أعلم علم اليقين أن برامج المقالب هي برامج معترف بها في مجال الفن منذ سنوات، وأنها أخذت شعبية كبيرة في أغلب الأحيان من فضول الجمهور في معرفة ردود الأفعال غير المتوقعة من الضحايا أو سيئ الحظ، وكيف يضع كل مشاهد نفسه مكان الضحية؟
وقد يتخيل أنه أحسن حالاً منه لو تم تبادل الأدوار ثم ظهرت فكرة برامج المقالب في الشخصيات العامة والمشهورة، وغالباً يستعين مدبر المقلب بزملائه والشخصيات المشهورة الموجودة في شبكة علاقاته حتى يمرر الحلقة ولا يغضب الضيف لدرجة الامتناع عن الموافقة بعرض الحلقة وبالتالي استمرار البرنامج وهنا نعلم جميعا إن ترتيب الجمهور في نجاح تلك البرامج من وجهة نظري ليس الأول في الصدارة بمعنى أن الضيف إذا رفض عرض الحلقة فلن يجد الجمهور برنامج يشاهده وتحكم الفضول الانسانى فيه للمشاهدة.
ولكن مع كل غضب الضحايا من المشاهير والتي وصلت للسب والتلفظ بألفاظ تخدش الحياء نجدهم يتبادلون التهاني والقبلات ويصرحون بموافقتهم على عرض الحلقة رغم ما تعرضوا له من ضغط عصبي ونفسي وأحياناً جسدي وإصابات ومع ذلك لست بصدد الحديث حول لماذا يعترضون ثم يوافقون فهذا شان داخلي بين زملاء المهنة الواحدة ولكن أن يصرح أكثر من مقدم لتلك البرامج وفى كل حلقة بأنهم يقومون بتلك البرامج مضطرين تحت ضغط الجمهور (عايز كده)! فهو ما استهجنه وانتقده بشده والمفزع أن يصرح أحدهم أن المشاهدين يستمتعون بمعاناة الفنان وان البرنامج تم بناء على رغبة الجمهور وانبساطه واستمتاعه بما يراه من دموع وآلام يعانى منها الفنان وهو يتخيل موته في كل لحظة!
إذا كان ما يصرحون به في برامجهم لغسل أيديهم من شهوة المال وعالم الشهرة فعفواً لن نسمح بهذا فتلك البرامج تدر على كل أطرافها دخلاً كبيراً بدءاً من المنتج إلى الضحية التي نتألم معها على حق بل ونطلق لعناتنا على مدبر المقلب ثم نحبط بعد سيل القبلات التي يتم تبادلها مع ضحية الحلقة والذي يتقاضى نظير آلامه مبلغًا غير زهيد من المال.
وتكمن خطورة الأمر في ترسيخ فكرة مرعبة وهى التلذذ بتعذيب الآخرين والتمادي في إخراج المقلب بشكل يحمل مغامرة تهدد حياة الضحية، ويكفى في إحدى حلقات تلك البرامج بكى فيها الفنان الضحية بحرقة خوفاً على أولاده وزوجته ولتهدئته في نهاية الحلقة أكد له الفنان أيضاً مقدم المقلب أننا نحقق رغبة الجمهور في أن يشاهدك تعانى وتتألم لأنه يراك في حياتك مرتاح وسعيد وهذه رغبة الجمهور وكانت تكفى نظرات الاستنكار والألم في عين الفنان الضحية، وهو يتخيل أن آلامه مصدر سعادة لجمهوره.
تلك البرامج خرجت عن السيطرة وأصبحت دعوة للغير بتقديم تلك النوعية وفتح باب المغامرة فيها للنهاية وتقديم مبرر هزلي خطير لتمريرها جماهيريا.. ولا أخفيكم سراً اننى أحيانا لا أتعاطف مع الضحية والمنساقة لمقلب إما تدركه أو غافلة عنه وفى النهاية توافق على عرض الحلقة وتؤكد استمرار تلك البرامج والتي أحذر أنها أصبحت خطرا على مقدميها وضيوفها والجمهور الذي نغير طبيعته الإنسانية بالبطيء وهذا قمة الخطورة التي نحذر منها وننادى بالإنسانية والرحمة والرأفة بالغير فلا يجب أن نندهش من حوادث تعذيب لأطفال أو حيوانات من قبل أطفال آخرين أيضا.
تلك المشاهد التي نعتبرها ضحك وتسلية قد تغير من تركيبة المجتمع بالتدريج وأقرب الفئات استجابة هم الأطفال خصوصا إذا كان مقدمي تلك البرامج لهم شعبية وقبول.
التعليقات