يعتبر ارتفاع ضغط الدم من أبرز مسببات الموت والمشاكل الصحية في العالم، وإن متابعة ضغط الدم وقياسه بشكل دوري أمر في غاية الأهمية، ويشكل قياس ضغط الدم باستخدام مقياس ضغط الدم الزئبقي (Mercury Sphygmomanometers) المعيار المرجعي والقاعدة الذهبية لقياس الضغط بشكل عام وذلك بناءًا على الخبرة والتجربة الطويلة، وبالرغم من وجود عدة أنواع لأجهزة قياس الضغط مثل الأجهزة الإلكترونية، إلا أن الجهاز الزئبقي هو الأكثر دقة لقياس ضغط الدم غير المباشر حتى الآن، ولذلك يستخدم بكثرة في العيادات الطبية كما يعتمد عليه خلال إجراء الدراسات الوبائية، ومن الجدير بالذكر أن وحدة قياس ضغط الدم حتى الآن هي ملليمتر زئبقي (mmHg).
يتكون جهاز الضغط الزئبقي من كفة (Cuff) توضع على الذراع عادة، وطوق واسع يمكن أن يملأ بالهواء، ومنتفخ مطاطي ليضخ الهواء في الطوق، وسماعة الطبيب لسماع الأصوات المختلفة الصادرة، بالإضافة إلى الأنبوب الزجاجي الذي يحتوي على الزئبق السائل ذي الكثافة العالية، وهو خيار مناسب لمهمة إظهار قيمة الضغط لأنه يحتاج إلى وقت قصير نسبياً للارتفاع في العمود.
طريقة قياس الضغط بالجهاز الزئبقي
تتم عملية قياس ضغط الدم بالجهاز الزئبقي بطريقة غير مباشرة؛ حيث يتم قياس الضغط الشرياني عند تطبيق الضغط عليه، وفيما يلي خطوات قياس الضغط بالجهاز الزئبقي:
- يوضع الطوق المطاطي حول الذراع، وتسمع الأصوات المنبعثة نتيجة تدفق الدم الشرياني عبر سماعة الطبيب.
- يملأ الطوق المطاطي بالهواء لدرجة كافية للضغط على الشريان الموجود في الذراع، حتى يتم منع تدفق الدم خلال الشريان واختفاء الأصوات التي كانت واضحة عبر سماعة الطبيب.
- يبدأ تفريغ الهواء التدريجي للطوق المطاطي، وإن القراءة التي تظهر عند سماع الصوت من جديد تعد القراءة القصوى لضغط الدم وتعرف هذه القراءة بضغط الدم الانقباضي (Systolic blood pressure).
- تستمر عملية تفريغ الهواء ببطء ويعود الدم بالتدفق عبر الشريان وتعود الأصوات للظهور.
- تقل الأصوات تدريجياً مع عودة تدفق الدم للوضع الطبيعي، وعند لحظة معينة تختفي الأصوات من جديد، وإن قراءة ضغط الدم عند هذه النقطة التي اختفت فيها الأصوات تعرف بضغط الدم الانبساطي (Diastolic blood pressure).
دقة قياس الجهاز الزئبقي
هناك بعض الخطوات المهمة والواجب اتباعها لضمان قياس دقيق لضغط الدم باستخدم الجهاز الزئبقي:
- جلوس الشخص بعد استرخائه.
- الانتباه لوجود الطوق المطاطي على مستوى القلب، وبقاء الذراع مثبتة وغير متحركة؛ إذ إن الحركة قد تعطي قراءة أعلى للضغط.
- استخدام الطوق المطاطي ذي الحجم المناسب للذراع، لأن استخدام الطوق المطاطي ذي الحجم الأكبر يقلل من التقدير الصحيح للضغط، بينما يزيد الحجم الصغير من قراءة الضغط، بالإضافة إلى ضرورة الانتباه لوضع الطوق المطاطي على الذراع مباشرة وليس فوق ملابس المريض.
- تجنب قياس الضغط في حال كان المعني قد بذل مجهوداً بدنياً قبل وقت قصير من القياس، أو في حال كان المريض يعاني من التوتر أو القلق وقت القياس، وعليه يجب أن يستريح المعني قليلاً لمدة 3 إلى 5 دقائق قبل إجراء الفحص.
- تجنب قياس الضغط إذا كان المريض يشعر بعدم الراحة والانزعاج لأي سبب كان مثل الشعور بالبرد أو الحاجة لدخول الحمام.
- تجنب قياس الضغط في حال كان المريض قد تناول أي من المشروبات المحتوية على الكافيين أو الكحول خلال 30 دقيقة قبل الفحص.
- التزام المعني الصمت خلال الفحص، وذلك لأن التحدث قد يؤثر في صحة ودقة نتيجة القياس.
- قياس ضغط الدم في الذراعين اليمنى واليسرى لمعرفة فيما إن كان هناك فرق بينهما، وذلك خلال الزيارة الأولى للطبيب.
- ضمان صيانة الجهاز ومعايرته حسب تعليمات المصنع، والتحقق من صحة قراءته ودقته بالرجوع إلى مقياس مرجعي موثوق، مع ضرورة التأكد من سلامة الجهاز قبل البدء بفحص؛ إذ يجب أن يكون مؤشر الزئبق على القراءة صفر.
- بقاء عمود الزئبق بطريقة عمودية خلال عملية القياس.
مخاطر استخدام جهاز الضغط الزئبقي
تعتبر مادة الزئبق بجميع أشكالها الكيميائية المتوفرة مادة شديدة السمية للإنسان والحيوان، وتكمن خطورة أجهزة قياس الضغط المحتوية على الزئبق في حال خرجت مادة الزئبق من الأجهزة المكسورة أو المهملة إلى البيئة المحيطة؛ حيث إن استنشاق الزئبق عالي التركيز قد يسبب التهاب القصبات الهوائية (Bronchitis)، والتهاب الرئة (Pneumonia)، كما يتأثر الجهاز العصبي المركزي، بينما تظهر أعراض الارتعاش، ورجفة عضلات الأصابع والجفون والشفاه عند استنشاق الزئبق لمدة طويلة، وفي حال تعرض الإنسان لها بشكل مزمن بسب العمل فقد تؤدى لحدوث بيلة بروتينية (Proteinuria) أي ظهور البروتين في البول، والمتلازمة الكلوية (Nephritic syndrome)، والتهاب اللثة، وفرط اللعاب ذي الطعم المعدني، كما تتأثر الأسماك بدخول الزئبق في السلاسل الغذائية لها وتراكم مركبات الزئبق العضوية داخل أنسجتها، ومن الجدير بالذكر أن الاستخدام الطبي للجهاز الزئبقي بدأ يقل تدريجياً، وبدأ الاعتماد على بدائل فعالة وموثوقة لا تحتوي على الزئبق، وأكثر ملاءمة للاستخدام اليومي والمتكرر.
تفسير قراءات ضغط الدم
يقوم الطبيب بتقييم قراءات ضغط الدم للفرد اعتماداً على معدل قرائتين أو أكثر تم قياسها خلال 3 زيارات للطبيب، وعليه يندرج المعدل ضمن إحدى فئات ضغط الدم الرئيسية الأربعة، وفيما يلي توضيحها:
ضغط الدم الطبيعي:
يقيم الضغط ضمن المعدل الطبيعي إذا كان الضغط الانقباضي أقل من 120 مليمتر زئبقي وكان الضغط الانبساطي أقل من 80 مليمتر زئبقي، وعلى الفرد أن يحرص على اتباع نظام حياة صحي للحفاظ على معدل الضغط الطبيعي.
ضغط الدم المرتفع:
وفي هذه الحالة تكون قيمة الضغط الانقباضي تتراوح بين 120 و129 مليمتر زئبقي بينما يبقى الضغط الانبساطي أقل من 80 مليمتر زئبقي، ويجب على الفرد في هذه الحالة اتباع أسلوب حياة صحي والحفاظ عليه لمحاولة منع حدوث مرض فرط ضغط الدم (Hypertension) أو تأخير حدوثه.
المرحلة الأولى لفرط ضغط الدم:
وهنا يكون الفرد قد بدأ بأولى مراحل مرض فرط ضغط الدم؛ حيث تكون قيمة الضغط الانقباضي تتراوح بين 130 و139 مليمتر زئبقي، أو قيمة الضغط الانبساطي تتراوح بين 80 و89 مليمتر زئبقي، وفي هذه الحالات تجدر مراجعة الطبيب إلى جانب اتباع نظام حياة صحي.
المرحلة الثانية لفرط ضغط الدم:
في هذه المرحلة يكون الضغط الانقباضي 140 مليمتر زئبقي أو أكثر، أو يكون الضغط الانبساطي 90 مليمتر زئبقي أو أكثر، وتجب مراجعة الطبيب لوصف العلاجات المناسبة للحالة مع الاستمرار باتباع نظام حياة صحي.
التعليقات