علينا أن نفترض أولا حُسن النية، حتى يثبت العكس، هذا هو مبدئى فى التعامل مع الحياة، تعود الخبير السينمائى انتشال التميمى مدير مهرجان (الجونة) فى رسائله الصحفية التى يوجهها للزملاء، أن يبدأها بتوجيه أسئلة من انتشال ليجيب عنها انتشال، أسلوب مختلف فى صياغة البيانات، لم أجده فى أى مهرجان من قبل، فهو يكتب سؤالا أو أكثر يعتقد أنه يدور فى ذهن بعض الصحفيين ليجيب عنه، وتطرق إلى معايير التكريم، لأننا كثيرا ما نسأل لماذا تم اختيار هذا الفنان واستبعاد آخر؟، وفى إطار أراد فيه أن يضع الفنانة الكبيرة يسرا فى مكانة خاصة ينأى بها حتى عن أى مقارنة، قال إن البعض ربما يسأل لماذا لا تُكرم يسرا؟، وأجاب انتشال، لأنها فى اللجنة العليا للمهرجان، ولا يجوز أن تُمنح لها فهى صاحبة البيت.
قراءتى أنا للإجابة أنه يريد التأكيد على شفافية الاختيارات، وضرب مثلا بـ يسرا التى يتجاوز حضورها اللحظى وتاريخها المرصع بالإنجازات الفنية أى تكريم، تسبقها عشرات من الجوائز وينتظرها عشرات مماثلة، كُرمت دوليا وعربيا ومصريا أكثر من 80 مرة، واعتذرت على الأقل عن ضعف هذا الرقم، ولا تُعلن، حتى لا تجرح الفنان الذى وافق بعدها على التكريم.
عقبت يسرا على صفحتها غاضبة، لأنها استشعرت أن الزج باسمها مقصود، رغم أن انتشال أراد وضعها فوق حاجز التكريم، ذكرت يسرا أسماء عديدة- مثل هند صبرى ويسرى نصر الله وغيرهما- لم يمنع عنهم وجودهم فى اللجنة التكريم أو المشاركة فى فعاليات أساسية بالمهرجان، كما أن يسرا أيضا كثيرا ما ساهمت فى تقديم الحفل والغناء مثل (3 دقات)، الأمر إذًا ليس على هذا النحو، والمثل الذى ضربه انتشال لم يكن صحيحا، إلا أن هذا لا ينفى حُسن نواياه.
ويبقى الحديث عن جائزة الإنجاز (نجمة الجونة الذهبية) التى يتم منحها مصريا وعربيا ودوليا، فهى بحاجة إلى قدر من الانضباط، خاصة فى الجانب المصرى، وهو ما دفع مثلا خالد الصاوى العام الماضى أن يذكر على المسرح، أسماء عدد من النجوم الكبار الذين يستحقون الحصول عليها، حتى يرفع عن نفسه الحرج.
أول من نالها عادل إمام فى الدورة الأولى 2017، وكانت ضربة بداية موفقة، ذهبت حقا لمن يستحقها، عادل بطبعه مقل جدا فى تلبية مثل هذه الدعوات، إلا أنه بالطبع وافق لأنها أيضا من صديقه نجيب ساويرس، فى العام الثانى تأكدت ملامح الجائزة عندما حصل عليها المخرج الكبير داود عبد السيد، فهى تمنح للإنجاز التاريخى للفنان، إلا أن نفس هذه الجائزة ذهبت فى العام الثالث إلى محمد هنيدى، والأمر ليس له علاقة قطعا بالكوميديا، وأهمية تكريمها، ولكن كيف بعد عامين فقط من حصول عادل على الجائزة ينالها تلميذه محمد هنيدى؟!.
لماذا لا يتم وضع خط فاصل وتمنح جائزتان، واحدة للتميز لأحد الفنانين الذين لا يزالون فى ذروة سنوات العطاء مثل أحمد السقا الذى يحصل عليها هذا العام، وأخرى للإنجاز فى المشوار مثلما حدث مع عادل وداود ومهندس الديكور أنسى أبوسيف؟.
أكرر قناعتى أن السؤال الذى كتبه انتشال وأجاب عنه انتشال، تغلفه حُسن النوايا، إلا أنه يفتح الباب أمام السؤال الذى لم يسأله انتشال، وهو عن ضرورة وضع إطار محدد للجائزة، بعد أن باتت لُغزًا محيرًا يزيده ضبابية حُسن النوايا!!.
التعليقات