زرت سلوفاكيا الأسبوع الماضي مع وفد إعلامي إماراتي بدعوة من هيئة السياحة السلوفاكية وشركة "فلاي دبي"، لاكتشف روعة هذا البلد الأوروبي الواقع وسط القارة الخضراء حيث تحتل سلوفاكيا اليوم مـوقعـًا مهمـا فـي وسـط أوروبـا، فهـي جسـر يـوصـل بيــن النمســا وأوكرانيا والمجـر وبـولنـدا وهـذا يعطيـها دورًا استـراتيـجـيًــا فـي أوروبــا الجـديـدة التـي ظهــرت بعـد سقـوط الاتحــاد السوفيتي، غير أن سحر الطبيعة في سلوفاكيا جعلها واحدة من أهم مناطق السياحة في أوروبا .
تجولت خلال الرحلة التي نظمتها شركة "آيريس ميديا"، في مختلف انحاء هذه الدولة الأوروبية الوادعة لاكتشف جمال الطبيعة فيها وعذوبة المناخ وتنوع الخدمات السياحية فيها وخاصة السياحة العلاجية التي تعتبر الأهم على مستوى أوروبا، ويقال أن السياحة العلاجية بدأت في سلوفاكيا عام 1711 لتصبح موردًا هامًا للدخل القومي نظرًا لانتشار الينابيع والعيون الحارة، والتي بنيت فوقها الفنادق والمنتجعات والمصحات العلاجية.
"براتسلافا" على ضفاف نهر الدانوب
منذ وصولنا إلى العاصمة ذهبنا لتناول الغذاء على متن أحد السفن السياحية الراسية على ضفاف نهر الدانوب لكي نشاهد من هناك أشهر معالم براتسلافا قلعتها الشهيرة والجسر المعلق فوق النهر مع البرج المائل .
يوجد في براتسلافا الكثير من الأبنية الأثرية، وفي البلدة القديمة توجد دار الأوبرا الأثرية والمطاعم والملاهي ويعتبر التنزه بها متعة رائعة .
كما أن فيها العديد من المجمعات التجارية وأخيرًا افتتح بها مجمع يقع على النهر مباشرة ويعتبر من أجمل المجمعات التجارية في أوروبا وفيه مباشرة فندق 5 نجوم.
إلى بلدة بيشتني
في اليوم الثاني للرحلة توجهنا شمالًا حوالي 85 كم لكي نصل إلى بلدة "بيشتني" لؤلؤة سلوفاكيا وهي بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة وتقع على نهر "الفاه" أهم أنهار سلوفاكيا، وتعيش بشكل أساسي على السياحة ويوجد فيها الكثير من المقاهي والمطاعم والمحلات والمجمعات التجارية كما يوجد فيها أماكن ترفيهية أخرى.
مصحات "بيشتاني" مشهورة منذ مئات السنين حيث يؤمها سنويًا أكثر من 10 آلاف سائح الماني وآلالاف من العرب، و تقع في جزيرة بين ضلعي نهر "الفاه" ويصل بينهما جسر طوله حوالي 100 متر وعلى بداية الجسر يوجد شعار المدينة، وهو نصب تذكاري لشخص يكسر عكازه وكأنهم يقولون "لن يكون بحاجة للعكاز من يأتي إلينا".
لقد بنيت المصحات بين أحضان طبيعة خلابة فوق ينابيع المياه الكبريتية المعدنية الحارة، وتتفرد عن معظم مصحات العالم بطينها الكبريتي العلاجي الذي يخرج من باطن الأرض وله خواص علاجية عجيبة والمصحات عبارة عن فنادق مختلفة اقتصادية وفاخرة، ويتم العلاج في الفندق نفسه، كما أن معظم رواد المصحات من المرضى ومن الأصحاء أيضًا الذين يرغبون في الاستجمام والاسترخاء .
يعود تاريخ مصحات مدينة "بيشتني" إلى 1549، ودراسات علمية تعود الى 1923 مع تقديم أول دراسة موثقة حول العلاج بالطين الكبريتي والخصائص العلاجية لمياه ينابيعها الحارة.
المدينة التي حققت شهرة واسعة في أوساط النبلاء وأمراء الأسر الحاكمة والأرستقراطية في القرن الرابع عشر رغم بدائية الأساليب، تقف اليوم على أمجاد الماضي وازدهار الحاضر بمجموعة من المصحات التي تجمع بين العلاج الطبيعي بأعلى معايير الجودة العالمية وفخامة الإقامة التي تتنوع بين 3 إلى 5 نجوم، بمصادر وإمكانيات وتقنيات وخبرات جعلت من المدينة قبلة الباحثين عن العلاج الطبيعي والتأهيلي من مختلف دول العالم خصوصًا لمن يعانون من الأمراض الروماتيزمية وبعض أمراض جهاز الحركي وآلام المفاصل وبعض أمراض العمود الفقري وعلاج الحالات الناجمة عن الحوادث وحالات ما بعد الجلطات الدماغية.
في "ترميا بالاس"!
منتجع "ترميا بالاس" كان مكان إقامتنا في بيشتني الجميلة ويوفر للزوار نحو 60 الى 80 برنامجًا علاجيًا بعدد 24 جلسة في الأسبوع، وأن البرامج المخففة تشمل 18 جلسة أسبوعيًا، كما تقدم مصحات "الاسبلانادا، بالاس، غراند، اسبليندد"،الإقامة لنحو 1400 شخص في اليوم مع الأخذ في الاعتبار قدرتها على تقديم ما يقارب نحو 6 آلاف علاج يومياً.
كل العلاجات تعتمد على مصادر الطبيعة والتي تشمل المياه المعدنية الحارة، والمياه الكبريتية الحارة، والمياه المالحة الحارة، والطين الحار فضلًا عن وجود قسم كبير للعلاج الطبيعي تتوافر به كل الأجهزة المتطورة وأحدثها والتي تشمل أجهزة العلاج المغناطيسي والعلاج الكهربائي فضلًا عن توافر برامج التجميل ومساجات الاسترخاء وغيرها.
التاريخ في قلعة بوينيتسة
بصراحة سلوفاكيا هي بلد القلاع والحصون والقصور الأثرية المتواجدة في كل مكان ولعل أهم وأجمل هذه القلاع على الإطلاق هي قلعة بوينيتسة وقد فازت في عدة استفتاءات أوروبية كأجمل قلعة في أوروبا.
لقد كان في استقبالنا لدى الوصول ممثلي هيئة السياحة في "ترنجين" وعدد من الصقارين وهم يحملون طيورهم على بوابة القلعة التي امضينا فيها قرابة الساعتين للتعرف على أقسامها ومقتنياتها الفاخرة والكهف الأسطوري في الأسفل.
وعلى بعد 10 كم من "ترنشين" تطل علينا بلدة "ترنشانسكة تبليتسة"، عدد سكانها 3 آلاف نسمة، وفيها أقدم وأعرق المصحات في سلوفاكيا وربما في العالم حيث يزيد عمرها عن 415 سنه.
تقع مصحات "ترنشانسكة تبليتسة" وسط الغابات في سهل ضيق بين جبلين مع بارك طبيعي وبحيرة وهي عبارة عن فنادق مختلفة، 2 – 4 نجوم، فوق ينابيع المياه المعدنية والكبريتية الحارة وتتم المعالجة داخل كل فندق و فيها الكثير من المقاهي والمطاعم.
في مصحة الأفروديت
وصلنا في اليوم الثالث رحلتنا الي مصحة الأفروديت بمدينة "رايتسكا تيبليتسا" في إقليم "جيلينا" قبل العصر، وكان المشهد رائعًا جدًا حيث المصحة تبدو وسط الجبال الخضراء والبحيرات والجدوال المحيطة بها كتحفة معمارية فريدة.
تقدم هذه المصحة لزوارها ومرضاها خدمات علاجية وفندقية على مستوى رفيع وذلك ليس فقط بسبب استخدام المواد الطبيعية مثل الرخام الفاخر والذهب في بناء مرافق وبهو الفندق بل وكذلك بتقديم أرقى الخدمات العلاجية.
تقوم المصحة اليوم بعلاج أمراض الجهاز الحركي، أمراض الجهاز العصبي المركزي وإعادة التأهيل بعد العمليات الجراحية كما تستخدم العلاجات في الوقاية من هذه الأمراض.
يمتاز الموقع الجغرافي للمصحة بالمناخ المعتدل وصفاء الهواء من الملوثات المسببة للأمراض الصدرية، وبفضل هذا المناخ فإن المصحة تقوم بعلاج الأمراض الصدرية والحساسية المزمنة.
يتضمن قصر "الأفروديت" مائة وعشرة وحدة سكنية من فئة 4 و5 نجوم والتي تشمل الشقق الفاخرة والمطلة على أحواض المياه العلاجية المعدنية، والأجنحة الذهبية أو الديلوكس بها تقدر مساحتها بـ٧٥ متر مربع، والأجنحة الفضية بمساحة ٤٥ متر مربع.
توفر هذه الأجنحة أرقى مستويات الراحة والرفاهية لزوارها من التكييف المركزي، والشرفات المطلة على المناظر الجبلية الخلابة، كما أنها مزودة بالإنترنت، والقنوات العربية، وتتوفر أيضًا في قصر الأفروديت الغرف الفندقية بمستوى الديلوكس والمستوى العادي لتتناسب مع الأفراد أو الأزواج، إضافة إلى ما ذكر تقدم المصحة خدمات السكن في الفلل والتي تبعد ١٠٠ متر من المركز العلاجي للمصحة تتضمن هذه الفلل مواقف خاصة للسيارات وفناء واسع للأطفال.
العلاجات الطبية
منذ القرن السابع عشر اكتشف الأطباء والباحثين القيمة العلاجية لينابيع المياه المعدنية الحارة والطين الطبيعي في مدينة "رايتسكا تيبليتسا" بعد أن تم تحليلها وإجراء الاختبارات عليها، وعلى اثر ذلك تم إقامة مصحة "الافروديت" الشهيرة والتي يقصدها المرضى من كافة انحاء الدول الأوربية كألمانيا، والنمسا، وبريطانيا، و وروسيا بسبب الموقع الجغرافي المميز حيث تبعد حوالي 200 كم عن مطار النمسا الدولي، وتقدم المصحة ثلاث باقات علاجية مختلفة بالإضافة إلى باقات الاستجمام.
تمتاز مصحة "الافروديت" بوجود الأطباء الاختصاصيين في مجالات العلاج الطبيعي، وجراحة العظام والمفاصل، والطب الباطني، وطب الأعصاب، وتشمل الأمراض التي يتم علاجها في المصحة: التهابات المفاصل المزمنة بجميع أنواعها، وأمراض خشونة المفاصل والركب والحوض والاكتاف، وإعادة التأهيل قبل وبعد تركيب المفصل الاصطناعي، وإعادة التأهيل لأمراض الظهر سواء انزلاق الفقرات أو خشونة الفقرات أو كسور الفقرا، والتضيقات، كما أن المصحة تعمل على إعادة التأهيل بعد حوادث الجهاز الحركي عامة مع شرط عدم وجود شلل كامل.
كما تتضمن إعادة التأهيل قبل وبعد جميع عمليات الجهاز الحركي: العظام، والمفاصل، والعضلات، والأعصاب، والتهابات الجهاز العصبي المركزي والطرفي، والشلل الدماغي أو الشلل المخي الطفيف، والشلل الرعاشي.
التعليقات