بدأ خلال الفترة الماضية حراك رسمي ليبي يتمحور حول الانسحاب الأجنبي من الأراضي الليبية إلى جانب المرتزقة جاء هذا الطلب بتوافق دولي وبخاصة الدول الأوروبية حتى تكون بنية الانتخابات الليبية دون حدوث أي عقبات أو مشاكل.
ووجه رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي طلباً رسمياً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسحب المرتزقة السوريين والخبراء العسكريين الأتراك من العاصمة طرابلس في خطوة متوقعة وليست مفاجئة.
خاصة وأن الرئيس التركي؛ اعتقد أن التصريحات الأخيرة للحكومة الليبية التي قالت: (سنحافظ على الاتفاقيات التي أبرمتها حكومة الوفاق مع الجانب التركي ؛وسنعزز الشراكة مع تركيا).
الطلب اليوم يناقض هذه التصريحات خاصة؛ وأن هناك تطور لافت وخطير بالنسبة لأنقرة ؛وهو أن ليبيا ستتوقف عن دفع رواتب المرتزقة ؛خلافاً لبنود الاتفاقية العسكرية الموقعة؛ مع حكومة فائز السراج السابقة؛ فإن أراد أردوغان الاستمرار في مشروعه عليه أن يجد ممولاً يقوم بدفع رواتب هؤلاء المرتزقة.
تركيا وحكومة السراج كانتا قد وقعتا اتفاقيتين أمنية وبحرية في العام 2019؛ إلى جانب العديد من الاتفاقيات الاقتصادية.
لكن يبدو مع طلب الحكومة الجديدة؛ انسحاب الخبراء الأتراك؛ أن الاتفاقية الأمنية سيتم نقضها لعدم توافقها؛ والظروف الجديدة أو على أقل تقدير تعديلها بما يلائم المستجدات الأخيرة.
وبالتالي أصبحت مجبرة اليوم على الانسحاب والتركيز على الناحية الاقتصادية؛ من خلال تعزيز حضورها الاقتصادي كبديل عن الحضور العسكري.
وتفعيل اتفاقيات قديمة ستعمل على تجديدها خاصة؛ وأن ليبيا ؛أيضاً تحتاج للتنقيب على الغاز في سواحلها ؛من أجل الاستفادة من حصة كبيرة من الغاز .
ولا يمكن أن تخرج تركيا صفر اليدين فإن فشلت عسكرياً ؛لا بد من تفوقها على الصعيد الاقتصادي الأمر الذي سيخلق مشاكل مستقبلية؛ لأن مسألة الاقتصاد مسألة مصلحة تعود لكل دولة على حدى ما يعني أن أنقرة؛ ستصطدم مع القوى الأخرى وفي مقدمتها فرنسا ؛التي تحاول دعم تواجدها وحضورها في ليبيا .
ولعل أول الغيث إعادة فتح سفارتها مؤخراً لتكون أمام حرب اقتصادية جديدة؛ لا تشبه الواقع العسكري الذي عاشته ليبيا خلال عشر سنوات من عمر الأزمة الليبية؛واثناء زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ونظيريه الفرنسي جان إيف لودريان؛ والإيطالي لويجي دي مايو طرابلس الأخيرة طالبوا بموقف وحدهم جميعاً بالانسحاب الفوري للمرتزقة من ليبيا .
كما كان موقف وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش متحداً مع نظرائها الأوروبيين الثلاثة؛ حيث صرحت: “نجدد التأكيد على ضرورة خروج جميع المرتزقة من ليبيا؛ وعلى الفور”، والنداء نفسه وجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقباله محمدالسيد المنفي الرئيس الجديد للمجلس الرئاسى الليبى وأيضاً خلال مكالمة هاتفية من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً.
من جهة أخرى تركيا دائمة التصريح حول أنها مع ما يقرره الشعب الليبي ؛ومع وحدة ليبيا واستقرارها وأن أنقرة؛ فقدت تقريباً كل فرصها خاصة حلمها بالسيطرة على سرت والجفرة؛ ولم يعد أمامها سوى القبول بالاتفاقيات الاقتصادية .
ومن الأسباب الرئيسية التى أدت إلى تعطيل العملية السياسية؛ وتأجيل الأنتخابات فى ليبيا؛يفسر ذلك بغياب توافق في الآراء بشأن الأساس القانوني للاقتراع .
وتضارب في المصالح وبعض الثغرات في وساطة الأمم المتحدة؛
ما أدى إلى فشل في إجراء الانتخابات الرئاسية؛ واقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الأربعاء تأجيل الانتخابات الرئاسية لشهر واحد بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة برلمانية أنه "يستحيل" تنظيمها في موعدها.
وأدى قانون الانتخابات المتنازع عليه وما ارتبط به من شخصيات مثيرة للجدل؛ تعلن نفسها مرشحة إلى توتر على الأرض وبدأ سيناريو التأجيل .
ولزيادة الارتباك استقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا؛ يان كوبيتش الذي كان يعمل من جنيف وبدا بشكل واضح؛ أنه عاجز عن إدارة الملف الليبي قبل شهر؛وعينت الأمريكية ستيفاني وليامز التي عملت في 2020 مبعوثة مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا .
حيث قامت في الأيام الأخيرة ؛بترتيب الاجتماعات بين مختلف الجهات الليبية ؛وتنقلت بين مدن عدة في محاولة واضحة لإنقاذ الملف الليبي ؛المعقد والمتهالك بفعل التدخلات والاستقطاب؛ وبموجب قانون انتخاب الرئيس ومع استمرار عمل ليبيا بوثيقة دستورية "مؤقتة" .
منذ 2011 لا توجد نصوص قانونية توضح وتحدد صلاحيات الرئيس؛ الذي سيتم انتخابه مع استمرار الخلاف حول "مسودة الدستور"؛ المقترحة التي ظلت حبيسة الأدراج ورهينة الخلافات؛ ولم تعرض على الاستفتاء الشعبي منذ سنوات.
وستحمل الأسابيع المقبلة التطورات المتعلقة بمصير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومدى قدرة الأطراف الدولية اللاعبة والمؤثرة في الملف الليبي؛ على التوافق حول موعد يحظى بدعم جميع الأطراف ويضمن تجنب الثغرات القانونية؛ والتحديات الأمنية التي واجهت عملية التنظيم لأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا.
التعليقات