مصر مع شركة تيسين جروب الألمانية على شراء 4 غواصات من طراز 209، واستلمت مصر بموجب التعاقد الغواصات الأربع خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2021.
تعد مصر ثالث أكبر شريك تجارى لألمانيا في الشرق الأوسط، وسجل حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2017 أعلى مستوياته بقيمة 5،8 مليار يورو، وعلى الرغم من انخفاض حجم التبادل التجاري عام 2018 إلى 4.48 مليار يورو بنسبة انخفاض 21.7%، إلا أن ذلك حمل بطياته مؤشرات إيجابية للجانب المصري .
حيث يرجع لانخفاض الواردات المصرية من ألمانيا بنسبة 29% مقابل زيادة ملحوظة في الصادرات المصرية غير البترولية للسوق الألماني؛ للعام الثالث على التوالي بنسبة 9.4%.
وارتفع حجم التبادل التجاري في الفترة من يناير- يوليو 2019 إلى 3.012 مليار يورو بزيادة 15% ؛مقارنة بنفس الفترة العام الماضي.
تحتل ألمانيا المرتبة العشرين ضمن قائمة أهم الدول المستثمرة في مصر، حيث يوجد في مصر حوالى 900 شركة ألمانية؛ تعمل في جميع أنحاء مصر، ودائما ما يسعى المسئولون المصريون إلى جذب استثمارات؛ المزيد من الشركات والمؤسسات إلى السوق المحلية.
يبلغ إجمالي حجم الاستثمارات الألمانية في مصر 640.6 مليون دولار حتى نهاية سبتمبر 2019، تتركز في حوالى 1183 شركة بمجالات متنوعة "الصناعة، والسياحة، والانشاءات، والقطاع الخدمي، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات".
وتعد مصر من الدول ذات الأولوية بالنسبة لـ الحكومة الألمانية فيما يتعلق بتقديم ضمانات للاستثمار، وتأتى ضمن أكثر 10 دول حصولا على ضمانات الاستثمار الألمانية، ويبلغ حجم الالتزامات الألمانية إزاء ضمانات الاستثمار الممنوحة لمصر حاليا 18 ضمانا بقيمة 1.4 مليار يورو، بما يعكس ثقة الحكومة الألمانية؛ في مناخ الاستثمار المصري
وهناك اتفاق بين الحكومتان المصرية والألمانية، خلال انعقاد جولة المفاوضات السنوية بين الحكومتين لعام 2021، على تخصيص تمويلات تنموية ميسرة ومنح من الجانب الألماني بقيمة 151.5 مليون يورو، لتمويل 15 مشروعا تنمويا في قطاعات التعليم الفني والتدريب المهني ودعم الابتكار بالقطاع الخاص والهجرة وسوق العمل ؛والإصلاح الإداري والتنمية الحضرية؛ وكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وذلك في إطار العلاقات الاقتصادية ؛المشتركة بين الدولتين بهدف دعم رؤية مصر التنموية؛ وسعيها نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما تعقد مصر أيضا شراكة مع شركة سيمنس الألمانية، في مجال صناعة الهيدروجين الأخضر، في إطار تنفيذ استراتيجية الدولة للتوسع في مجالات الطاقة الخضراء، وزيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، والاهتمام الذى يوليه قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة لتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية، والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية، وبخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، ومن بينها إنتاج واستخدام وتصدير الهيدروجين الأخضر، تماشيا مع التوجه العالمي في هذا المجال.
أن ألمانيا ومصر حريصان على دعم التعاون الثنائي ونقل التكنولوجيا؛ والتقنيات الألمانية إلى مصر؛ وتبادل الخبرات المشتركة.
إن زيارة الرئيس السيسي هامة للغاية على خلفية الوضع الحالي؛ الذي نواجهه جميعا إلى تواجد فرصة جيدة؛ لمناقشة التحديات والخطط المستقبلية؛ التي سيتم اتخاذها على مدى الأسابيع والأشهر القادمة.
التعليقات