من أهم الرحلات الاستطلاعية الصحفية التي قمت بها كانت داخل (حصن المنترب) بسلطنة عمان، أقدم الحصون في ولاية بدية، بعد قلاع الواصل الشهيرة، وحصن الشارق في تاريخ الولاية، التي خاضت ملاحم بطولية، فقام ببناء (حصن المنترب) قبيلة الحجرين، وذلك في أوائل القرن السابع الهجري ، وقد رمم في عهد الأمام عزان بن قيس عزان البوسعيدي 1285ه إلى 1288 ه الموافق 1871م إلى 1886م
و(حصن المنترب) يتواجد على مدخل المدينة الرئيسية، في بدية بسلطنة عمان، وهو مشرف على واحة خضراء، ويبعد بحوالي 189كم من مسقط .
وكان يحيط بهذه الحصن سور من الجهات الأربع، ويبعد عن المبنى الرئيسي للحصن بكافة الاتجاهات بنحو أربعين مترا إلا إن هذا السور اندثر بفعل الأودية والسيول، ولم يعاد بناءه مرة أخرى.
ويتكون السور من أربعة أبراج وبوابتين، ويعتبر حصن المنترب مستطيل الشكل، باستثناء السور الخارجي المندثر ويتميز بموقعه الاستراتيجي، فهو يتوسط قرية المنترب مركز الولاية.
ويقع عند ملتقى الطرق المؤدية، إلى قرى شاحك والراكة والحوية، واستخدم الحصن كمركز لعموم أهالي ولاية بدية، بعد انتقال مركزية الولاية من قرية الواصل، إلى قرية المنترب وذلك في منتصف القرن السابع عشر الهجري .
وكان للحصن دورا أساسيا في السلطة التشريعية، حيث كان مقرا للهيئة القضائية والتنفيذية في آن واحد، بحيث يكون الوالي هو القاضي والعكس صحيح ، أو يتولى القضاء هيئة مستقلة، إلى جانب الوالي يعملان معا تحت مظلة تحت مظلة العدل، بهذا الحصن بهذا الحصن.
أما الدور الأرضي يتكون حصن المنترب ،من دور ارضي ودورين علويين، أما الدور الأرضي فتتوزع مرافقه إلى بوابة متوسطه، تغلق ببابين كبيري الحجم.
فالباب الأول منعا حديدي والثاني خشبي تتوسطهما فتحة دائرية، تقع في الدور الأول من الحصن يهدف من خلالها إلى إسقاط الدبس ( العسل المغلي) على الأعداء في حالة اقتحام الحصن .
والمدخل الرئيسي للحصن يتسع لجلوس ما يقرب من عشرين عسكري من عساكر الحصن، كما يوجد على شمال المدخل برزه الوالي، وسقفها مسقوف على شكل (الكفي) ويطلق عليه علماء الآثار شكل خلية النحل .
وأهم ما يميز حصن المنترب إن سقفه على شكل (خلية النحل )، ولم يدخل في بناء أسقفه أجذع النخيل، وذلك بسبب عدم توافر أخشاب النخيل ،في تلك الفترة بقرية المنترب، حيث تزامن بناء الحصن مع بداية الاستقرار في القرية وشق فلجها .
وكانت النخيل لا تزال صغيرة نسبيا وآثر أهالي القرية ،عدم التضحية بالغذاء مقابل الدفاع . في حين أن غالبية القلاع والحصون في سلطنة عمان سقفت باجذع النخيل ودخلت الأخشاب في بنائها .
وبالعودة إلى مرافق الحصون الرئيسية فتوجد غرفة ملحقة بالبرزة، تستخدم للمشاورات المهمة واللقاءات الرسمية ،مع مبعوثي الدولة من مندوبين .
ويوجد بالقرب من البرزة المسجد،وله بوابة وحيدة ويستخدم لأداء مختلف الشعائر الدينية ،ويوجد أمام المسجد فناء يرتبط مع المسجد بجدار صغير لأداء بعض الصلوات كالعصر والمغرب والعشاء والفجر ،أما الظهر فتصلى بداخل المسجد .
ويوجد بالدور الأرضي غرفة خاصة بالوالي ، تستخدم كسكن للوالي وعائلته ولكن في بعض الفترات كان سكن الوالي خارج الحصن ،وتستخدم هذه الغرفة للراحة فقط.
وغرفة خاصة بالقاضي تستبدل لتبادل الرأي والمشورة، مع علماء الفقه وأصول الدين . وكذلك غرفتين للعسكر، ومخزن لتخزين المواد الغذائية من التمور والأرز والشعير والبن والملح والأسماك المجففة .
ويوجد بالدور الأرضي من مرافق الحصن ،غرفة خاصة بعقيد العسكر يوضع بداخله كافة الذخائر المختلفة، من بنادق وباروت ومدافع، كما يوجد بالحصن ،سجنين رئيسين الأول على يمين البوابة.
ويوجد بوسط الحصن وبالتحديد في الدور الأرضي بئر ماء تستخدم للشرب والطهي، ولمختلف الأمور الحياتية الأخرى،وكذلك مطبخ صغير . ونشير إلى أن أي قلعة أو حصن من قلاع عمان لابد أن يتواجد بها بئر ماء تحسبا لأي حصار عسكري .
كما يوجد على يمين البوابة، سلم للصعود للدور الثاني، من الحصن مرورا بالدور الأول، وكذلك يوجد بالجهة الشمالية من الدور الأرضي، بالحصن سلم آخر من الدور الأرضي مرورا إلى الدور الأرضي مرورا إلى الدور الثاني من الحصن .
أما الدور الأول من الحصن وبالتحديد في الركن الجنوبي فيوجد ليوان استخدم هذا الليوان أثناء السلم لتعليم القرآن الكريم واللغة العربية والنحو .
وفي إثناء الحرب استخدم لعسكر الحصن، وأهالي القرية للدفاع عن الحصن لأنه مزود بشرفات ومراني وثقوب ( فتحات صغيرة)، الغرض منها مد أعماق المدافع والبنادق في العصر الحديث، والرماح والسهام في العصور الغابرة .
أما الدور الثاني من الحصن فهو مفتوح على الفضاء الخارجي، وشرف على قرية المنترب وبعض القرى المجاورة كالجاحس وشاحك والراكة والغبي .
ويبلغ عدد السروج التي تعلوا جدرانه الأربعة ،من كافة الاتجاهات 246 سرجا وهي عبارة عن نمط معماري إسلامي فريد، يستخدم للزينة أثناء السلم وللدفاع أثناء الحروب، والسروج دائما ما تعلوا جدران القلاع والحصون والأبراج .
والحصن مزود بالعديد من التراثيات المختلفة، لكي تضفي على الحصن شئ من الجمال ،وتربط السائح بالحياة العمانية القديمة، كالبنادق ومنها بنادق الصمعاء، وأبو فتيلة والعماني والمصلبخ وكذلك المناديس والكتب التراثية ، والشمل وبسط الرسل العمانيى والسيوف والتروس والخناجر، والفخاريات المختلفة وكتوف الجمال والسعفيات.
التعليقات