نحن بنى آدم لسنا سوى مجموعة خبرات متراكمة نكتسب منها مهارات إيجابية ونحقق بها إنجازات حقيقية، تعالوا يا جميع المتعبين وثقيلى الأحمال نقسم دنيانا إلى ثلاث خانات نستعرض خلالها الخبرات والمهارات والإنجازات، وكأنها كشف حساب سنوى لرصيد مصروفاتنا ومدخراتنا الحياتية، ومراجعة للنفس واستعدادًا لاستقبال القادم من نِعم.. تعالوا نسرد كل التفاصيل فى محاولة للتحرر من قيودها أولًا ونتساءل..
لماذا لا نكتب فى خانة الخبرات...
كيف صبرنا على الشقاء، وكيف تجاوزنا العثرة، وكيف غفرنا الخذلان، وكيف تعاملنا مع كل ما أحاط بنا من تغيرات جذرية عنيفة بحكمة النبلاء، بل وطوعناها لخير أمورنا، وكيف قبلنا أنفسنا وطورناها واحترمنا اختلاف الآخر عنا وتنبهنا أنه لا يصح إجباره على طاعة أفكارنا كما لا يصح إرغامنا على مسايرة أهوائه، وكيف تعلمنا أن البكاء ليس انكسارًا وإنما تفريغ للشحنات السلبية، وأن التغاضى ليس ضعفًا وإنما تسامٍ فوق الصغائر، وأن الاكتفاء ليس استسلامًا وإنما رضا بما يهبه ربنا من خبرات، وأن غلق الصفحات ليس نهاية وإنما هو بداية مُقَدمِة نحو الأفضل لإكمال الطريق باستقامة قلب واستنارة ضمير وتسلحًا بالإيمان مرددين آية الثقة بما يرجى؟
«مَن أنت أيها الجبل الترابى، أمامنا تسير سهلاً».
وكيف أدركنا فى آخر المطاف أن الحياة لا تتوقف على أحد أو عند أحد والآتى دائمًا ممتع ويحمل التعويضات ضعفين عن كل شىء؟
لماذا لا نضع فى خانة المهارات...
كيف تحملنا المسؤولية بمفردنا، وكيف واجهنا التحديات بصلابة، وكيف تصرفنا بشجاعة تحت وطأة أحوال مربكة وخرجنا منها سالمين، وكيف اعتدنا على رؤية الأمور بمنظار الجدية والتعاطى معها بالتزام وحسم وإعطاء كل آدمى منزلته الصحيحة، فلا نغالى فى إكرامه حتى لا يظن أننا ننافق ذاته بحثًا عن امتيازات ولا نُقصّر فى تقديره حتى لا يشعر أننا نجحف حقه رغبة فى التدمير، لماذا لا نعلن كيف تيقّنا مع تغير الأزمنة والأوقات أن شهامة العشرة تُمتحن فى المحن، وأنه من السهل جدًا لملمة ألف شخص فى السنة داخل دوائرنا الاجتماعية، لكن من الصعب جدًا الاحتفاظ بإنسان واحد حقيقى لألف سنة داخل بوابتنا الإنسانية، فالصدق منجى وأبقى من الذكاء الاجتماعى والدهاء المهنى، وأن الصادق هو من يصدقك القول ويواجهك بالآثام وليس مَن يجاريك فى الافتراءات لخدمة منافعه، لماذا لا نضع أمام أعيننا أن المعرفة عالم رحب لا ينتهى وكلما زادت إطلاعاتنا زاد علمنا بجهلنا، ولابد من المزيد العازم على تحقيق الأحلام، فالخطاؤون نوعان، نوع يفكر دون تنفيذ ونوع ينفذ دون تفكير، وكلاهما كارثة ومن بعد تراكم الخبرات واكتساب المهارات كيف توصلنا إلى الخلاصة، وهى أنه ليس مهمًا أن نحيا بل الأهم لماذا نحيا ومن أجل مَن نحيا وما هى رسالتنا.
لماذا لا نسجل فى خانة الإنجازات...
كيف مشينا أولى خطواتنا بنقاوة رغم الأفخاخ، كيف اجتزنا امتحانات السماء بامتياز حتى الآن، كيف تركنا بيتنا القديم وتناسينا الذكريات دون معاناة، كيف انتقلنا من مدرسة إلى أخرى، ومن الجامعة إلى مجال العمل بحرفية وموهبة، كيف تنازلنا عن حقوقنا وأبقينا على كرامتنا مؤمنين بأن الرب يجازى حسب الصنيع، كيف خبأنا أزماتنا عن قلوب أقرب البشر إلينا، كيف تخطينا المتاريس وعبرنا المدى وانتصرنا بشرف، كيف تواضعنا تحت يد الله القوية ليرفعنا فى حينه، وكيف فهمنا الدروس الناتجة عن التجارب، وكيف فرحنا بالنتائج التى وصلنا إليها من تنمية المهارات، وكيف حمدنا الله وشكرناه على ما حققناه من مكانة وقيمة ونعمة فى عيون البشر أجمعين؟!.. فالحياة مسألة حسابية، نأخذ من اليوم عبرة ومن الأمس خبرة، ونطرح التعب والشقاء، ونجمع الحب والوفاء، ونترك التدابير لرب السماء.
التعليقات