بينما يتابعه الجمهور متألقًا على الشاشة فى مسلسل (حكايتى مع الزمان)، أنهى الفنان الكبير أحمد خليل حكايته مع الزمان، ليبدأ رحلة أخرى تتوقف فيها عقارب الزمان.
لم ألتقِ الفنان الكبير إلا مرات قليلة، أغلبها لا يتجاوز السلام والتقدير الخاص الذى أحمله له وأحرص على أن يصل إليه.. كانت الفرصة مهيأة فى العام الماضى بمساحة أطول من الوقت، أثناء حضوره التكريم الذى أقامه المجلس القومى لحقوق الإنسان للاحتفاء بأفضل الأعمال الدرامية، وكان رأى لجنة التحكيم بالإجماع أنه قدم دوره فى مسلسل (الفتوة) بألق وإبداع يستحق عليه تكريمًا خاصًا.. تأخر قليلا موعد بدء الحفل، ولم يشكل الأمر بالنسبة لى مشكلة.
وقررت أن أقطع الوقت فى حوار مع الأستاذ أحمد خليل، الذى بهرنى بقدرته على متابعة كل تفاصيل الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية، لم يطلب منى بالمناسبة أن أعتبره حديثًا خاصًا، وأن أحتفظ بإجاباته لنفسى، إلا أننى لم أستأذنه، ولهذا لا يجوز أدبيًا بعد الرحيل أن أبوح بشىء منها، رغم أنها لا تحمل ما يمكن أن يُصبح بمفهوم تلك الأيام (تريند)، فهو يزن كلماته وآراءه بميزان من ذهب.
من الواضح أنه من عائلة مثقفة ثرية، والفن جاء إليه أقرب للنداهة، والتحاقه بمعهد السينما قسم تمثيل بإصرار منه، وللعلم تم إلغاء هذا القسم نهاية الستينيات، واكتفت أكاديمية الفنون بقسم التمثيل فى معهد المسرح فقط، رغم أن تكنيك تعامل الممثل مع الكاميرا يختلف تماما عن الوقوف على خشبة المسرح، إلا أن هناك من تحمس للقرار ولا يزال.
لا يستطيع أحد أن ينفى عنه حالة الوهج التى يتركها فى كل دور يُسند إليه، فهو صاحب بصمة خاصة، إلا أنه ليس من هؤلاء الذين يصلون للقمة من أول طله.. أحمد خليل ينتمى إلى فصيل آخر من المبدعين يقتربون للناس بإيقاع مختلف، يملكون خطوة السلحفاة، ويتركون وثبات الأرانب للآخرين.
من الواضح أن زواجه من الفنانة الكبيرة سهير البابلى لم يدم أكثر من عامين وظلا أصدقاء، ولم تتدخل الصحافة كطرف ثالث بينهما، وما أعلنه فى الحوار الطويل الذى أجراه مع الإعلامى محمود سعد يؤكد ذلك، كما أنهما عملا بعدها معًا.. ولو لم تكن العلاقة يحوطها الاحترام، ما كان من الممكن أن يتجدد بينهما اللقاء الفنى، وجاء زواجه بعد ذلك من سيدة ألمانية، ظل حتى اللحظات الأخيرة ممتنًا لها.
أحمد خليل لم أجده يومًا لاهثًا وراء الإعلام للتواجد، ولا يبحث عن (تريند)، ولم يتردد اسمه فى صراع مع أحد، حتى التنافس فى دور (الجراند) مع أقرانه فى نفس المرحلة العمرية، مثل حسن حسنى، ينتهى عادة بنكتة يطلقها حسن ويضحك عليها خليل. روى لى الأستاذ حسن أنه كان خارجا من الاستوديو فى ماسبيرو عام 1999 أثناء تصوير مسلسل (أم كلثوم)، والمعروف أن المخرجة الكبيرة إنعام محمد على تستغرق وقتا طويلا فى التنفيذ، وذلك لأنها تهتم بالتفاصيل، ولهذا كثيرا ما كان حسن يعتذر عن الأعمال الفنية الأخرى، وجزء منها يسند إلى أحمد خليل.. خرج حسن من باب الأستوديو ووجد أمامه أحمد خليل مبتهجا خارجا من الاستوديو المقابل، فقال له حسن: (ما تضحكش قوى راجعلك بعد سنتين تلاتة)، حدث العكس وأحمد خليل قبل يومين ذهب إلى حسن حسنى!!.
التعليقات